تونس الصباح: غنمت تونس نقطتين في ترتيب دليل التنمية البشرية لسنة 2009 الذي أعده برنامج الاممالمتحدة للتنمية من بين 182 دولة. وصنف التقرير الصادر عن برنامج الاممالمتحدة للتنمية الذي حمل عنوان'' رفع الحواجز..حركية وتنمية بشرية'' تونس ثانية بين دول المغرب العربي. إلا أن التقرير اعتمد على معطيات احصائية تعود إلى 2007، ولم يتضمن تأثير الازمة المالية العالمية على مؤشرات التنمية البشرية.. وحذر التقرير الذي قدمه مكتب تونس لبرنامج الاممالمتحدة الانمائي يوم أمس بنزل لايكو بالعاصمة وحضره ثلة من الخبراء والجامعيين في مجالات الاحصاء والاقتصاد، من أن بلدان العالم ما زالت تشهد تفاوتا كبيرا في مؤشرات البقاء بين الدول الفقيرة والغنية. وأضاف التقرير الاممي الذي تم إطلاقه عالمياً في بانكوك منذ ثلاثة أيام أن العديد من الدول تعرضت لانتكاسة خلال السنوات الماضية نتيجة الازمات الاقتصادية والنزاعات المسلحة وانتشار مرض الايدز، لكنه لم يتضمن تأثيرات الازمة العالمية الراهنة على مؤشرات التنمية. وجاءت تونس في المركز 98، والجزائر في المركز 104، وسوريا في المركز 107 ومصر في المركز 123 والمغرب في المركز 130 واليمن في المركز 140 والسودان في المركز 150. وكان السيد منصف بن سلامة الخبير الجامعي الاقتصادي قد أبرز أهم الاشكاليات التي تعرض لها التقرير وخاصة منها ما يتعلق بموضوع الهجرة، والفوائد التي يمكن أن تجنيها الدول النامية منها، ولكن أيضا السلبيات الناتجة عنها. تونس حققت أهداف الالفية للتنمية كما قدم السيد منصف يوزباشي مدير عام الموارد البشرية بوزارة التنمية والتعاون الدولي لمحة عن وضعية تونس في التقرير الاممي. إذ بين أن تقارير التنمية البشرية التي يصدرها سنويا برنامج الاممالمتحدة للتنمية يتم الاستئناس بنتائجها في مخططات التنمية الوطنية. وقال أن تونس من بين الدول القلائل التي نجحت في تحقيق أهداف الالفية للتنمية التي وضعتها الاممالمتحدة، وذلك منذ سنة 2000، وهي الآن تعمل على تطويرها نوعيا، خاصة بعد أن تم وضع المقاربة التونسية لاهداف الالفية. المقاربة التونسية في مجال الهجرة وعن موضوع الهجرة أبرز السيد منصف اليوزباشي بأن تونس تمكنت من وضع مفهوم الهجرة المتضامنة بالتعاون مع شركائها من دول الاتحاد الاوربي، وذلك بغرض ضمان حقوق المهاجرين في بلدان الاقامة.. مشيرا إلى أن مسألة الهجرة الداخلية تعتبر محل اهتمام وطني باعتبارها من ركائز التنمية الجهوية. وأضاف في السياق ذاته بأن المقاربة التونسية في مجال التنمية الجهوية ساعدت على ضمان استقرار الافراد والعائلات بالمناطق الداخلية والاستفادة من مواردها البشرية. افتقار التقرير لمعطيات احصائية دقيقة غير أنه انتقد طريقة احتساب مؤشرات التنمية البشرية، وقال ان التقرير اعتمد على طرق كلاسيكية لا تتضمن النظرة الشمولية للتنمية، على اعتبار أن البلدان التي تحصل على مراتب عليا تتوفر على موارد طبيعية. كما أن التقرير لم يتضمن المعطيات المتعلقة بالمرأة رغم أنها متوفرة لدى العموم. وهو ما كان سببا في تصنيف دول عربية قبل تونس.. موضحا بأن ترتيب تونس يستند إلى معطيات احصائية قديمة تعود إلى سنة 2007، مؤكدا على أن الاحصائيات الرسمية متوفرة لدى الهياكل المعنية، مستغربا من عدم اعتمادها في التقرير. وأكد على أن تونس ستدخل قريبا ضمن كوكبة الدول ذات المؤشرات التنموية المرتفعة اعتمادا على احصائيات حديثة. وأكد على ضرورة تنسيق القائمين على برنامج الاممالمتحدة للتنمية مع الدول، حتى لا يتم اصدار احصائيات غير دقيقة او اقصاء بعض المؤشرات رغم توفرها. ارتفاع نسبة الامية وأفاد اليوزباشي بان مؤشر الامية مثل عائقا أمام تونس لكسب مزيد من النقاط في جدول الترتيب العالمي للتنمية البشرية على اعتبار أن نسبة الامية في تونس ما تزال مرتفعة رغم وجود برنامج وطني لتعليم الكبار. مفسرا ذلك بعدم رغبة من تجاوزوا سن الخمسين من بين الاميين في التعلم.. انتقادات إلى ذلك انتقد بعض الحاضرين عدم تضمن التقرير لسلبيات الهجرة التي يمكن أن تكون لها نتائج وخيمة على جهود التنمية الجهوية والاستقرار. وفيما أشار البعض إلى عنصر لا يقل أهمية لم يعطه التقرير حظه الكافي وهو تأثير هجرة الادمغة والكفاءات على التنمية في موطنها الاصلي. كما وجهت انتقادات للسياسات المقيدة للهجرة من قبل بعض الدول المتقدمة التي أقرت آليات لتفضيل الهجرة المنتقاة للكفاءات على هجرة اليد العاملة البسيطة. والتي تعتبر مضرة بالدول النامية وعائقا لحرية تنقل الافراد، والتنمية بمفهومها الشامل. واقترح بعض الحاضرين التشجيع على موضوع الهجرة المنظمة والمقننة، والهجرة المؤقتة التي يمكن ان تفيد كلا من الدول الاصلية للمهاجرين، ودول المقصد، وتضمن في نفس الآن حقوق المهاجرين، وتضمن عودتهم إلى الوطن الام، وتقلص من الاثار السلبية للهجرة. تجدر الاشارة إلى النرويج واستراليا وإيسلندا وكندا التي حلت في أعلى قائمة مؤشر التنمية البشرية في العالم. وهي من بين 38 دولة تعدّ من أكثر الدول التي بها تنمية بشرية، فيما قبعت النيجر وأفغانستان وسيراليون وجمهورية إفريقية الوسطى ومالي في ذيل القائمة. وجاءت ثلاث دول عربية ضمن المراكز 38 الاولى في القائمة وهي الكويت في المركز 31 وقطر في المركز 33 ودولة الامارات العربية المتحدة في المركز 35. في حين جاءت 45 دولة في قائمة أكثر الدول نموا تصدرتها البحرين في المركز 38، وصنفت كلا من ليبيا وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية في المراكز 55 و56 و59 على التوالي. كما بلغ عدد البلدان الاقل في التنمية البشرية في العالم 18 دولة، لم يرد من بينها اسم أية دولة عربية، علما وأن قرابة عشرين دولة في العالم من بينها العراق والصومال تم استثناؤها من التقرير باعتبارها لم تعط أية معلومات عن مستوى التنمية البشرية. فوائد الهجرة وبين التقرير في ما يتعلق بموضوع الهجرة، أنه وخلافا لما هو شائع، فإن معظم المهاجرين لا ينتقلون من الدول النامية إلى الدول المتقدمة، وعندما يفعلون ذلك فإنهم يفيدون اقتصادات الدول المضيفة بدلاً من إلحاق الضرر بها. وأكد على الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي تجنيها البلدان المضيفة. وأبرز التقرير أن عدد المهاجرين في العالم، يبلغ 200 مليون مهاجر، يمثلون 3% من إجمالي سكان العالم. وهذه النسبة بقيت ثابتة خلال السنوات ال50 الماضية. ويشكل اللاجؤون السياسيون في العالم (14 مليون لاجئ) 5 بالمائة من إجمالي المهاجرين. واقترح التقرير جملة من التوصيات من بينها القيام بعدد من الاصلاحات المتعلقة بالهجرة منها أن تضمن الدول الحقوق الاساسية للمهاجرين وأن تدمج الهجرة في خطط التنمية الوطنية. كما دعا إلى ضمان المعاملة العادلة للمهاجرين عبر تقديم دورات تدريبية لتعليم لغة بلد المقصد والاستفادة من الخدمات الاساسية والالتزام بأهداف ومبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان وحقوق العاملين وضمانها ومكافحة كراهية الاجانب ونبذ التمييز العنصري من خلال تكثيف حملات التوعية الثقافية الداعية إلى المحبة والتسامح وتعزيز السياسات الهادفة إلى ضرورة احترام سيادة القانون. ويشير التقرير الى أن الناس الذين يعيشون في البلدان التي تحتل أعلى فئات التنمية يتوقع أن يحظوا بمستويات تعليم أفضل وأن يعيشوا سنوات أطول وأن يكسبوا دخلاً أعلى والى أن التباينات في العمر المتوقع للبقاء على قيد الحياة قد تصل الى ما يناهز 30 عاماً. ويؤكد أن للهجرة فوائد جمّة إلا أنها ليست بديلاً للتنمية وتتطلب حزمة إصلاحات لا تكون قابلة للتنفيذ إلا في حال توفر الشجاعة السياسية، وذلك لحماية حقوق المهاجرين من التعرض لمخاطر الاستغلال والاتجار بالبشر ومعاناة أوضاع قاسية. واعتمد التقرير على ثلاثة مؤشرات لقياس مراتب البلدان ال182 وهي: الحياة المديدة والصحيّة (التي تقاس وفق العمر المتوقع منذ الولادة)، إمكانية الوصول إلى المعرفة (بقياسها بمعدّل الالمام بالقراءة والكتابة ومجموع نسب الالتحاق الاجمالية بالتعليم) ومستوى معيشة لائق (المقاس بحسب الناتج المحلي الاجمالي للفرد الواحد مقوماً بما يعادل القوة الشرائية للدولار الامريكي). وقد أبرز التقرير وجود تفاوت في الاجور بين الدول ما زال يمثل مصدر قلق لصانعي القرارات والمؤسسات الدولية رغم إقراره بتحسن مؤشرات سد الفجوة في مجال التعليم والصحة في العديد من الدول.