تونس- الصباح تشكل مائوية الفنان الرومانسي الهادي الجويني مناسبة لاستحضار أمرين هامين يميزانه عن سواه من الفنانين أولا أغانيه التي لا تشبه غيرها والتي سافر البعض منها إلى ما وراء البحار وردّدت بأكثر من حنجرة على غرار "لاموني إلي غاروا منّي" التي غنتها حناجر كالراحلة ذكرى ومليحة التونسية ولطفي بوشناق وعلاء زلزلي وغيرهم أو"تحت الياسمينة في الليل" التي ضمنها الفنان المصري محمد منير ألبومه الأخير "طعم البيوت".. هذه الأغاني لم تكن لتشتهر لولا صدق معانيها وعذوبة لحنها وروعة آداء صاحبها الأصلي.. أما الأمر الثاني فيتعلق بشخصية عم الهادي الجويني ذاتها وتلك الابتسامة العريضة التي لم تكن تفارقه وتلك الوقفة وهويمسك بعوده والتي تذكرنا بصورة "التروبادور" المتشبّث بقيتاره بينما ينساب لحن السيرينادا ليحمل الحبيبة وكل من تصل إليه نغماتها إلى عالم الموسيقى الرومانسية الحالمة. أكثر ما يشد المستمع إلى أغاني الهادي الجويني هوذلك التماهي الموظف بين الكلمات التونسية والموسيقى الأندلسية في بعض أغانيه في مقدمتها "مكتوب يا مكتوب " و"تحت الياسمينة في الليل" التي تفوح منها رائحة الفالز و"سمراء يا سمراء" لكن تأثره بالفلامنكو المتأتي أساسا من نشأته بين متساكني "المركاض" الإسبان بباب الجديد لم يمنعه من الالتفات إلى النغمات التونسية الصميمة وإلى الشعرالأصيل الذي أخذت جماعة تحت السور على عاتقها مهمة النهوض به فلحن عم الهادي وغنى من كلمات علي الدوعاجي ومحمود بورقيبة وعبد الرزاق كرباكة ورسم لوحة جديدة للأغنية التونسية عتقتها تجربة جد مثمرة مع فرقة المعهد الرشيدي. اليوم ورغم مرور 100 عام على ميلاده و19 سنة على رحيله مازلنا نتذكر أول أغانيه التي تميزت بالبساطة والخفة... "شيري حبّيتك" مع الراحلة شافية رشدي.. وبين هذه التحفة الفنية وآخر ما غنى بحر من الروائع الفلكلورية والبدوية والوطنية قد لا تكفي هذه المساحة لاستحضارها كلها... فقط نذكر ب"اليوم قالتلي" و"أول نظرة درباني" و"هذي غناية جديدة" و"يا محسونة" و"مفتون بخزرة عينيها" و"قلبي معاك خذيتو" و"خلخال بورطلين" و"لوكان موش الصبر يطفي ناري" و"حبي يتبدل يتجدد".