صفاقس: القبض على مجموعة متورطة في تخريب محطة القطار    رئيس الجمهورية يتسلّم التقرير السنوي للبنك المركزي التونسي لسنة 2024    فيديو أليم من محطة البيئة / ميامي – المروج: مواطن يعلق بين الميترو والرصيف!    وفاء كوردة، تونسية على رأس توتال للطاقات التسويق تونس : قيادة تُشعّ فخر تونس    عاجل/ انطلاق بيع الاشتراكات المدرسية بداية من هذا التاريخ..وهذه التفاصيل كاملة..    حجز أكثر من 3 آلاف مكيّف غير مطابق للشروط الفنية..وهذه التفاصيل..    صلامي، علب ياغورت، مشروبات، جبن ،مياه معدنية... حجز مواد غذائية غير مطابقة للسلامة الصحية بعدد من الولايات    لحوم بأسعار معقولة للمستهلك التونسي: نقاط بيع جديدة في جميع الولايات قريبًا!    عاجل - صفاقس: إيقاف ''المخربين'' بعد أعمال شغب بمحطة القطارات    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يفوز وديا على نظيره اللليبي 3-1    محمد صلاح يكتب التاريخ: يتوّج للمرة الثالثة بجائزة أفضل لاعب في البريميرليغ    التكوين المهني في تونس: هذه الاختصاصات الأكثر طلبا في سوق الشغل    مصر.. إعدام "سفاح الإسماعيلية"    المجموعة العالمية "جيبسي كينغ" تحل بتونس لأول مرة وتختتم مهرجان الجم لموسيقى العالم يوم 30 أوت    تونس تشهد خسوف كلي للقمر..وهذا موعده..#خبر_عاجل    عاجل :'' التوانسة ''على موعد مع خسوف كلى الاحد 7 سبتمبر ...تفاصيل    مختصة في أمراض الشيخوخة تحذّر من تداعيات الاستعمال المفرط للانترنت..    الضوء الأزرق والشاشات... كيف يدمر نوم المسنين في تونس!    مروى بوزياني تضمن ترشحها الى نهائي الدوري الماسي لألعاب القوى    المروج: شخص يعلق بين عربات المترو والرصيف بمحطة "ميامي" (فيديو)    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمباريات اليوم من الجولة الثالثة ذهابا    الدوري الماسي لألعاب القوى: رحاب الظاهري تضمن تأهلها الى بطولة العالم المقبلة    فتح باب التسجيل بالمركّب الاجتماعي والتربوي للأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد للسنة التربوية 2025-2026    مسرح أوبرا تونس يعلن فتح باب الترشح للمشاركة في تظاهرة "الخروج الى المسرح" استعدادا لافتتاح الموسم الثقافي الجديد    وفاة "القاضي الرحيم" كابريو بعد أيام من ظهوره في فيديو مؤثر    انتبهوا: أكثر من ثلث حالات التسمم الغذائي سببها ''السلاطة المشوية والطاجين''    باردو : محاصرة مجرم خطير محل اكثر من 12 منشور تفتيش    عاجل- تسهيلات جديدة للعمرة: تنجّم تسجّل وحدك دون وسيط !    استشهاد 10 فلسطينيين بينهم ثلاثة من منتظري المساعدات في قصف صهيوني على غزة..#خبر_عاجل    زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب هذه السواحل..#خبر_عاجل    رئيسة الحكومة: تونس تعتز بانتمائها الافريقي ،ورفعت شعارها عاليا بان تكون افريقيا للافارقة    وزارة الثقافة تنعى مدير التصوير والمخرج أحمد بنيس    ارتفاع انتاج "الزقوقو"..وهذا حجم المخزون..    تونس: جريمة بشعة تهزّ الرأي العام... اغتصاب كلبة والاعتداء عليها بسكّين!    عاجل/ الاعتداء على محطة القطار بهذه الجهة..أضرار مادية كبيرة..وفتح تحقيق..    عاجل/ بسبب إسرائيل: أمريكا تعاقب 4 قضاة بالمحكمة الجنائية الدولية..    وزارة الشؤون الثقافية تنعى مدير التصوير والمخرج أحمد بنيس    رئيس الجمهورية: خيار الدولة الاجتماعية خيار لا رجعة فيه    سعيد يشدد على ضرورة تجاوز الصعوبات لإنجاز المشاريع المعطلة    طقس اليوم: الحرارة تتراوح بين 38 و 43 درجة    طقس تونس: الحرارة تصل إلى 45 درجة مع هبوب الشهيلي    لبنان.. إصابة سبعة أشخاص جراء غارة إسرائيلية على بلدة الحوش    آخر تطورات إختفاء فتاة ال 15 سنة بالقيروان.. بطاقتا إيداع بالسجن ضد شقيقها وجارتها    ليبيا.. مفاجأة قوية بانتظار "صاحب مزحة الأسد" مع عامل مصري    صيف المبدعين... الكاتبة عفاف قاسم .. كم تسلّقت أشجار اللّوز واستعذبت قطف التّين    تاريخ الخيانات السياسية (52) .. الوزير ابن مقلة    وزير الصحة يبحث مع سفير الأردن بتونس تعزيز تبادل الخبرات في صناعة الأدوية واللقاحات    ابتكار جهاز من الماس لتتبع الخلايا السرطانية دون الحاجة إلى مواد مشعة    عاجل/ الحماية المدنية تحذّر من اضطراب البحر وتقدّم هذه التوصيات..    احلام تغنّي ''تُراث تونسي'' في مهرجان قرطاج    راغب علامة يعلق على أزمته الأخيرة بطريقة فكاهية    عاجل/ هذا موعد إنطلاق إعتماد تقنية ال"فار" في البطولة التونسية    انجاز طبي جديد في تونس: إنقاذ مصابة بجلطة دماغية حادة باستعمال هذه التقنية..    تصفيات مونديال 2026: الاعلان عن قائمة لاعبي المنتخب التونسي لمباراة ليبيريا يوم 29 اوت الجاري    الرابطة الأولى: قمة في رادس بين النادي الافريقي والترجي الجرجيسي    إسرائيل تبدأ المرحلة التمهيدية لاحتلال مدينة غزة    تاريخ الخيانات السياسية (51) فتنة الحلاّج    صيف وضيف: د. إيمان القسنطيني: الطبيبة الفنّانة... المتعددة المواهب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المياه نقطة الحسم في صراع الشرق الأوسط
تحليل اخباري
نشر في الصباح يوم 26 - 08 - 2009

احتلت مشكلة المياه في الشرق الأوسط قدرا كبيرا من الاهتمام في الإجتماع الذي عقده مؤخرا برنامج الأمم المتحدة حول التنمية " في العاصمة السويدية "ستوكهولم" في إطار الأسبوع العالمي للمياه.
ولمح الحاضرون في الإجتماع إلى أن "معضلة المياه" في الشرق الأوسط سوف تكون في غضون ال15 سنة القادمة القضية الإستراتيجية الأولى فيه. ويأتي هذا الإجتماع الأممي في الوقت الذي أصبح الماء أبرز نقاط العمل في الأجندات السياسية لدول المنطقة.
فعلى سبيل المثال لم تكن زيارة وزير الخارجية التركي لبغداد عادية بل كانت بالفعل فرصة لحكومة نوري المالكي لتطرح على الطاولة إشكالا حيويا هاما يدخل ضمن أولويات الأمن القومي في العراق ما بعد الإحتلال يطرحها كل ما سنحت الفرصة في وسائل الإعلام وهي مشكل شح المياه الصالحة للشرب والري مع تواصل بناء السدود من الجانب التركي على نهري دجلة والفرات.
ولا ينحصر مشكل شح المياه بين تركيا والعراق بل يمتد إلى كافة دول الشرق الأوسط. ثم إن هذا الإشكال اتخذ خصوصيته وأهميته مع تزايد التحذيرات الدولية مطلع هذا القرن بأن المياه الصالحة للشرب أصبحت في طريقها للنفاد، إذ تشير تقارير استشرافية إلى أنه في سنة 2025 ستكون هناك 48 دولة في العالم لن يوجد فيها نفاد مباشر للماء.
ويقول تقرير أعده مركز الأبحاث الإستراتيجية بمعهد الدفاع الفرنسي أن الشرق الأوسط يحتوي على 1 % من المخزون العالمي في منطقة تحوي 5% من مجموع السكان في العالم.
وتعكس هذه الأرقام أن الصراع الحالي في الشرق الأوسط سيزداد تعقيدا مع تزايد عدد السكان وازدياد حاجياتهم من المياه فضلا عن المواد الأساسية الغذائية التي تعتمد على المياه الصالحة للري.
إحتكار تركي
تمثل تركيا الخزان الاكبر للمياه في الشرق الاوسط، فجبال طوروس منبع للانهار المنتشرة جنوبا في الشرق الاوسط بفضل عملية ذوبان الثلوج في اعالي هذه الجبال بين شهري مارس وافريل وحيث ينبع نهرا دجلة والفرات اللذان يلعبان دورا هاما في التحديد الديمغرافي في كل من سوريا والعراق.
و مع بداية السبعينيات شرعت تركيا في انجاز مشروع ضخم بني على أساسه حتى الآن 22 سدا ضخما و17 مانعا مائيا على امتداد مجرى هذين النهرين.
وقد يقلص تواصل بناء هذه السدود من الطرف التركي تدفق المياه في سوريا والعراق بنسبة أكثر من25% من الإنسياب الحالي من المياه وهو ما قد يعلب دورا حاسما في العلاقات بين الجارين التركي والسوري المتداعية بسبب عدة مشاكل حدودية اخرى تبقى اهمها المطالبة السورية بمنطقة الاسكندرون شمال غرب سوريا والتي جعلت هذه العلاقات تشهد فتورا كبيرا منذ منتصف القرن العشرين.
ولكن تبقى المنطقة الاكثر اثارة للتساؤلات هي منطقة الشرق الادنى وفلسطين حيث توجد الجبهة المباشرة للصراع العربي الإسرائيلي.
فأبرز مطارحات المحللين اليوم باتت تعقد على مدى استمرار امن إسرائيل في ظل عدة متغيرات جيوسياسية وجيو اقتصادية جديدة تطفو لتطرح الكثير من التساؤلات حول مستقبل هذا الصراع وذلك في ظل المحاولات العديدة من المجتمع الدولي لارساء هذا السلام ونجاح بعضها مثل معاهدة كامب دييفد (1979) ومعاهدة وادي عربة (1995) مع مصر والاردن على التوالي.
ان اهم ما قد يؤثر في هذا الصراع مستقبلا هي المصالح الجيواستراتيجية ذات الطابع الجيو سياسي المتعلق بالارض والتضاريس الطبيعية والتي تمثل اهم مورد من الاحتياجات والمستحقات المعيشية للسكان في اسرائيل والمهاجرين المحتملين "لارض الميعاد" وخاصة فيما يتمثل في المياه الصالحة للشراب ومياه الري.
المياه... نقطة ضعف إسرائيلية
وتعاني فلسطين بعيدا عن مدخرات نهر الأردن معدلات واحتياطات مائية ضعيفة تقدر بين 390 و500 م 3 للساكن في السنة وهذا ما يعني تواصل احتداد أزمة المياه مع ازدياد السكان في هذه المنطقة والذي من المتوقع أن يتضاعف في ظرف العشرين سنة المقبلة.
وبحساب معين فإن عدد سكان إسرائيل سيزداد من 7.1 ملايين نسمة سنة 2005 إلى 9.3 ملايين نسمة موفى سنة 2009 وكذلك سكان الأراضي المحتلة و(من 3.8 مليون نسمة إلى 7 مليون نسمة في نفس الفترة. ) وهو ما سيكون له ثقل كبير في تحديد مجرى الصراع بين العرب والإسرائيليين.
وعلى هذا الأساس فإن اسرائيل قامت بتحويل جريان مياه نهر الأردن منذ حرب 1967 ليصب معظمه في خزانات للمياه خصصت لذلك في منطقة صفد القريبة من بحيرة طبريا وقد أخذ هذا النهر في الإضمحلال مع الإعتماد الزائد عليه من قبل الإسرائليين من جهة وما تبقى تستخدمه الأردن وهو ما جعل حركة جريان هذا النهر تتناقص ليتحول على حسب ما تصريحات بعض الخبراء إلى شبه واد لا يتمتع بجريان مستمر.
ولم تكتف إسرائيل بتحويل مجرى النهر بل قاموا بزرع مضخات على الضفة الجنوبية لنهر اليرموك على حدود الجولان المحتل وشمال الأردن ومنطقة القنيطرة (المنطقة السورية من الجولان والتي استردت عام 1973 ) اي أن الأمر وصل إلى سرقة المياه من الدول المجاورة وحتى مجرى نهر اليرموك أخذ في الإضمحلال ببطء خاصة مع اعتماد الأردن وسوريا عليه في الري وتوفير مياه الشرب.
أما المياه الباطنية في فلسطين فإنها تتمركز أساسا في الضفة الغربية حيث تتمركز السلطة الفلسطينية في ما يسمى مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، وهو ما أدركه الإسرائيليون الذين ما فتئوا منذ سنة 1996 يؤسسون مستوطنات هناك ، بل وأسست إسرائيل محطات شمال الضفة لاستغلال الموائد المائية الباطنية الموجودة هناك وربطها بأنابيب تمتد إلى ما وراء الخط الأخضر، وهو ما اعتبر خرقا لمعاهدات أوسلو للسلام سنة 1993.
ولم تقتصر هذه السياسة الإسرائيلية على توفير مياه الشرب خدمة للتزايد الديمغرافي بل إن تل أبيب تسعى إلى توفير المياه الصالحة للري خاصة وأن الفلاحة الإسرائيلية تتميز بتريكيزها على الزراعات الكبرى الأساسية التي تتطلب الكثير من المياه والتي ترتفع نسبتها ب 20 % على تلك الزراعات التي لا تعتمد على مياه الري كزراعة الزيتون والنخيل والتي بدأت في التناقص فاسحة المجال لزراعة الحبوب والقمح والخضروات.
ومع تواصل هذه السياسة فإن مشكل المياه قد يكون في غضون السنوات التالية أول سبب للصراع بين العرب والإسرائيليين خاصة وأنها كانت حجرة العثرة أمام معاهدة سلام سورية إسرائيلية.
طبريا وفشل « واي بلانتايشن»
ففي سنة 1999 أجريت مباحثات " واي بلانتيشن" بين الإسرائيليين والسوريين من أجل إيجاد صيغة سلام فيما يخص الصراع السوري الإسرائيلي.
كانت هذه المفاوضات هي الأولى من نوعها والتي طالبت فيها سوريا إسرائيل بالانسحاب من هضبة الجولان إلى حدود ما قبل جوان 1967.
ولقد تعثرت هذه المباحثات التي تمت على مرحلتين وذلك بسبب الإصرار السوري في الحصول على منفذ على بحيرة طبريا. والإمعان الإسرائيلي في الرفض.
فالسوريون ويمثلهم حافظ الأسد طالبوا بانسحاب كامل إلى حدود بحيرة طبريا الأمرالذي لم تستجب له إسرائيل ممثلة في ايهود باراك رئيس وزرائها في ذلك الوقت في ضمه بل اكتفت برسم حدود تبعد 10 أمتار عن ساحل البحيرة وهذه النقطة هي التي أفشلت المباحثات لأن عدم وصول سوريا إلى بحيرة طبريا والذي يعتبر احتياطيا هاما والأكبر من نوعه في الشرق الأوسط يعد فشلا في وصول سوريا إلى منابع نهر الأردن الممتدة على حدود الجولان المحتل.
ولعل الجملة الشهيرة التي أطلقها الرئيس الراحل وهي "أريد أن أغطس فيها ساقي"تدل على الإصرار السوري على ذلك ثم إن التعنت الإسرائيلي نابع من أن هذه الموارد الطبيعية قد تنقذ الدولة الإسرائيلية من مشاكل الإمداد المائي والتي كانت أولى أهداف حرب 1967 والتي مكنت إسرائيل من الحصول على 900 مليون م3 من الماء الصافي.
ورغم أن إسرائيل رفضت الطلب السوري في السماح بمنفذ إلى البحيرة التي يطلق عليها الإسرائيليون الإحتياط الإستراتيجي لإسرائيل من الماء فإنه أعلن في شهر جويلية الفارط أن منسوب البحيرة من المياه أخذ في التناقص بسرعة.
ولعل استحالة التوصل مستقبلا إلى اتفاق سلام قد يمر من هذه النقطة الجيو- استراتيجية الحاسمة في الشرق الأوسط خاصة بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان حيث كان يوفر تسرب مياه نهر الليطاني مصدرا هاما لإسرائيل للتزود بجزء من حاجتها من المياه والذي اكتشفت حوله عدة مصاف يدوية إسرائيلية بعيد الانسحاب من لبنان سنة 2000 مما سيجعل إسرائيل تفاوض على السلام بعيدا عن أي شرط خاص بمصادر المياه خاصة مع بدايتها في استيراد مياه صالحة للشراب من تركيا في السنوات الثلاث الأخيرة وهو ما قد يجعل أسعارها ترتفع وهو ما ينعكس بالتالي حالة المستوطنين الإسرائيليين الذين قد يجدون أنفسهم دون مياه وهو بذاته عدم إحساس بالأمان وهذا يمثل أكبر خطر على مواصلة هذا الكيان الصهيوني لأن البيت قد يخلو من مغتصبيه المهاجرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.