تونس الصباح في مثل هذا الوقت من كل سنة تحتل أمطار الخريف مكانة هامة في الروزنامة الفلاحية، ولكل جهة استعداداتها للانتفاع بهذا الغيث وتحويله إلى عامل إيجابي. ومن جهة أخرى تضبط بعض مؤسسات الدولة برامجها الوقائية والحمائية لتفادي تحول هذه النعمة إلى نقمة في شكل فيضانات وتدفق للمياه من باطن الأرض لتملأ المنازل والطرقات وتتسبب في خسائر مادية وبشرية. وفيما يخص الجانب الأول من الاستعدادات أي موعد الإعلان عن موسم فلاحي جديد، التقينا السيد خالد الأشطر مدير الزراعات الكبرى بوزارة الفلاحة والموارد المائية الذي عبّر لنا من البداية عن استبشار الهياكل العاملة في هذا المجال للأمطار التي نزلت مؤخرًا على بلادنا ووصفها «بالملائمة» لبداية موسم فلاحي ممتاز بما أنها ستساعد الفلاح على تهيئة أرضه بالإضافة إلى توفير مخزون مائي هام من شأنه أن يخدم المائدة المائية في بلادنا ويشكل مصدرًا هامًا لازدهار الزراعات السقوية في مثل هذا الوقت بالذات بما من شأنه أن يسعد الفلاح ويبعث على انفراج حالته النفسية». استعدادات الموسم القادم وبلغة الأرقام أجاب السيد خالد الأشطر عن سؤالنا المتعلق بالاستعدادات الملموسة للموسم الفلاحي القادم قائلاً: «يعتمد برنامجنا على بذر مساحة 310 آلاف هكتار في مجال الزراعات العلفية وتوفير 350 ألف قنطار من البذور الممتازة مقابل 265 ألف قنطار فقط خلال الموسم الفارط، أما عن الأسمدة فسيتم توفير 30 ألف طن من الفسفاط و70 ألف طن DAP و180 ألف طن من مادة الأمونيتر». وفي هذا الإطار يجدر التذكير بالإجراءات الرئاسية التي تم اتخاذها لفائدة قطاع الحبوب لهذه السنة والتي تمثلت في الترفيع في سعر الحبوب على مستوى الإنتاج ومواصلة العمل بالمنحة الاستثنائية للتجميع ودعم البذور الممتازة بالإضافة إلى تمكين المزارعين من الريّة الأولى المجانية والترفيع في سقف القروض الموسمية. وقد كانت هذه الإجراءات بمثابة حافز للفلاحين لمزيد الاعتناء بزراعة الحبوب. ماذا عن الاكتفاء الذاتي؟ وعن الخطة المرسومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للحبوب، قال السيد خالد الأشطر: «نحن نشجع على زراعة القمح الليّن على حساب القمح الصلب الذي يمثل حوالي 54% من المساحة الجملية لزراعة الحبوب، ذلك أن القمح الليّن متوفر في الأسواق العالمية بأسعار منخفضة في حين أن أسعار القمح الصلب مرتفعة». ومن هذا المنطلق يمكن الجزم ببداية الاستعداد لموسم فلاحي جديد تتضافر فيه العوامل المناخية مع الأساليب الإنتاجية الحديثة والإحاطة بالمنتجين لتحقيق مردودية مرتفعة.