تونس الأسبوعي: - انتظمت نهاية الأسبوع المنقضي فعاليات الدورة الثامنة عشرة للجامعة الصيفية للتجمع الدستوري الديمقراطي بمدينة توزر والتي تطرقت الى محور «الطبقة الوسطى في مشروع التغيير» وتميزت هذه الدورة بالعديد من الخصوصيات، وهو ما يجعلها مختلفة عن غيرها من الدورات السابقة، سواء من حيث دلالات اختيار مدينة توزر لاحتضان الأشغال، أو الظرفية الدولية المتسمة بالملازمة الاقتصادية وتواصل انتشار فيروس انفلونزا الخنازير. كما أنها تنعقد في توقيت داخلي مهم، حيث لم يعد يفصلنا عن موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية سوى 85 يوما، وبالنسبة للحزب الحاكم، فإن موعد الجريد يأتي في إطار حركية وديناميكية شهدها التجمع منذ أكثر من سنة. وارتبطت كلها بالاعداد للمواعيد السياسية القادمة.
لماذا توزر؟ إن اختيار الجريد التونسي وبالتحديد مدينة توزر لاحتضان أشغال الجامعة الصيفية الوطنية، جاء ليعبر عما تحقق في منطقة الجريد والجنوب الغربي خصوصا من مكاسب وانجازات، فقد خصص الرئيس زين العابدين بن علي اول مجلس وزاري بعد تحول السابع من نوفمبر للمنطقة وتحديدا لدفع السياحة الصحراوية. كما أنه اختيار له دلالة كبرى وتتمثل في القطيعة مع سياسة المركزية التي كانت سائدة قبل التغيير، لصالح سياسة جديدة على المستوى الجهوي عنوانها. اللامركزية، التي تجاوزت من خلال هذه الدورة للجامعة الصيفية المدلول السائد والذي يجعلها مختصرة على الإنجازات ذات الصبغة الاقتصادية، لتشمل أيضا النواحي الثقافية والسياسية العامة. كما أن احتضان توزر لأشغال الجامعة الوطنية للتجمع في هذا الظرف بالذات له أكثر من معنى، لعل أهمه أن النشاطات السياسية الكبرى ليست حكرا على العاصمة او جهات دون أخرى.
التجمع.. ومواكبة التحولات إن الجامعة الصيفية تقليد سنوي، ونشاط سياسي وتثقيفي أصبح يميّز نشاط التجمع منذ سنوات، وفي ذلك دلالة على الأهمية التي يوليها هذا الحزب الجماهيري للتكوين السياسي، إدراكا من قيادته بأن الممارسة السياسية لا تستقيم بدون فهم عميق وعقلاني لما يدور في رحم المجتمع التونسي من تحولات، فالعمل السياسي ليس متعاليا عن الواقع وانما هو ممارسة يومية تستند الى عمق ثقافي ورؤية واضحة في التعاطي مع التغييرات والثوابت. وقد أشار الأمين العام السيد محمد الغرياني في افتتاحه للجامعة الصيفية، الى ما شهدته منظومة التكوين السياسي من تطورات متلاحقة وإشعاع فضلا على تنوع وثراء قاعدة أنشطتها وبرامجها وندواتها الدولية ومنتدياتها الجهوية.. كما بين أن هذه المنظومة التكوينية تقوم على الحوار الديمقراطي الحر والبنّاء وعلى تشريك النخب السياسية والكفاءات الفكرية في إثراء المسائل والمحاور الوطنية المطروحة.
البعد الاجتماعي.. أولا إن اختيار الجامعة الصيفية الوطنية موضوع مكانة الطبقة الوسطى في مشروع التغيير والتحديث في تونس، يستمد أهميته أساسا من المكانة المركزية التي يحظى بها البعد الاجتماعي في تونس، فهو يمثل أحد الثوابت الأساسية في السياسة العامة للبلاد، وأولى مشاغل الرئيس زين العابدين بن علي منذ وصوله الى الحكم. فالاصلاح السياسي في تصور الرئيس بن علي لا يؤدي غايته ويحقق مراميه إلا إذا واكبه إصلاح اجتماعي واقتصادي يكمله ويتناغم معه ضمن مسار ديمقراطي يوفر الاستقرار، وبهذا فإن جوهر هذه المقاربة تعطى المكانة الأولى للإنسان، بوصفه عماد وغاية كل نمط تنموي. وهو ما أكد عليه الأمين العام للتجمع في خطابه الافتتاحي، عندما أشار الى «أن اتساع دائرة الطبقة الوسطى في تونس لتبلغ نسبة 80% من مجموع تركيبة المجتمع التونسي يشكّل عنوان نجاح منوال التنمية الشاملة والمستديمة الذي أرساه التغيير في إدماج جلّ الفئات والأجيال في مسار النمّو». ان المراهنة على العدالة الاجتماعية، مكّن تونس من نحت مجتمع مندمج ومتوازن. وجنّبت بلادنا مخاطر الهزات الاجتماعية، وبالتالي ساهمت في أرساء وفاق اجتماعي وسياسي حول البرنامج المجتمعي للتحول، كما ان الطبقة الوسطى أصبحت تشكل ركيزة أساسية في تحقيق التنمية وهي تعد مجموعة شرائح اجتماعية متضامنة ومتجانسة تساهم في حماية المجتمع وتماسكه.