أذعنت أخيرا الولاياتالمتحدة ورضخت إدارة أوباما للابتزاز الإسرائيلي الرافض لتجميد البناء في المستوطنات خلال لقاء ناتنياهو ميتشل في لندن حيث وافقت على سحب مطلبها للبناء في الأراضي الفلسطينية وهذا يعني أن واشنطن قد بدلت من مواقفها السابقة على الأقل المعلنة بما يعني أن الاستيطان لم يعد عائقا أمام استئناف المفاوضات ووقفه لم يعد شرطا مسبقا لأية محادثات. لقد بررت الولاياتالمتحدة انجيازها لإسرائيل بأن الهدف من عملية السلام ليس فرض شروط مسبقة من طرفها على إسرائيل وعلى السلطة الفلسطينية وعلى بلدان أخرى بل يقتصر دورها على مجرد طرح أفكار بشأن طرق استئناف المفاوضات لكن في النهاية من حق الأطراف المعنية تحديد ما إذا كانت نقطة الانطلاق قد تحققت. إن الضغوط التي مارسها المبعوث الخاص للإدارة الأمريكية الى منطقة الشرق الأوسط على الفلسطينيين والدول العربية المجاورة بهدف حثها على اتخاذ إجراءات لبناء ما يسمى ب«الثقة» من أجل استئناف مفاوضات السلام المجمدة حاليا، لا تساعده مثل هذه المواقف الأمريكية الموغلة في الانحياز والكيل بمكيالين نظرا لأنها أصبحت مفضوحة وواضحة للعيان، وهي مواقف دون أدنى شك سوف لن تبني أيّة ثقة ولن تساعد في تأسيس أية نوايا حسنة مستقبلا بين الأطراف المعنية ما لم تكف إسرائيل عن نهجها العدواني المتواصل منذ عقود واستمرار الدعم الأمريكي غير المشروط لها مقابل الالتفاف عن حقوق الشعب الفلسطيني العادلة والتي أقرتها الشرعية الدولية. لا شك أن استمرار الدعم الأمريكي لسياسات تل أبيب ليس بالأمر المستجد فقد دأبت على ذلك كل إدارات البيت الأبيض وبالتأكيد ليس بالأمر الغريب أن يناقض أوباما ما أعلنه سابقا في ظل تعنت إسرائيلي ومواقف ناتنياهو المتطرفة التي عبر عنها خلال مباحثاته مع ميتشل الأخيرة، الأمر الذي دفع بالمسؤولين الأمريكيين الى الإقرار بضرورة التوصل الى حلول وسطى مع تل أبيب وهو ما يعني الخضوع والاذعان للشروط الإسرائيلية الموغلة في الابتزاز والتملّص من كل استحقاق والتزام تجاه الفلسطينيين والأسرة الدولية. وفي ظل هذه المواقف الأمريكية المنحازة والتعنت الإسرائيلي غير المساعدين لاستئناف قطار السلام في المنطقة ودفع المفاوضات الى الأمام سيكون المطروح على الفلسطينيين اليوم - على الأقل - بناء الثقة فيما بينهم من أجل بناء وحدة وطنية حقيقية كفيلة بتجاوز المأزق الذي تردت إليه الأوضاع الداخلية، وتوحيد الجهود لمجابهة المخططات الإسرائيلية فهل يعي الفلسطينيون هذه الحقيقة؟