تونس الصباح قد تكون ضغوطات الحياة وظروف العمل من الاسباب الرئيسية التي لا تسمح للأم بان تكون بجانب ابنها في أشهره وسنواته الأولى. ليكون بذلك وضع الطفل في احدى الحضانات ضرورة حتمية لا بد منها. غير أن الكثير من الامهات اليوم «يهمّشن» دور الحضانات ويكلن مهمة رعاية اطفالهن لمربية منزلية لتتصاعد بذلك تساؤلات عدة حول دوافع هذا الاختيار. الأشهر او السنوات الاولى للطفل من أهم سنوات حياته فهي مرحلة دقيقة يحتاج فيها الى اهتمام وحنان بالغ ورعاية جيدة. ورغم ما توفره الحضانات من رعاية واحاطة في هذا المجال فان العديد من الامهات تجدن ضالتهن في مربية منزلية تعنى بطفلها وتكتفي ان يكون سعرها معقولا وموقعها قريبا من المنزل او مكان العمل. قد تكون التجربة وسنوات الخبرة وحدها كفيلة بان ترجح كفة المربية المنزلية لتجعل اختيار أم يقوم اساسا على سيدة متقدمة في السن تضع فيها ثقتها فمن وجهة نظرها هي سيدة ذات خبرة سابقة في معاملة وتربية الاطفال، كما انها على دراية كاملة بمتطلبات ومستلزمات طفل في اشهره الاولى من كيفية التعامل معه كنظامه الغذائي وغيرها من الاشياء التي تراها هي بديهية. تقول السيدة اسلام خمير (34 سنة موظفة): «منذ سنتين تقريبا أوكلت مهمة رعاية طفلي سيدة تقطن بجوارنا وهو اختيار اراه موفقا فهي سيدة ناضجة تعتني باربعة اطفال فقط ولها دراية كافية بكيفية التعامل مع الطفل في هذه السن الحرجة ثم انها تلتزم بكل تعليماتي وتطبقها». غلاء الاسعار ارتفاع تكاليف الحضانات والمغالاة في الاسعار خاصة ان بعض الحضانات ارتفعت اسعارها بشكل خيالي حيث باتت رهينة الموقع الجغرافي من العوامل التي تدفع بالولي الى اختيار مربية منزلية. فالارتفاع في الاسعار اثقل كاهل اولياء عدة خاصة من ذوي الدخل المحدود والمتوسط لتكون بذلك المربية المنزلية بمثابة طوق النجاة لهم. وفي هذا الاطار تؤكد السيدة سماح (32 سنة) معلمة: «تكاليف الحضانات اليوم جد مرتفعة خاصة في الأحياء الراقية وهو ارتفاع قابله تدن في مستوى الخدمات والجودة في رعاية الاطفال مما يدفع الى اختيار مربية منزلية تكون قادرة على رعاية طفل ويمكن ان تتوفر فيها كل الشروط خاصة ان هناك حضانات تقوم يتشغيل مشرفات دون المستوى وبذلك لا تستطيع المربية اداء رسالتها على الوجه الأكمل». غياب النظافة ويعد عامل النظافة هاجسا فعليا لمعظم الامهات فالطفل في سنواته الأولى يحتاج الى رعاية دقيقة تتجسم في مدى صحة المكان ونظافته حتى لا ينعكس سلبا على صحته. السيدة هادية عجلاني 44 سنة (موظفة بشركة خاصة) خاضت تجربة الاعتماد على حضانة لرعاية طفلتها لتصطدم بعد اشهر بقلة الاعتناء تترجمها «هيمنة الفوضى وغياب النظافة» كما ان المربية تحتضن عددا كبيرا من الاطفال ومن اعمار مختلفة، لتكتشف فيما بعد ان تتفرغ لرعاية الأطفال رعاية جيدة. رقابة محكمة حسب مؤسسات وزارة المرأة والأسرة والطفولة فان العدد الجملي للمحاضن ارتفع من 102 سنة 2004 الى 186 محضنة حاليا تحتضن ما يزيد عن 3090 طفلا في مرحلة الحضانة الأولى (؟).. كما تم خلال السنة المنقضية 2008 احداث 36 محضنة جديدة هذا وسيتم الشروع في تطبيق خطة لتحسين الكفاءات في مجال رعاية الاطفال دون 3 سنوات وذاك عبر الانطلاق في تنفيذ برنامج تكونيي مكثف سيشمل تدريجيا كل العاملين بمحاضن الاطفال من مديرين واطارات تربوية الى جانب تأهيل 100 اطار سنويا في مجال رعاية الاطفال دون 3 سنوات. وعن امكانية غياب عامل الجودة في هذا القطاع مما يدفع بالأولياء الى اللجوء الى مربية منزلية، اكد مصدر مسؤول بوزارة شؤون المرأة والاسرة والطفولة والمسنين ل«الصباح» ان حضانة البيت تبقى موجودة حتى في البلدان المتقدمة وهي مرتبطة اساسا برغبة الولي. وعن امكانية عدم استجابة المحاضن لكراس الشروط يؤكد المصدر ذاته ان المؤسسات المرخص لها كلها تستجيب لكراس الشروط ويقع تفقدها مرتين على الأقل كل سنة فسلك التفقد هو بمثابة العمود الفقري لضمان جودة القطاع وعملية اولوية وحتى وان وجدت اخلالات فتقع تراتيب خاصة لتداركها وتفاديها غير ان ذلك لا ينفي وجود نشاط مواز غير مرخص له وهنا لا بد من تضافر الجهود لتجاوز هذه المؤسسات غير القانونية.