تونس-الصباح قبل اقل من أسبوعين عن يوم الاقتراع للانتخابات التشريعية والرئاسية المقرر في 25 أكتوبر الجاري، كثفت الأحزاب السياسية المتنافسة على كسب صوت الشباب، بطرق وأساليب مختلفة، هذه الفئة التي ازداد وزنها الانتخابي ثقلا بعد تعديل المجلة الانتخابية الذي أضاف نصف مليون ناخب جديد من الشباب ممن تبلغ أعمارهم 18 سنة. وقد ساهم التخفيض في السن الدنيا للانتخاب إلى 18 سنة في مزيد إنعاش الحياة السياسية بدم جديد وروح شبابية. وهو ما دفع مختلف الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات إلى إقرار برامج وخطط دعائية لاستقطاب هذه الفئة المهمة واقناعها بالمشاركة في العملية الانتخابية. فضلا عن تشريك نسب متفاوتة من الكفاءات الشبابية ضمن قائماتها الانتخابية. ورغم حضورهم النسبي في أحزاب المعارضة المشاركة في الانتخابات، سواء من حيث المنخرطين، او من حيث المشاركين في مختلف حلقات النقاش والمنتديات السياسية، أو في القائمات الانتخابية، تبين أن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي يظل دون منازع أكثر حزب نجح ليس فقط في استقطاب نسب كبيرة من الشباب في صفوف منخرطيه، لكن أيضا بادر بتشريك نسبة ليست بالهينة من الشباب تفوق 30 بالمائة ضمن أعضاء قائماته الانتخابية المرشحة للانتخابات التشريعية. فضلا عن حضروهم المكثف ضمن اللجنة المركزية للحزب. كسب صوت الشباب لكن كسب صوت الشباب ليس بالأمر الهين، إذ أن المعضلة الأساسية التي باتت تعيق الأحزاب السياسية هي في كيفية مخاطبة هذه الفئة بلغة تفهمها وقريبة من أبجديات مشاغلها واهتماماتها اليومية. خاصة وأنه اتضح أن الأساليب القديمة، والخطاب الدعائي الكلاسيكي لم تجد نفعا في اقناع نسبة كبيرة من الشباب على المشاركة الفاعلة ليس فقط في الحياة السياسية والجمعياتية، ولكن أيضا في ممارسة حقه في الانتخاب. وهو دفع، والحال كذلك، جل الأحزاب، بأشكال وتعبئة متفاوتة إلى الرهان على الشباب، في المحطة الانتخابية الحالية. مستغلة ما تتيحه الإمكانيات الحديثة للاتصال من فضاءات رحبة سهلة الولوج يمكن عبرها لفت انتباه جيل الانترنيت والجوال والتطبيقات الإعلامية.. النضال الالكتروني.. وقد بات اليوم استغلال تكنولوجيات الاتصال خاصة شبكة الانترنيت للدعاية للبرامج الانتخابية والاستقطاب السياسي خاصة لفئة الشباب واقعا ملموسا، بل إن مفاهيم جديدة في العمل السياسي فرضت نفسها، على غرار العمل السياسي الافتراضي أو ما يسمى بالنضال الالكتروني، عبر شبكة الانترنت التي مكنت الشباب التونسي من الخروج من الانكماش والتعبير عن رأيه والمشاركة في الحياة العامة ولو عن بعد. واتجهت بعض الأحزاب السياسية إلى مخاطبة الشباب من خلال مجموعات الأصدقاء على شبكات الانترنت، وهي فضاءات افتراضية منتشرة أساسا في مواقع دردشة الكترونية تستقطب آلاف الشباب التونسي مثل الفايس بوك، او تويتر او غيرها من المواقع التي تعج بها الشبكة الالكترونية. وتمثل تلك المجموعات الخاصة فضاءات شبابية معروفة للتعبير عن آرائها وأفكارها وانتظاراتها.. أو عبر تشكيل مجموعات مساندة لهذا الحزب أو ذلك.. كما أحدث بعض الأحزاب منتديات الكترونية خاصة بها على شبكة الانترنيت للتعريف بنفسها واستقطاب أكثر ما يمكن من مستخدمي الانترنيت في تونس. وتمرير آراء ممثليهم في الانتخابات.. نشاط مكثف للتجمع لكن التجمع لاح من أبرز الأحزاب التي ينشط منخرطوه بكثرة لافتة لاستقطاب الشباب من خلال استغلال شبكة الانترنيت، فعديدة هي المنتديات، والمواقع، والمجموعات الالكترونية المساندة لأكبر واعرق حزب في البلاد.. وما من شك في أن التجمع الدستوري الديمقراطي حزب يتميز بانتشار واسع وثقل سياسي من حيث عدد المنخرطين، إضافة إلى أنه يضم أرحب الفضاءات السياسية التي تستقطب الشباب بمختلف فئاته ومستوياته الثقافية والاجتماعية تعمل على تأطير الشباب وتكوينه وتنمية وعيه السياسي ودفع مشاركته في الحياة العامة. كما يستقطب التجمع آلاف الشباب صلب هياكل منظمتي الشباب الدستوري الديمقراطي وطلبة التجمع أو في مختلف المنظمات المنضوية تحت لواء الاتحاد التونسي لمنظمات الشباب، وهي منظمات تستقطب أكثر من 700 ألف شاب ناشطين صلبها ويستفيدون من برامج عملها.. كما انطلقت كل من منظمتي الشباب الدستوري الديمقراطي وطلبة التجمع استعدادا للانتخابات الرئاسية والتشريعية في تنظيم ملتقيات تكوينية ودورات تدريبية لفائدة فرق المساندة الشبابية للحملة الانتخابية، إضافة إلى ندوات جهوية ووطنية وإقليمية حول الأحكام الجديدة للمجلة الانتخابية. ندوات وحلقات نقاش موجهة للشباب وكانت بقية الأحزاب، قد نظمت خلال الفترة الماضية عدة لقاءات ندوات ومنتديات وحلقات نقاش موجهة للشباب استعدادا للحدث الانتخابي على غرار الحزب الاجتماعي التحرري، او الحزب الديمقراطي الوحدوي، وحزب الوحدة الشعبية، وحزب الخضر للتقدم، وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين، في مسعى لتعزيز نسبة منخرطيها من الشباب، وتحضير كوادرها لوضع خطط عملية دعائية لاستقطاب الشباب وإقناعهم على الاقبال على صناديق الاقتراع. كما شكلت معظم أحزاب المعارضة فضاءات تهتم بالشباب تحت مسميات أو عناوين مختلفة على غرار المنظمات الشبابية، أو اللجان الشبابية، ومنتديات التواصل مع الشباب، أو فروع حزبية تهتم بالشباب. وحاول بعضها وضع مشاغل الشباب ضمن أبرز برامجها الانتخابية. وينتظر أن تتكثف وتيرة عمليات استقطاب الشباب مع بداية الحملة الانتخابية التي تنطلق بداية من اليوم الأحد، وقد تأخذ وسائل الاستقطاب والدعاية السياسية أشكالا مختلفة منها التي عهدناها مثل توزيع المطويات، وتلصيق المعلقات أو عقد الاجتماعات المباشرة.. او من خلال استغلال وسائل الاتصال الحديثة من انترنيت، او رسائل الكترونية قصيرة، او عبر الوسائط الإعلامية المتعددة.. وسيلة اتصالية حديثة ولعل التجارب الانتخابية الحديثة ومن أبرزها الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي حملت الرئيس أوباما إلى سدة الحكم، أثبتت بما لا يدع مجالا للشك، بأن مسألة الاستقطاب السياسي للشباب تمر حتما عبر مخاطبتهم باللغة التي يفهمها، وبطريقة يسهل فيها تمرير تلك اللغة الخطابية، وذلك عبر التواصل الالكتروني الذي يعتبر من أبرز نوافذ الاتصال استعمالا من قبل الشباب في العالم، ولكن أيضا الشباب التونسي..