...لم يكن مرور الطفلة سهى على شاشة حنبعل شيئا معتادا.. فسابقا كانت مثل هذه الحالات غريبة عن التلفزيون التونسي.. اذ نادرا ما نشاهد طفلة صغيرة عاجزة عن كل شيء نتيجة خطأ طبي غيّر حياتها..سهى التي قالت أمها في الحوار الذي بثّ آنذاك: «ما نعطيهاش.. ..أما اذا هزها ربي.. ميسالش».. كانت حديث الشارع ودافعا لطرح عدة أسئلة: من يتحمل مسؤولية الخطأ الطبي؟..وما ذنب هذه الطفلة التي ستعيش - ان عاشت - لا تتحرك.. لا تتكلم.. لا تسمع..لا ترى؟! كانت سهى تأتيني كل ليلة.. توقظني من نومي.. ترج أحلامي الجميلة.. تشعرني بتفاهة الحياة.. وتدخلني في دوامة اليأس الذي طالما حاربته في حياتي..! كانت سهى نقطة سوداء في حياتي..لم تجد آذانا صاغية..لا المصحة الخاصة ولا الطبيب الذي أشرف على ولادة هذه البنت.. لا أحد تحمّل المسؤولية !! لقد كان أمل والديها في قناة حنبعل حتى تبلغ صوتها.. حتى لا تمر حالة سهى دون انصافها والأهم دون تعويضات مالية لتجابه عائلتها المصاريف الطائلة التي تتطلبها المتابعة الصحية لسهى. عندما التقينا بوالدتها.. كانت في حالة إرهاق وتعب شديدين.. غير قادرة على مواصلة المهمة.. وأية مهمة؟ عليها أن لا تنام.. أن لا تغفو لحظة واحدة وإلا التوى رأسها واختنقت ليحدث المكروه - لا قدر الله -..! كان والدها أيضا مشوشا لا يدري ما يفعل ..يرى ابنته «تذوب» بين يديه وهو عاجز عن فعل أي شيء.. رفع قضية للعدالة ضد المصحة والطبيب المعالج إلا أن القضايا في مثل هذه الحالات تطول.. الأيام تجري.. وسهى التي كانت الى وقت قريب لم تتجاوز الأشهر.. تتخطى -زمن التصوير- عتبة الثماني سنوات ولاشيء في الأفق. ومن الاشياء الجميلة التي لن أنساها طيلة حياتي أن باعث القناة السيد العربي نصرة طلب لقائي فورا.. وأثناء اللقاء معه قال لي بالحرف الواحد:« آش نعملو يا عبد الرزاق يلزم نلقاو الحل لسهى ..كان في غاية التأثر والحزن الشديدين.. لم يكن مسؤولا عن قناة تلفزيونية تبثّ برامجها فقط. بل كان مسؤولا أيضا عن حالة سهى ولا أحد يعلم.. لا والدها.. ولا أمها.. فقط أنا..وهو !! ما الذي جرى بعد 24 سنة من بث حلقة سهى.. الطفلة العاجزة كليّا نتيجة خطأ طبي؟ الجواب.. في العدد القادم ما تغيروش المحطة.. عفوا الجريدة.. الى القراء.. شكرا الى قراء الأسبوعي على تفاعلهم الشديد مع ما يكتب في هذه المساحة.. فكل ما يكتب هو من صميم الواقع.. بل هو من دوائر وأسرار برامج تلفزيونية كان لها السبق في كشف المسكوت عنه. للتواصل مع كاتب هذه البطاقة يمكن إرسال SMS على الرقم 22.885.804 أو عن طريق البريد العادي على العنوان التالي: صحيفة الأسبوعي، شارع 7 نوفمبر المنزه 2004 برقيات: * الى القارئ الكريم لطفي النفاتي: شكرا على إحساسك النبيل.. أنت قارئ وصديق غير عادي * الى رضا الأنداري: قلبي معك يا رضا.. وصل الطلب وسأدرس الموضوع جيدا. * الى دليلة المفتاحي: أداء متميز لممثلة أثبتت جدارتها في أغلب الأدوار التي تقمّصتها. للتعليق على هذا الموضوع: