شملت تونسيين : انتهاء المرافعات في قضية أوراق بنما    رئيس الإمارات يكرّم فتاة تونسية قامت بعمل بُطولي    بطولة إفريقيا للتنس: التونسيتان لميس حواص ونادين الحمروني تتوجان بلقب الزوجي    كأس تونس: برنامج مواجهات اليوم من الدور السادس عشر    دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟    عاجل/ إضراب مرتقب في قطاع المحروقات.. وهذا موعده    جندوبة: انطلاق بناء مدرسة اعدادية بجاء بالله طبرقة    كيف سيكون طقس اليوم ؟    قفصة : الاعدادية النموذجية تتحصل على أفضل عمل متكامل    يساهم ب 16% في الناتج المحلي: الاقتصاد الأزرق رافد حيوي للتنمية    "حراك 25" يناشدرئيس الدولة الترشّح لانتخابات 2024    جبنيانة: حجز 72 طنا من الأمونيتر    هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيّين: خيّام التركي محتجز قسريا وهذه خطواتنا القادمة    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    غارة جوية تستهدف موقعا عسكريا لقوات الحشد الشعبي في العراق    يستقطب قرابة نصف اليد العاملة.. مساع مكثفة لإدماج القطاع الموازي    أميركا توافق على سحب قواتها من النيجر    الصين تعلن تشكيل قوة عسكرية سيبرانية جديدة    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    جمعت 3 وزارات.. جلسة عمل للوقاية من حرائق الغابات والمزارع لصائفة 2024    المنصف باي.. الكشف عن عملية سرقة باستعمال النطر والإحتفاظ بشخصين    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    استكمال تركيبة لجنة إعداد النظام الداخلي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم    كرة اليد.. الترجي يحقق فوزه الاول في بطولة إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    سيدي بوزيد: وفاة شخص وإصابة 5 آخرين في اصطدام بين سيارتين    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    رابطة ابطال افريقيا (ذهاب نصف النهائي) : الترجي الرياضي يواجه صان داونز بحثا عن تعبيد الطريق الى النهائي    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    نقابة الثانوي: محاولة طعن الأستاذ تسبّبت له في ضغط الدم والسكّري    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تنازل العرب عن حقوقهم المائية في حوض نهر الأردن ..."لأسرائيل" إعداد : المهندس فضل كعوش"الفجرنيوز"


خبير في مجال علوم وتقنيات المياه
رئيس سلطة المياه السابق
الرئيس السابق للجنة المفاوضات حول المياه
خلفية هيدرولوجية :
يمتد حوض نهر ألأردن على مساحة تصل الى حوالي 18300 كيلو متر مربع ، يقع الجزء ألأكبر من هذه المساحة داخل الأراضي العربية في لبنان وسوريا وألأردن وفلسطين (مناطق الضفة الغربية) ، وتقدر نسبتها بحوالي 82% من المساحة ألأجمالية للحوض ، ويتغذى حوض نهر ألأردن من منابع ومساقط المياه الواقعة داخل
اراضي هذه الدول ، حيث تتشكل مياهه بشكل رئيسي من ألأحواض الفرعية الرافدة له وهي : الحاصباني وينبع من لبنان ويقدرمعدل تصريفه السنوي بحوالي 145 مليون متر مكعب والرافد الثاني نهر بانياس وتقع منابعه بشكل كامل داخل ألأراضي السورية ويقدر معدل تصريفه السنوي بحوالي 135 مليون متر مكعب في السنة والرافد الثالث نهر الدان ويقدر معدل تصريفه السنوي بحوالي 255 مليون متر مكعب وتشكل ينابيع الدان المصدر الرئيسي لمياه هذا النهر والتي تتغذى بدورها من ثلوج جبل الشيخ ومن مساقط ألأمطار في هضبة الجولان ، ولذلك تكون مياهه باردة جدا طيلة ايام السنة ، ( يعتبر ألأسرائيليون ان مصادر مياه هذا النهر تقع داخل إسرائيل وهذا غير صحيح على ألأطلاق ، فوفق الحقائق والمعطيات الهيدرولوجيا فأن 95% من مصادر مياه ينابيع الدان هي من هضبة الجولان المحتلة وبشكل رئيسي من ثلوج جبل الشيخ كما اسلفنا ) . الرافد الرابع والرئيسي هو نهر اليرموك والذي تتشكل مياهه من ينابيع سهل حوران ومن مساقط الأمطارالتي تقع بكاملها داخل ألأراضي السورية وألأردنية ، ويقدر معدل التصريف السنوي الدائم لنهر اليرموك بحوالي 420 مليون متر مكعب .
إضافة لروافد ألأنهر الرئيسة ألأربعة تغذي ألأودية الجانبية حوض نهر ألأردن بكميات هامة من مياه ألأمطار وتشمل أودية هضبة الجولان بمعدل تصريف سنوي يصل الى 130مليون متر مكعب (80 مليون متر مكعب تصب في الجزء العلوي من النهر و 80 مليون متر مكعب تصب مباشرة في بحيرة طبريا ) ومن ألأودية الجانبية لمناطق الجليل ألأعلى بمعدل 28مليون متر مكعب وألأودية الجانبية لمنحدرات الجبال الغربية للأردن بمعدل تصريف سنوي يصل الى180 مليون متر مكعب ، كذلك من ألأودية الجانبية للمنحدرات الشرقية للضفة الغربية من ألأراضي الفلسطينية بمعدل 22 مليون متر مكعب .
بذلك يكون مجموع معدل التصريف السنوي الدائم لكامل حوض نهر ألأردن بروافده ألأربعة وأوديته الجانبية حوالي 1320 مليون متر مكعب ، 90% من هذه الكميات مصدرها الينابع ومساقط المياه الواقعة داخل ألأراضي العربية ، وهذه حقيقة هيدرولوجية ثابتة لا جدال حولها .
حسب السجلات الرسمية لوزارة المياه والري ألأردنية فأنه خلال السنوات الماطرة والغزيرة المتكررة وهي بمعدل مرة كل اربع سنوات فأن معدل التصريف السنوي كان يصل الى 2200 مليون متر مكعب وكان التدفق القوي لمياه الحوض يحدث فياضانات كبيرة في الجزء السفلي من الحوض الممتد من بحيرة طبريا وحتى البحر الميت وتغمر مياهه ضفتي النهر لمسافات تزيد على 200م في ألأتجاهين .
أوجه ألأستغلال الفعلي القائم لمياه الحوض من قبل ألأسرائيلين :
تسيطر وتنهب وتستغل إسرائيل كامل التصريف السنوي للجزء العلوي من الحوض إضافة الى حوالي 100مليون مترمكعب من تصريف مياه اودية الجولان وأودية الجليل و80 مليون متر مكعب يجري تحويلها من نهر اليرموك الى بحيرة طبريا ، أي ما مجموعه حوالي 760 مليون متر مكعب من أجمالي موارد الحوض ويتوزع ألأستغلال ألأسرائيلي ألأعلى على انحو التاللي :
• 145 مليون متر مكعب يتم سحبها من خلال منشاءات للتخزين والري اقيمت على مجرى النهر في منطقة الحولة ، شمال بحيرة طبريا لري ألأراضي الزراعية في سهل الحولة
• 450الى 550 مليون متر وكعب يتم سحبها من بحيرة طبريا عبر محطات الضخ الضخمة التي اقيمت شمال غرب البحيرة وتحديدا في منطقة الطابغة ، حيث يتم من هناك ضخ المياه عبر ما يعرف بالخط القطري الناقل الري الأراضي الزراعية في مناطق السهل الساحلي وحت شمال النقب
• 110مليون متر مكعب يتم سحبها من بحيرة طبريا من الجزء الجنوبي الغربي للبحيرة ونقل المياه لري ألأراضي الزراعية في منطقة سهل بيسان
اي ان مجموع ما يتم سحبه من الحوض يفوق أحيانا الكميات الواردة للحوض وبمعدل يزيد على 800 مليون متر مكعب وهو ما يشكل حالة إستنزاف لمياه الحوض ولبحيرة طبريا التي تشهد بأسترار إنخفاض كبير في منسوبها ، خاصة خلال السنوات القليلة ألأمطار ويشاهد ذلك على إمتداد شواطيء البحيرة التي أصبحت تنحصر الى مسافات بعيدة .
اما يحصل عليه العرب فعليا من مياه الحوض فيتوزع على النح التالي :
• يحصل لبنان على اقل من 10 متر مكعب فقط من مياه الوزان وهو احد روافد نهر الحاصباني
• تحصل سوريا على حوالى 160 مليون متر مكعب من حوض نهر اليرموك ( وهي في غالبيتها مياه أمطار يتم جمعها خلف منشاءات السدود وحواجز المياه الصغيرة المقامة على الجزء العلوي من حوض نهر اليرموك )
• يحصل ألأردن حاليا على اقل من 80 مليون متر مكعب من المياه المتبقية في مجرى نهر اليرموك وعلى حوالي 120 مليون متر مكعب من تصريف ألأودية الجانبية ، أي ما مجموعه حوالي 200 مليون مترمكعب فقط .
• لا يحصل الفلسطنيون على اية كميات من مجرى نهر ألأردن ولا يستطيعون الوصول الى ضفة النهر ، نظرا لأن كافة ألأراضي الفلسطينية الواقعة بمحاذاة النهر تعتبر منطقة عسكرية يمنع على الفلسطينيين الدخول اليها منذ العام 1967 وحتى يومنا هذا .
أي ان إجمالي ما يحصل عليه العرب من مجموع التصريف السنوي للحوض لا يتجاوز 370 مليون متر مكعب أي ما يشكل حوالي 28% ، بينما يسيطر الأسرائيليون ويستغلون أكثر من 72% اي ما يعادل 950 مليون متر مكعب منها 450 الى 500 يتم ضخها خارج حدود الحوض عبر الخط القطري الناقل كما اشرنا اعلاه
الخطط المقترحة سابقا بشأن التقسيم المنصف والمعقول لمياه الحوض بين ألأطراف المشاطئة:
هناك العديد من الخطط التي إقترجت سابقا وأخذت بالحسبان الى حد ما ألأسس القانونية لمبداء ألأستخدام المنصف والمعقول ومنع الضرر وضمان حماية بيئة الحوض وتحقيق ألأستدامة والتنمية والتطوير من خلال إدارة مشتركة من قبل جميع ألأطراف المشاطئة للحوض ، وقد كانت خطة المبعوث ألأمريكي أريك جونستون 1953-1955 أخر وأهم تلك الخطط والتي حصلت على توافق من قبل الجميع في جوانبها الفنية ، اي بما يخص التحصيص وأوجه التنمية والتطوير للحوض ، إلا ان الدول العربية رفضت الخطة لأسباب سياسية أنذاك ، وتستند خطة جونستون على الخطة الموحدة التي اعدها المهندس "ماين" بناء على طلب الأمم المتحدة والتي تتضمن كافة التفاصيل ألأنشائية والهندسية لتخزين ونقل وتوزيع المياه لكافة ألأطراف المشاطئة في الحوض وتشمل السدود على حوضي النهرين اليرموك وألأردن كما تشمل إنشاء قناة الغور الشرقية لصالح ألأردن وقناة الغور الغربية لصالح الفلسطينيين ، والربط بينهما بواسطة منشأة سيفون ناقل فوق النهر وتفاصيل فنية اخرى شاملة لحاجة جميع الأطراف...
التقاسم الذي إقترحه المبعوث ألأمريكي جونستون روعي بموجبه نسبة المشاركة في موارد الحوض وألأحتياجات السكانية ومساحة ألأراضي الزراعية القابلة للري والتي تقع داخل منطقة الحوض ولا تحتاج الى عمليات ضخ ، وعلى اساس ذلك إنتهى جونستون الى تحديد حصة ألأطراف على النحو التالي :
• حصة ألأردن وألأراضي الفلسطينية : 720 مليون متر مكعب منها 500 مليون متر مكعب للأردن و220 للأراضي الفلسطينية (تم إحتسابها وفق عدد السكان ومساحة ألأراضي الزراعية في منطقة الأغوار) ، يتم الحصول على هذه الكميات من نهر اليرموك بمعدل 377 مليون متر مكعب و100 مليون من مجرى نهر الأردن السفلي والباقي من تصريف الأودية الجانبية .
• حصة سوريا : 120 مليون متر مكعب ، يتم الحصول على 20 مليون متر مكعب من نهر بانياس و20 مليون متر مكعب من مجرى نهر ألأردن العلوي ( نهر الشريعة ) والباقي وهي 80 مليون متر مكعب من نهر اليرموك .
• حصة اسرائيل : 400 مليون متر مكعب ، يتم الحصول على 375 مليون متر مكعب من الجزء العلوي لنهر ألأردن ومن بحيرة طبريا و25 مليون متر مكعب يتم الحصول عليها من نهر اليرموك .
هذا ما توصل اليه المبعوث ألأمريكي في نهاية ألأمر بعد انتهاء مهمته عام 1955 ورغم انه أعطى إسرائيل أكثر مما تستحق ، إلا ان الدول العربية وافقت كما أسلفنا على الجزء الفني من الخطة وإمتنعت عن المصادقة النهائية لكون بقاء بحيرة طبريا وهي الخزان الطبيعي للحوض ومنها يتم توزيع المياه ، بقاءها تحت السيطرة ألأسرائيلية وحدها وهو امر رفضه العرب وفي ضوء هذا الموقف العربي ُجمِدَتْ خطة جونستون ووضعت على الرف .
إستغل ألأسرائيليون الرفض العربي الذي لم يطالب بأجراء تعديل على خطة جونستون بل قام العرب بإعداد خطة بديلة أطلق عليها "المشروع العربي لتنمية وتطوير حوض نهر ألأردن " رفضت هذه الخطة على الفور من قبل ألأسرائيليين اللذين وكأنهم كانوا ينتظرون الرفض العربي لخطة جونستون ، بل كانوا يرجون حصوله ، كمبرر للبدء في تنفيذ ما كانو يخططون له ، بل ما كانوا يعملون في الخفاء على تنفيذه وهو ما عرف لاحقا بخطة السنوات السبعة والتي تتركز على بسط السيطرة ألأسرائيلية الكاملة على كافة مصادر مياه نهر الأردن وكذلك على مياه نهر الليطني في لبنان وبالتوازي مع ذلك كانو يحضرون لحرب المياه لمنع العرب من من القيام بأية إجراءات على روافد الحوض وقد اندلعت المواجهات بالفعل في الرابع من حزيران عام 1967 وعرفت بحرب الأيام الستة ، سيطر الأسرائيليون على أثرها على كافة موارد نهر ألأردن وعلى معظم مساحة حوضه وخاصة مناطق الحوض في الجولان وفي جنوب لبنان ، هذا بألأضافة الى سيطرة ألأسرائيلين على أكثر من 550 مليون متر مكعب من مصادر أحواض المياه الجوفية للضفة الغربية ومنع الفلسطينيين من القيام بحفر ألأبار او إقامة أية منشاءات مائية من شأنها ان تلحق الضرر بأبارهم المنتشرة على امتداد الخط ألأخضر والتي تجاوز عددها ال 500 بئرا بانتاجية عالية جدا إصبح ألأسرائيليون يسيطرون من خلالها على كامل الطاقة المائية المتجددة للحوضيين الجوفيين الغربي والشمالي الشرقي .
خلفية تاريخية
تعود ألأطماع ألأسرائيلية فيي المياه العربية الى بداية حركة ألأستيطان ألصهيوني في فلسطين ، فمنذ أن شرع زعماء هذه الحركة في إقامة الدولة العبرية التي كانوا يخططون لإقامتها منذ أكثر من المائة عام، كان على رأس أولوياتهم السيطرة على مياه نهر الأردن والمياه العربية المحيطة بفلسطين .
وقد نجح اليهود في بناء أول مستوطناتهم في هضبة الجولان وكذلك في الجليل الأعلى عام 1878 والتي عرفت فيما بعد بمستوطنة روشبينا، وتلاحقت بعد ذلك إقامة المستوطنات على الجانب الغربي لبحيرة الحولة عام 1883 بالإضافة إلى مستوطنة "مشمار هاي باروك" قرب الحدود اللبنانية ضمن حوض نهر الأردن
كما استمرت المحاولات المتلاحقة بعد قيام المؤتمر الصهيوني بزعامة هرتزل عام 1897 لإقناع الدول العظمى حينئذ بمساعدتهم في الاستيلاء على المزيد من ألأراضي لتوطيد الاستيطان في فلسطين ضمن خطة إستراتيجية من الناحيتين السياسية والعسكرية، لإقامة شبكة من المستوطنات في مختلف أنحاء البلاد ، وقد قال مؤسس وزعيم الحركة الصهيونية هرتزل حينها بأن المؤسيسين الحقيقيين للأرض الجديدة القديمة هم مهندسو المياه
فعليهم يعتمد كل شيء في تجفيف المستنقعات وري ألأراضي الزراعية وتوليد الطاقة الكهرومائية .
وكان الاستيلاء على مصادر المياه الخطوة الرئيسية لإرساء حجر الأساس لإسرائيل في بداية هذا القرن، فلم يكن يقتصر الهم الصهيوني على استيطان فلسطين فحسب، بل تعدى ذلك بكثير إلى مناطق أخرى داخل سوريا ولبنان ذلك للسيطرة على المياه ومصادرها في المنطقة وأهمها مياه الليطاني من منبعه حتى مصبه في البحر الأبيض المتوسط
فالحدود التي طالب بها الصهاينة في مذكرة عام 1919 المقدمة لمؤتمر فرساي في باريس للسلام بعد الحرب العالمية الأولى، كانت تشمل الليطاني ومدينة صيدا وضواحيها وبلدة القرعون. كما طالب الصهاينة بالسيطرة على مصادر المياه عند منابعها لتشمل جميع منابع نهر الأردن واليرموك، بالإضافة إلى السيطرة على مرتفعات الأردن الغربية
وفي الفترة الواقعة بين عامي 1917 و1928 تركز اهتمام الوكالة الصهيونية على الاستحواذ على الأراضي
الضرورية للري والزراعة والصناعة التي تضمن أيضا السيطرة الإستراتيجية على مداخل فلسطين الرئيسية
ونتيجة لهذا الاهتمام استطاعت الصهيونية عام 1934 شراء امتياز تجفيف الحولة، ثم جاء مشروع "الملك لوثر" محققا لجميع الأطماع الصهيونية الرامية إلى الاستيلاء على جميع المياه العربية والأراضي القريبة من مصادرها، فأوعزت الحكومة البريطانية عام 1938 بإنجاز أول دراسة هيدرولوجية لوادي الأردن لتحويل مياه نهر اليرموك -أحد روافد الأردن- لري أراض تمتد بين بحيرة طبريا والبحر الميت
وجاء عام 1944 الذي تم فيه الاقتراح بالاستيلاء على مياه نهر الأردن وتحويلها إلى صحراء النقب، وهذه كانت المرحلة الأولى من السعي الحثيث وبشتى السبل والوسائل لمحاولة الحركة الصهيونية تحقيق أحلامها في قيام دولتها والسيطرة على منابع المياه الضرورية لها
ثم جاءت المرحلة الثانية، فبعد عقد اتفاقيات الهدنة عام 1949 بين دولة إسرائيل التي أنشأت بين لبنان والأردن وسوريا ومصر، كان هم إسرائيل الأول هو ضمان السيطرة على مياه نهر الأردن وروافده
وفي عام 1951 بدأ أيضا العمل بمشروع تجفيف بحيرة الحولة واستصلاح 130 ألف دونم واستغلال 100 مليون متر مكعب من مياه نهر الأردن لريها، وبعد الانتهاء منها انتقلوا إلى بناء محطة كهربائية عند جسر بنات يعقوب إلى شمالي بحيرة طبريا، وبناء قناة تحويل من هذه المحطة إلى شمال البحيرة
ودمجت حكومة إسرائيل مشاريع مائية ببعضها، وباشرت بأكبر مشاريعها المائية عام 1956 وهو المعروف باسم "مشروع المياه الوطني" الذي هدف إلى تحويل مياه نهر الأردن العلوي إلى المنطقة الساحلية ومنها إلى النقب
وفي منتصف مايو/أيار 1964 أعلنت إسرائيل تدفق مياه نهر الأردن إلى منطقة النقب جنوب فلسطين بواسطة مضخات ضخمة ترفع المياه من 108م تحت سطح البحر إلى 238م فوق السطح وتستهلك ثلث إجمالي كمية الكهرباء التي تحتاجها إسرائيل، أي بتكاليف باهظة من الأموال التي تدفقت وما زالت تتدفق عليهم من دول الغرب وبخاصة أميركا
وكان معلوما سلفاً لدى إسرائيل أن هذا التحويل من شأنه زيادة ملوحة ما تبقى من مياه النهر الذي يتدفق داخل الأردن، ومما تسبب ايضا في حرمان مناطق ألأغوار على جانبي النهر من المياه الصالحة لري مساحات واسعة من ألأراضي الخصبة الصالحة للزراعة .
الممارسات ألأسرائيلية في حوض نهر ألأردن مخالفة للقانون الدولي وجرائم بحق البيئة وألأنسانية
• تجفيف بحيرة الحولة
إن استراتيجية اسرائيل في نسف نظام الهدنة كانت واضحة في مشروع تجفيف بحيرة الحولة ،، ففي الفترة مابين كانون الثاني- أذار 1951 اطلقت اسرائيل مشروع تجفيف وري منطقة بحيرة الحولة على الضفة الغربية في الجزء العلوي لنهر الأردن ،، ويقع وادي الحولة في القطاع الشمالي الشرقي من اسرائيل قريبا من الحدود السورية ،، وأهمية بحيرة الحولة الرئيسية تتعلق بنهر الأردن الذي يستمد مياهه الأساسية من ثلاثة روافد اساسية الدان ، بانياس والحاصباني .
وقبل إنهاء اسرائيل لمشروع تجفيف بحيرة الحولة عام 1958 كان نهر ألأردن يمر عبر مستنقعات ومدي الحولة ويخرج من الطرف الجنوبي للبحيرة وكان الشاطيء الشرقي للبحيرة والوادي الجنوبي ضمن المنطقة المجردة من السلاح ، لذلك كانت اسرائيل تهدف من عملية التجفيف السيطرة وألأستيلاء على المنطقة المجردة والحصول على ما لايقل عن 100 مليون متر مكعب من مياه النهر لري 250000 دونم من اراضي سهل الحولة ، كما وفرت خطة التجفيف ألأساس لأنشاء محطة توليد الطاقة بين بحيرة الحولة وبحيرة طبريا .
تشكل بحيرة الحولة جزءا طبيعيا وهيدرولوجيا هاما من الحوض الرئيسي لنهر ألأردن وهو حوض دولي تتشاطيء فية خمسة أطراف ولا يجوز للأسرائيلين القيام بهذا العمل المخالف للقانون الدولي ، خاصة وان ألأجراء الأسرائيلي تسبب بالحاق اضرار بالغة في بيئة الحوض ونظامه المائي نظرا لموقع البحيرة وتركيبها الجيولوجي وأهمية ذلك على نظام التوازن الهيدرولوجي للجزء العلوي من الحوض إمتدادا حتى بحيرة طبريا لذلك فأن ألأجراءات ألأسرائيلية في تجفيف بحيرة الحولة تشكل مخالفة قانونية فاضحة وجريمة بحق البيئة الطبيعية وبحق ألأنسانية .
كانت المساحة المائية للبحيرة تغطي اكثر من 20 كيلو متر مربع ، حيث كان يصل طولها الى 5 كيلو متر وعرضها حوالي 4 كيلو متر ، وبعمق 6 ميتر تقريبا .
كان موقع البحيرة يشكل محمية طبيعية في غاية من الجمال تحيط بها الجبال من الجهتين الغربية والشرقية وتغطي الغابات وألشجيرات الصغيرة وألأعشاب والقصب كافة جوانبها مع وجود دائم للطيور الجميلة المقيمة والمهاجرة ، وكانت تتواجد في البحيرة بعض انواع الحيوانات مثل بقر الجاموس وغيره .
كانت مئات العائلات الفلسطينية تعيش على صيد ألأسماك من البحيرة وقطع القصب وبيعه وعلى تربية البقر الجاموس وعلى المواشي والزراعة في محيط البحيرة .
خلال اعمال التجفيف، كثرت الانتقادات المعارضة للمشروع، حيث تجمع المحتجبن من خلال جمعيات اهلية أنشأت آنذاك - منها "الجمعية الإسرائيلية لحماية الطبيعة"، التي ما زالت من أكبر المنظمات الجماهيرية في إسرائيل. مع أن المحاولات لوقف المشروع فشلت، إلا ان الجمعية نجحت في أقناع الحكومة الإسرائيلية بالحفاظ على 3 كم مربع من مساحة البحيرة كمحمية طبيعية. في التسعينات، بعد أن يئس أغلبية المزارعين من إمكانية استغلال أراضي الحولة، كما بدأت محاولات إعادة إغراق بعض الأراضي في محاولة لاستعادة بعض التحف الطبيعية التي تميز بها المكان قبل تجفيف البحيرة.
• ضخ المياه خارج منطقة الحوض :
أقام ألأسرائيليون محطات ضخ على الشاطيء الغربي لبحيرة طبريا يجري من خلالها ضخ ما معدله 450 الى 550 مليون متر مكعب سنويا من البحيرة ، وتنقل هذه المياه بواسطة الخط الناقل القطري الى مناطق السهل الساحلي وحتى شمال النقب لري مزارع القطن والمحاصيل الزراعية ألأخرى . وبهذا العمل يرتكب ألأسرائيليون مخالفة كبرى وفق قواعد القانون الدولي بنقل مياه الحوض خارج حدوده بل سرقة حقوق ألأخرين في الحوض ونقلها الى مناطق خارج الحوض ، والحاق الضرر الكبير والمباشر بصالح ألأطراف المشاطئة ألأخرى
• تدمير البيئة الطبيعية لبحيرة طبريا والتسبب في زيادة معدل تركيز الملوحة في مياهها:
نتيجة لعمليات الضخ الجارية لأكثر من 140 مليون متر مكعب من مجرى نهر ألأردن العلوي قبل وصوله الى بحيرة طبريا لري ألأراضي الزراعية التي إستصلحت في منطقة سهل الحولة بعد عملية تجفيف البحيرة ، مع إستخدام ألأسمدة العضوية بكميات هائلة في مناطق سهل الحولة ، وضخ مستمر لأكثر من 550 مليون متر مكعب من بحيرة طبريا عبر الخط الناقل، فأن هذا ألأجراءات قد تسببت في إرتفاع كبير لتركيز معدل الملوحة (الكلوريد) في بحيرة طبريا من 230 قبل عام 1966 الى أكثر من 750 ميليغرام حاليا وتلويث مياه البحيرة بمواد عضوية ضارة، كما ان عمليات الضخ المتواصلة من الجزء العلوي للحوض ومن بحيرة طبريا ، ادت الى تراجع المياه وانكماش شواطيء البحيرة الى مسافات كبيرة اصبحت تلحق ضررا كبيرا للبيئة الطبيعية للبحيرة . ( نذكر بحادثة تلوث مياه الشرب في مدينة عمان قبل عدة سنوات بسبب التلوث العضوي الذي كانت تحتويه المياه المزودة لمدينة عمان من بحيرة طبريا )
تعتبر بيحيرة طبريا الخزان الطبيعي لحوض نهر ألأردن وتشكل جزءا رئيسيا من حوضه وبالتالي فهذه البحيرة ليست ملكا للأسرائليين وليس من حقهم التصرف على هذا النحو بطبيعة وبيئة لالبحيرة وسرقة مياهها وتحويلها الى مناطق خارج حدود الحوض، وهذا امر فاضح يتعارض مع القانون الدولي ومع كافة مرجعياته وأعرافه ...
• تدمير الجزء الجنوبي من حوض نهر الأردن :ادت النشاطات وألأعمال التي قام بها ألأسرائيليون في منطقة حوض بحيرة طبريا الى تدمير بيئة الجزء السفلي من النهر وجفاف وتلوث مياه هذا الجزء ، بدءا من مخرجه جنوب البحيرة وحتى مصبه في البحر الميت وتحوله الى جدول صغير تجري فيه مياه الينابيع المالحة ومياه المجاري والسوائل الملوثة ، ومن تلك النشاطات وألأعمال المخالفة للقانون الدولي ولكافة القوانين والتشريعات المتعلقة بحماية البيئية والصحة العامة نذكر ألأتي:
- قيام إسرائيل بأغلاق منطقة مخرج النهر من الجزء الجنوبي للبحيرة بتركيب بوابات ضخمة على المخرج بهدف وقف تدفق المياه من البحيرة الى الجزء الجنوبي للحوض بشكل كامل ، وبالتالي لم تعد تجري المياه في هذا الجزء منذ إغلاق مخرجه عام 1965 .
- حويل مياه الينابيع الجانبية لبحيرة طبريا وهي مجموعة الينابيع المالحة الى المجرى السفلي للحوض ويقدر معدل تصريف تلك الينابيع بحوالي 40 مليون متر مكعب
- تحويل مياه المجاري غير المعالجة ومياه برك ألأسماك القذرة والمخلفات الصناعية السائلة من منطقة بيسان الى المجرى السفلي للنهر الذي حولته إسرائيل الى مكب منذ العام 1966
- منع الفلسطينيين من إستكمال مشروع بناء قناة الغور الغربية الذي كان قد بداء العمل فيها بدعم من الحكومة ألأمريكية بالتوازي مع قناة الغور الشرقية
- تدمير كافة المنشاءات ومحطات الضخ التي كانت مقامة على الجانب الغربي لنهر ألأردن والتي كانت تستخدم لري أراضي الأغوار الفلسطينية على مساحة مروية تتجاوز 40000 دونم وكانت تشكل سلة الخضار بالنسبة للفلسطينيين ، كما قام الجيش ألأسرائيلي بأبعاد الفلسطينيين عن ضفة النهر وإغلاق المنطقة وإعتبارها منطقة عسكرية ، مما ادى الى الحاق اضرار جسيمة لحياة الفلسطينيين ، وما قامت به إسرائيل بهذا الشأن يخالف القانون الدولي والقانون الأنساني وقوانين البيءة وقوانين الشريعة السماوية وألأخلاقية والدينية ....
• تدمير بيئة البحر الميت ،: نتيجة لأغلاق إسرائيل لمخارج النهر في الجزء الجنوبي من بحيرة طبريا والقيام بتحويل مياه الفياضانات من حوض نهراليرموك الى بحيرة طبريا ، فقد تحولت منطقة ملتقى النهرين (ملتقى نهر الأردن مع نهر اليرموك) الى منطقة شبه صحراوية لم تعد تصلها المياه منذ اكثر من 20 عاما بأستثناء كما ذكرنا تصريف مياه الينابيع العالية الملوحة وميا المجاري والسوائل القذرة القادمة من منطقة بيسان .
كان نهر ألأردن يحمل سنويا معدل 1320 مليون متر مكعب كتصريف دائم يصب في البحر الميت ، وخلال السنوات الماطرة كان يتجاوز تصريف النهر كما اشرنا سابقا الى حوالي 2200 مليون متر مكعب ، بعد إغلاق المخارج للجزء الجنوبي وضخ كامل تصريف الحوض العلوي الى مناطق سهل الحولة والى مناطق السهل الساحلي وشمال النقب ، لم تعد تصل البحر الميت اية كميات من تصريف الحوض بشكل كامل بأستثناء 40 الى 50 مليون متر مكعب من تصريف الينابيع المالحة ومياه المجاري وكميات محدودودة جدا قد لا تزيد على 20 مليون متر مكعب ناتجة عن مياه السيول الموسمية من جبال الأردن .
أدى هذا الوضع تدريجيا الى حدوث إنكماش وتراجع كبير في المساحة المائية لبحر الميت من 1200 كيلو متر مربع قبل العام 1965 الى اقل من 500 كيلو متر مربع حالي ، مع هبوط في مستوى سطح المياه الى اكثر من 40 متر خلال نفس الفترة المشار اليها ، ويعتقد حسب بعض الخبراء ان تضمحل وتختفي كليا المساحة المائية المتبقية خلال ال 50 عاما القادمة ، حيث ان البحر الميت يفقد سنويا اكثر من الف مليون متر مكعب نتيجة التبخر ولم تعد توجد مصادر مياه لتعوض الخسارة ، مما يؤدي الى حصول الهبوط في مستوى سطح المياه بمعدل متر سنويا .
التراجع الكبير في مساحة البحر الميت وهبوط مستوى المياه اصبح يشكل تهديدا كبيرا لسلامة وامان شواطئه بسبب نشوء الحفر ألأنهدامية على إمتداد الشاطيء والتي تشكل خطورة بالغة على حياة السواح ،وكذلك على المنشاءات السياحية والصناعية المقامة
يعتبر موقع البحر الميت أخفض منطقة في العالم ويشكل منتجعا صحيا وعلاجيا وسياحيا فريدا من نوعة نظرا لخصوصيات البيئة الطبيعية الجميلة ونوعية وتركيبة مياهه المالحة والتي تحتوي على كافة ألأملاح والعناصر العلاجية للجلد والعظام والصحة العامة .
جاري إستكمال الدراسات لمشروع نقل المياه من البحر ألأحمر الى البحر الميت من خلال قناة بطول 220 كيلو متر ، تأمل حكومة ألأردن وهي ألأكثر حماسا لهذا المشروع ان تنجح في تنفيذه بدعم دولي بهدف حماية بيئة البحر وألأستفادة من اسقاط المياه المنقولة بمعدل 1100 مليون متر مكعب سنويا ، لتوليد الطاقة الكهربائية ولتحلية جزء كبير من هذه الكميات بأستخدام مصادر الطاقة الرخيصة التي سيتم الحصول عليها من المشروع نفسه .
لا نعتقد حسب وجهة نظرنا ان مشروع نقل المياه من البحر الأحمر الى البحر الميت سيكون بمثابة الحل الصحيح ، وذلك لأسباب بيئية وغير بيئية عديدة والحل الوحيد وألأفضل وألأمثل هو إعادة مياه نهر ألأردن لتصب في البحر الميت كما كانت عليه في السابق ، هذا إذا ما اريد للبحر الميت ان لا يموت وان لا يضمحل ويختفي ، فحماية هذا المعلم الطبيعي الفريد وفوائده السياحية والعلاجية الهامة تفرض على الجميع التضحية والتوقف عن هدر مياه الحوض في زراعة القطن وغيرها من المحاصيل الزراعية التي لا تساوي شيء مقارنة بأهمية البحر الميت .
إسرائيل هي المسؤولة بالدرجة ألأولى عن دمار بيئة هذه البحيرة الطبيعية الجميلة لأنها تستخدم معظم مياه الحوض في الزراعة وتغلق مخارجه وتمنع وصول المياه الى مجراه الطبيعي ، وهذا ألأمر يعتبر مخالفة للقانون الدولي ولكافة ألأنظمة والتشريعات البيئية التي أقرتها المؤسسات والمنظمات الدولية بشأن مجاري ألأنهر الدولية وبشأن البيئة المائية .
الجوانب القانونية التي تدين الممارسات وألأجراءات ألأسرائيلية المتخذة في الحوض :
وفق التعريف القانوني الذي اقرته اتفاقية قانون استخدام مياه المجاري الدولية في الأغراض غير الملاحية
اتفاقية الأمم المتحدة لاستخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية 1997”
United Nations Convention on the Law of the Non-navigational Uses of
“International Watercourses [New York, 21 May 1997]
والتي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 21/05/1997 فأن حوض نهر ألأردن هو نظام لمجرى مائي دولي عابر للحدود ، تتشاطيء وتتشارك في حوضه خمسة أطراف تضم : لبنان ،سورية ، ألأردن ، إسرائيل وفلسطين .
ووفق المادة الخامسة من هذه ألأتفاقية بشأن ألأنتفاع اوالمشاركة ، فأن لكافة دول المجرى المائي كل في إقليمها ، حق ألأنتفاع الكامل بالمجرى المائي الدولي بطريقة منصفة ومعقولة مع مراعاة حقوق ومصالح دول المجرى المائي وعلى نحويتفق مع توفير الحماية الكافية لحوض المجرى .
وهذا طبقا لمبدأ الانتفاع والمشاركة المنصفان : شرعت الاتفاقية الحاجة الطبيعية والحيوية لدولة المجرى من موارده المائية حين أقرت به وجعلته من حقها ، ويستخلص ذلك من المادة 6 التي ذهبت إلي أنه يجب على دول المجري المائي ، بغية ضمان الحق ولا لأحد سلطة إنفرادية مطلقة على المجرى ، فقد تم تقييده بإشاعة ذلك الحق لكل دول المجري وقد ربط استخدام ذلك الحق بأن يستخدم بطريقة منصفة ومعقولة :
( utilize in an equitable and reasonable manner)
وان تعمل كل دولة من دول المجرى الدولي المائي على تنميته بغية ألأنتفاع به بصورة مثلى ومستديمة مع إحترام حقوق ومصالح بقية دول المجري وعدم الإضرار بالمجرى نفسه . وفي ذلك فأن سلوك الدولة يجب أن يتفق مع الالتزام بالانتفاع المنصف ، وتأخذ في الاعتبار وعلى نحو مستمر جميع العوامل ذات الصلة لضمان احترام حقوق الدول الأخرى. ولما كانت معايير العدالة والانصاف تقديرية ويمكن بالتالي أن تكون محل اختلاف فقد أوردت المادة السادسة أمثلةً لتلك العوامل شريطة أن يتم التفاوض بشأنها متحلين بروح التعاون على أن يتم النظر فيها كحزمة واحدة مع إعطاء وزن لكل عامل منها حسب أهميته الفعلية بالمقارنة مع العوامل الأخرى :
. • الحاجات الاجتماعية والاقتصادية لدول المجرى المائي المعنية
. • العوامل الجغرافية والهيدروغرافية والمناخية والإيكلوجية العوامل الأخرى التي لها صفة طبيعية
. • السكان الذين يعتمدون على المجرى المائي
. • آثار استخدام المجرى المائي في إحدى دول المجرى علي غيرها من دول المجري
• حفظ الموارد المائية للمجرى وحمايتها وتنميتها
• ألأقتصاد في ألأستخدامات القائمة والمحتملة للمجرى
• تكاليف التدابير المتخذة في هذا الصدد
. •مدى توافر بدائل ذات قيمة لاستخدام معين مزمع أو قائم
كما نصت الماد السابعة من ألأتفاقية على فرض ألألتزام على ألأطراف المشاطئة بعدم التسبب في الضرر الملموس وذي شأن حيث تضمنت هذه المادة على ان تتخذ دول المجرى المائي كل التدابير اللازمة للحيلولة دون التسبب في الحاق الضرر الملموس لدول المجرى المائي ألأخرى ....
وبمجب هذه المادة يجب ان تقوم كل دولة مشاطئة لحوض المجرى الألتزام باتخاذ كل التدابير المناسبة للحيلولة دون التسبب في ضرر ذي شأن لباقي دول المجرى ، كما أنه عليها في حالة حدوث ذلك الضرر التشاور مع الدول المتضررة من أجل إزالته أو تخفيفه والتعويض عنه . والضرر الملموس حسب القانون الدولى يقصد به المساس بحق أو مصلحة مشروعة لأحد أشخاص القانون الدولي .
ويما يختص بتمكين قضايا المياه وإبعادها من الدائرة المحتملة للصراع فقد أولت الأمم المتحدة عنايتها التامة حين باشرت بشأنها العديد من الأنشطة والقرارات نذكر منها :
• في إطار برامج حماية البيئة ، صدر إعلان استوكهولم 1972 الذي كان من ضمن محاوره ما قامت الدول بإقراره وإبرام عدة اتفاقيات في مجالات البيئة المختلفة ، وكان من ضمن إلتزامات الدول في المجال الداخلي وقف عمليات إلقاء المواد السامة والضارة الأخري التي تلوث المياه وثؤثر سلباً في النظم الايكولوجية المائية ومصائد الأسماك ، ويأتي أهمية هذا الإعلان في أنه حماية وقائية للأنهار الدولية حتي لاتكون مكباً لمواد في غاية الخطورة على صحة الإنسان في الدولة المشاطئة ويقلل من الاستفادة من نصيبها في مياه النهر
• وفي يناير من عام 1992 نظمت الأمم المتحدة المؤتمر الدولي للمياه والبيئة وقد صدر عن هذا المؤتمر ما تضمن عدداً من المبادئ التي تعني في مجملها إدارة الموارد المائية المشتركة وتحفيز التعاون المائي الدولي بين الدول المتشاطئة في الأحواض المائية الدولية
• وفي قمة الألفية عام 2000 تبنت الأمم المتحدة ضمن اهداف الإنمائية الألفية والتي وافقت عليها جميع الدول الأعضاء وقف الاستغلال غير المستدام للموارد المائية والتعاون لحل قضايا المياه المشتركة ....
خلاصة ووجهة نظر
مما تقدم يتضح بأن ألأسرائيلين فرضو على العرب سياسة ألأمر الواقع وقد حققوا ما يريدونه من خلال فرض هذه السياسة ولم ولن يأتي اليوم الذي سيعترفون به بالحقوق العربية لا في حوض نهر ألأردن ولا في ألأحواض الجوفية ولن يعترفوا بكافة المرجعيات السياسية والقانونية وألأدبية الدولية وخاصة ما تضمنته إتفاقية ألأمم المتحدة لعام 1997 ويرفضون القانون الدولي بكامله وكافة المباديء والقواعد وألأسس التي تقوم عليها الشرعية الدولية بشأن مجاري الأحوض المائية المشتركة ، فهم لا يعترفون إلا بسياسة الهيمنة والسيطرة وفرض ألأمر الواقع دائما ومسبقا كما فعلوا وما زالوا يفعلون بالتوسع الأستيطاني ، وهي نفس السياسة التي طبقوها في كافة المجالات ومن ضمنها السياسة المائية القائمة على ألأستيلاة بالقوة على كافة مصادر المياه العذبة الفلسطينية والعربية المجاورة لفلسطين..
تجاوز ألأسرائيليون كافة القوانين وألأعراف والتشريعات الدولية وفي مقدمتها القانون الدولي وسيطروا على كافة مصادر مياه الجزء العلوي من الحوض وقاموا بأجراءات تدميرية للبيئة الطبيعية لسهل الحولة والبيئة المائية لبحيرة طبريا وللحوض السفلي لنهر ألأردن وللأراضي الزراعية في مناطة الغور الغربي بألأضافة الى تدمير بيئة البحر الميت وهذه جميعها تشكل أضرارا ملموسة وكبيرة جدا ترقى الى درجة جرائم التدمير والسيطرة بالقوة والنهب والسرقة لحقوق ألأطراف العربية المشاطئة للحوض وخاصة الفلسطينيين ....
فهل حوض نهر ألأردن المقدس وكما سمي بنهر ألأنبياء لا زال في ذاكرة العرب وهل من ربيع عربي موحد يعيد هذا النهر الخالد الذي كما وصفه احد الشعراء ... بنهر ألأنبياء .. النهر الذي يموت الدهر وهو لا يموت ، الى احضان امته واصحابه الأصليين العرب
نعتقد ان بأمكان مؤسسات المجتمع المدني المختصة والعاملة في مجال المياه في كافة الدول العربية ان تتحرك وتبادر وتبدء العمل في تشكيل هيئة او جمعية عربية عليا يطلق عليها "الهيئة العربية العليا لحوض نهر الأردن " او اي اسم اخر ، تختص وتساهم في العمل على إسترجاع الحقوق العربية في هذا الحوض ، من خلال ممارسة الضغط على الحكومات العربية وعلى الحكومات والهيئات الدولية ... بشتى الوسائل والطرق المهنية والعلمية المتاحة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.