رغم أن الحذاء لا يفارق التونسي في حله وترحاله ولا ينزعه عن قدمه الاعندما يخلد الى النوم على اعتبار أن القدم نادرا ما تظل حافية حتى في البيت... ورغم أن التونسي يقطع كل يوم مسافات محترمة مشيا على الأقدام فإنه نادرا ما يولي اهتماما خاصا لما يلبس ولانعكاسات الحذاء والجورب على صحته وراحته على اعتبار دخول عامل الكلفة كعامل أساسي في تحديد ما يقتنيه وهو ما شجع عددا هاما من التجار والصناعيين على عرض الأبخس سعرا دون مراعاة لعوامل الجودة في حين تدّخل على الخط عدد من الموردين الذين وجدوا في السوق الصينية وفيما توفره شركات الفريب العالمية تجارة مربحة مربحة فطفقوا يجلبون دون حساب بضائع في حاجة الى مراقبة صارمة..في هذا الوضع الخاص هل يمكن القول أن قدم التونسي في مأمن وأن لا مخاطر تحدق بها ..هل ما نلبسه هو صحي ويحافظ على خصوصياتنا المورفولوجية ...هل الاصابات العديدة التي يكاد لا يستثني منها أحد والتي تشهدها أقدامنا والتشقق والتهرئة مسؤولية ما نقتنيه من أحذية وجوارب أم هي انعدام للنظافة والرعاية الصحية ... أسئلة عديدة وإجابات تتطلب أبحاثا معمّقة لكن من خلال هذا الملف سنحاول قدر الإمكان تسليط الأضواء على البعض من النقاط المظلمة في علاقة التونسي بحذائه من خلال استجواب عدد من المختصين في المجال أولهم طبيب مختص في امراض القدم إضافة لمدير الجودة بوزارة التجارة والمدير العام للمركز الوطني للجلود والاحذية والكاتب العام لجامعة الجلود والاحذية ..لكن قبل ذلك ما الذي يعيبه المستهلك عن حذائه وجوربه ؟
مواقف مختلفة يقول نور الدين الفطحلي الذي يعمل تاجرا «حقيقة لقد أصبح اختيار زوج من الأحذية أو الجوارب في السنوات الاخيرة بمثابة الكابوس لأنك تجهل المواد التي صنع منها.. وأعرف أناسا كثيرين يعانون بسبب شراء حذاء أو جورب بلا تدقيق.. حتى أن أمراض «كالصفراء» والحساسية أصبحت شائعة في جل الاوساط بسبب هذه البلية.. والأدهى أنه حتى المسالك المنظمة فهي لم تسلم من هذه السلع المهربة التي زادت وضع قدم التونسي بلة». أما أحمد الولهازي موظف فيقول «لقد حسمت الامر منذ أن أصبح الحذاء الذي يباع محليا محلّ شك رغم ارتفاع سعره.. لذلك اخترت طريق «الفريب» وفيها أجد ضالتي وألبس أحذية شبه جديدة بأسعار معقولة وجودة لا تدع أي مجال للشك». وعلى عكسه تقول لبنى أستاذة بأنها تعرّضت لمصاعب صحية بسبب أحذية الفريب حيث أصيبت بفطر في قدميها كلّفها مئات الدنانير لعلاجه وأضافت أن من مخاطر الفريب كذلك استعمال أصحابه للمحروقات لتلميع الاحذية وهو ما يسبب مشاكل صحية. مشاكل التوريد من جهتها ترى السيدة آمال الرياحي ربة بيت أنها اختارت طريق السوق الموازية لاقتناء الاحذية وبعض «الشلايك» وخصوصا الأحذية الرياضية لابنائها وأكدت أن هناك اختلافا في البضائع الموردة ولكن جميعها تعتمد الجلود الاصطناعية التي تسبب تعرقا مفرطا لأنه ليس بامكان القدم ان تتنفس.. وأن هذه الاحذية سببت مشاكل صحية لابنائها إضافة للروائح الكريهة التي تغزو البيت.. ورغم ذلك تواصل الشراء لان هذه البضائع المقلدة ترضي الابناء الذين يوهمون أصدقاءهم بأنهم يلبسون ماركات عالمية وترضي زوجها الذي لا ينفق كثيرا. ويؤكد محسن الذي يشتغل حلاقا ويمضي الساعات الطوال واقفا أن عددا من البضائع المعروضة بسوق بومنديل وبأسواق اخرى تجدها معروضة بفضاءات تجارية بضعف أسعارها في حين يرى سالم أن سلسلة المحلات المختصة وجميعها تفتقر لمواصفات الجودة وتضرّ بصحة المستهلك مستدلا بقدميه التين تشققتا وأصابتهما الصفرة لتزيد الدوالي الناجمة عن كثرة الوقوف حاله تدهورا.. في المقابل يرى سالم أن سلسلة المحلات المختصة في بيع الاحذية التي بدأت تتكاثر تعتمد على بضائع صينية عدد منها يعلب محليا وهي تفتقر للجودة وللمواصفات المطلوبة لكن بمسايرتها للموضة وبطريقة عرضها يسقط العديد في فخاخها. لبعض هذه المحلات كانت لنا زيارة اكتشفنا خلالها أن بعض المعروض لا يحمل لا ماركة ولا اسما وعندما سألنا البائع عن مصدرها أفادنا بأنها مصنوعة في صفاقس.. طلبنا منه مدّنا بفاتورة لاقتناء الحذاء فاصفرّ وجهه مؤكدا أن المحل لا يسلم فواتير أو وصول شراء وأن الفواتير من مشمولات صاحب المحل المتغيب في الخارج. شبه اجماع وأجمع كل من تحدثنا إليهم أن لهم مشاكل صحية في أقدامهم ناجمة عن الاحذية وأن العديد يعانون من «عين الحوتة» والبثور والالتهابات الذي كثيرا ما يغضون الطرف عنها طالما أنها لا تسبب لهم مشاكل صحية كبرى. أما عن الحذاء التونسي فيصنفه محدثونا الى صنفين الاول ينتمي لبعض الماركات المعروفة ذات الاسعار المرتفعة لكن الجودة تبقى محل تساؤلات أما بقية الماركات فحدث ولا حرج فقلما يقتني الفرد حذاء ملائما لقدمه ولا يسبب له مشاكل وحتى وإن جانب ذلك فإنه بسرعة يحال على المعاش.