تونس الصباح مع اقترابنا من الموعد الانتخابي المقرر لأكتوبر 2009، ومع بداية التحضيرات لاستكمال القائمات الانتخابية التشريعية داخل الأحزاب السياسية، ظهرت العديد من الإشكاليات حول مسألة حظوظ الشباب والنساء في هذه القائمات. وفي أول إعلان عن القائمات الانتخابية التشريعية الأولية، لم تتضمن قائمات حزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي سوى عنصر نسويً وحيد سيترأس قائمة الحزب في منوبة في حين يقدر معدل أعمار رؤساء القوائم ب47 سنة مما يدفع إلى التساؤل حول قدرة أحزاب المعارضة على التشريك الفعلي لفئة الشباب والمرأة خاصة أن هذه العناصر تمثل كتلة مؤثرة ديمغرافيًا وعمودًا اقتصاديًا أساسيًا وحيويًا لم ينفك الخطاب السياسي للحزب الحاكم كما للمعارضة يضاعف الاهتمام بها. حرب رؤساء القوائم من أبرز الإشكاليات التي ظهرت على السطح مسألة ترأس القائمات. فمع اقتراب موعد تشكيلها، كثرت التنقلات من حزب إلى آخر وظهرت نزاعات تكوين جامعات من قبل بعض المنضوين داخل هذه الأحزاب بنيّة الترفيع في إمكانية الترشح لترأس قائمة تخول لصاحبها الفوز بمقعد برلماني. ومع بداية النقاش حول تشكيل القائمات التشريعية برز جدل حاد حول الأسماء والضوابط المحددة للتواجد في هذه القائمات مثل الأزمة التي يمر بها حزب الخضر المتمثلة في استقالة إبراهيم الأطرش عضو المكتب السياسي وخالد كبوس الأمين العام المساعد وذلك قبل الحسم في مسألة القوائم داخل الأطر الحزبية. وما شهده الاتحاد الوحدوي الديمقراطي من استقالة عمار الزغلامي عضو مجلس النواب على خلفية عدم تواجده على رأس قائمة إحدى الدوائر تلتها استقالة جماعية لأعضاء جامعة الحزب في الكاف. «حرب رؤساء القوائم التشريعية» كما وصفها البعض، يبدو أنها جعلت أحزاب المعارضة تهتم بصدع رأيها والاختلافات داخلها ومحاولة إرضاء البعض على حساب البعض الآخر مما رجح التصور الذي يرى من هذه الإشكاليات التي تمر بها هذه الأحزاب وراء عدم إيلاء مسألة تشريك العنصر الشبابي والنسوي حقه في هذا الاستحقاق التشريعي الوطني رغم التوقعات بتوسع مشاركة أغلب هذه الأحزاب في مشاركتها لتشمل كامل الدوائر الانتخابية الستة والعشرين. وضع هشّ للشباب والنساء داخل الهياكل الحزبية أحالتنا مسألة تشريك العنصر الشبابي والنسائي في القائمات التشريعية إلى إشكال آخر تمر به أحزاب المعارضة. ففي الانتخابات التشريعية السابقة لم تحصل المرأة سوى على 4 مقاعد برلمانية لأحزاب المعارضة مجتمعة في حين وصل عدد ناخبات الحزب الحاكم إلى 39 مقعدًا. كما تكونت تركيبة هذه الأحزاب أيضًا من الكهول والشخصيات المؤثرة من أصحاب التجربة الطويلة في العمل السياسي دون وجود عناصر شابة. والملاحظ أن هيكلة هذه الأحزاب تشهد ظاهرة شغل العنصر الواحد لأكثر من خطة حزبية في حين تهمش العناصر الشابة والنسوية ولا تعد سوى أرقامًا إضافية داخلها. وتعاني هذه الأحزاب من نقص في الإشعاع وفتور للقاعدة الجماهيرية وذلك لعدم نضج العمل المؤسساتي الوظيفي المنظم داخلها وهو ما جعلها تجد صعوبة في تطوير خطابها السياسي الذي لم يستطع استقطاب الشباب والنساء الطامحين إلى شراكة حقيقية وفرص لإثبات الذات والكفاءات. وجود هامشي في القائمات التشريعية في حديثنا مع الشاب محمّد مهدي الطباخ عضو المجلس المركزي لحزب الوحدة الشعبية أشار إلى أن «مسألة تشريك الشباب لا تعني أن تفتح باب «الكوتا» أي الحصص، ويكفي الإعتماد على المقاييس والضوابط الموضوعية حتى نجد مشاركة هامة لهذه الفئة في القائمات التشريعية»... ورغم هذا فإن عدم تحديد نسبة واضحة أو اتخاذ قرارات جريئة داخل هذه الأحزاب قد يعيد سيناريوهات الانتخابات السابقة، فعدم ترأس الشباب والنساء لقائمات الأحزاب التي ينضوون تحتها جعل من مشاركتهم أمرًا ثانويًا خاصة إذا علمنا أن رؤساء القوائم فقط يمكنهم الفوز بمقعد في مجلس النواب، وهذا بدوره يحيلنا إلى أن المؤشرات داخل جل أحزاب المعارضة تدل على مشاركة هامشية للعنصر النسوي والشاب. ويذكر أن بعض الأحزاب تنوي الاستنجاد بمجموعات شابة لاستكمال قائماتها الانتخابية مثل حزب التكتل الذي شهد في الأشهر الأخيرة استقالة جماعية لعدد من عناصره الشابة أحدثت فراغًا واضحًا في هياكله. الثمن الصعوبات التي تمر بها احزاب المعارضة وعدم التعويل على العنصر النسائي والشبابي يطرح مسألة قدرتها على التأثير في مسار هذه الانتخابات وفي نتائجها السياسية، خاصة أن العملية الانتخابية تعززت بتمكين حوالي نصف مليون نائب شاب من المشاركة في العملية بعد التخفيض في سن الاقتراع إلى 18 سنة. وهذه الأحزاب مطالبة بمزيد العمل وتكثيف الجهود خاصة أنها تخوض غمار الانتخابات التعددية الخامسة التي تشهدها البلاد. وفي انتظار استكمال تقديم القائمات الانتخابية التشريعية للأحزاب ومع الاقتراب من أسبوع تقديم الترشحات للانتخابات التشريعية بين 20 و26 سبتمبر الجاري، هل يمكن أن نجد قائمات نسائية مستقلة كما حدث في الانتخابات التشريعية السابقة في دائرة ففصة، حتى تعوض حضورها الهامشي وحظوظها الضئيلة داخل أحزاب المعارضة في هذا الاستحقاق في قائمات مستقلة تعبّر عن طموحاتها؟