تونس الصباح يمرون أمامك أسرابا حاملين أنواعا شتى من القوارير البلاستيكية، وغيرها من النفايات التي يلقي بها المواطن بعد استعمالها. أين يحلمونها؟ وكيف يتم التصرف فيها؟ وماذا توفر هذه النفايات البلاستيكية لهذه العائلات؟ يلاحظ العابر عبر الشوارع والأزقة المنتشرة في كامل البلاد، وخاصة وسط العاصمة وبالساحات العمومية والأراضي الفلاحية والمناطق الطبيعية، وأينما وجه نظره تناثر كميات هائلة من المعلبات والقوارير البلاستيكية ومواد اللف، مما ينجر عنه الاخلال بالجمالية الحضرية وبالتوازنات البيئية، ورغم الايجابيات العديدة لهذه المواد البلاستيكية فإن إلقاءها بالمحيط الطبيعي يشكل مصدرا هاما للتلوث وهو ما دفع بالوكالة الوطنية للتصرف في النفايات الى التفكير في مصير هذه المخلفات والانتفاع منها بعد أن أصبحت هذه المادة تحتل خلال السنوات الأخيرة مكانة هامة في الحياة اليومية وتشكل مصدر رزق للعديد من العائلات من خلال بعث الخطة الوطنية للسيطرة على ظاهرة التلوث الناجم عن هذه النفايات. باعتبار صعوبة انحلال هذه المواد في الطبيعة وما تمثله من مخاطر على البيئة والمحيط، فقد تم تشجيع تدخل القطاع الخاص وبعث شركات صغرى لتجميع البلاستيك مع توفير موارد رزق جديدة للعائلات ودعم التواصل والشراكة مع السلطات المحلية وتكريس مبدإ اللامركزية في التصرف في النفايات وتحسيس وتوعية المواطن لإحكام استعمال المعلبات والأكياس البلاستيكية وعدم إلقائها في المحيط وتشجيع ورسكلة المواد المجمعة. ترتكز محاور الخطة الوطنية للسيطرة على ظاهرة التلوث في تنفيذ برامج شراكة مع الجمعيات والمنظمات للقيام بحملات تطوعية ميدانية ونشاطات توعية وتحسيس وتمكين الولايات والبلديات من مساعدات مالية لتنظيم حملات لتجميع المعلبات المستعملة والنفايات البلاستيكية من «المصدر» وتركيز منظومة الجمع بمقابل. آفاق جديدة أمام حمَلة الشهائد أحدثت منظومة الجمع بمقابل ما بين 15 و18 ألف موطن رزق منذ انشائها وبلغ عدد النقاط المحدثة 318 منها 117 مؤسسة أحدثت في اطار منظومة «شاب» و95 نقطة تجميع أحدثت من قبل حاملي الشهادات العليا. وقد تم تجميع حوالي 69 ألف طن منذ انطلاق المنظومة وتم تسجيل تطور في الكميات البلاستيكية المجمعة بلغ 15500 طن سنة 2008 مقابل 1200 طن سنة 2001. وتجدر الاشارة الى أن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات اتفاقيات مع 110 مؤسسة تتولى رحي ما تتقبله من نفايات بلاستيكية تقوم بتصديرها بقيمة تفوق 3 ملايين دينار في السنة، وهي آفاق واعدة لهذه المراكز في الأسواق العالمية. كما ساهمت هذه الآلية لرسكلة المواد البلاستيكية في التخفيض من نزيف العملة الصعبة حيث تستورد بلادنا ما يفوق 200 ألف طن من حبيبات البلاستيك من خلال الرسكلة وجمع النفايات البلاستيكية أصبحت توفر لنا تقريبا ربع الكمية مع المساهمة في التصدير واتساع رقعة النشاط.