إرتفاع في ميزانية وزارة الداخلية    تقلبات جديدة ..كيف سيكون الطقس طيلة هذا الأسبوع؟..    المهرجان الدولي لفنون الفرجة ببوحجلة: مشاركات من فرنسا والسينغال والمغرب    تحوير جزئي لمسلك خطي الحافلة رقم 104 و 30    عاجل/ حماس تقدم مقترحا لخروج مقاتليها العالقين..    زهران ممداني...بعيون عربية!!    بداية من 12 نوفمبر: "السنيت" تعرض شقق من الصنف الاجتماعي للبيع في سيدي حسين    هذه الدولة تبدأ استقبال رسوم حج 2026...وتؤكد على عدم الزيادة    في اختصاصات متعدّدة.. تفاصيل انتدابات وزارة التربية لسنة 2026    ردّ بالك: 7 أخطاء تعملهم للسلطة تفقد قيمتها الصحية    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 30 بالمائة في ما يتعلق بالحبوب و79 بالمائة في الأعلاف    في الرياض: وزير السياحة يجدّد التزام تونس بتطوير القطاع ودعم الابتكار السياحي    ميزانية التربية 2026: مدارس جديدة، حافلات نقل، وترميم ...شوفوا التفاصيل    الترجي الرياضي: نهاية موسم "يوسف بلايلي"    عاجل/ طائرات حربية تشن غارات على خان يونس ورفح وغزة..    صالون التقنيات الزراعية الحديثة والتكنولوجيات المائية من 12 الى 15 نوفمبر 2025 بالمعرض الدولي بقابس    الأهلي بطل للسوبر المصري للمرة ال16 في تاريخه    كميات الأمطار المسجّلة خلال ال24 ساعة الماضية    جامعة لكرة القدم تتمنى الشفاء العاجل للاعب ويسيم سلامة    الرابطة الثانية: برنامج مباريات الجولة التاسعة    بطولة فرنسا: باريس سان جرمان يتغلب على ليون وينفرد بالصدارة    أستاذ يثير الإعجاب بدعوة تلاميذه للتمسك بالعلم    عاجل: الزّبدة مفقودة في تونس...الأسباب    بنزرت: وفاة توأم في حادث مرور    عاجل-التواريخ الهامة القادمة في تونس: ماذا ينتظرنا؟    عاجل: هبوط اضطراري لتسع طائرات بهذا المطار    فتح باب الترشح لمسابقة ''أفضل خباز في تونس 2025''    ''واتساب'' يُطلق ميزة جديدة للتحكم بالرسائل الواردة من جهات مجهولة    تأجيل محاكمة رئيس هلال الشابة توفيق المكشر    البرلمان يناقش اليوم ميزانية الداخلية والعدل والتربية والصناعة    عاجل: غلق 3 مطاعم بالقيروان...والسبب صادم    عاجل/ نشرة تحذيرية للرصد الجوي..وهذه التفاصيل..    عاجل: عودة الأمطار تدريجياً نحو تونس والجزائر بعد هذا التاريخ    إنتر يتقدم نحو قمة البطولة الإيطالية بفوز واثق على لاتسيو    بطولة اسبايا : ثلاثية ليفاندوفسكي تقود برشلونة للفوز 4-2 على سيلتا فيغو    علاش فضل شاكر غايب في مهرجانات تونس الصيفية؟    تونس: 60% من نوايا الاستثمار ماشية للجهات الداخلية    لن تتوقعها: مفاجأة عن مسكنات الصداع..!    دواء كثيرون يستخدمونه لتحسين النوم.. فهل يرتبط تناوله لفترات طويلة بزيادة خطر فشل القلب؟    أفضل 10 طرق طبيعية لتجاوز خمول فصل الخريف    عاجل/ فاجعة تهز هذه المعتمدية..    زيلينسكي: لا نخاف أميركا.. وهذا ما جرى خلال لقائي مع ترامب    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رواج لافت للمسلسلات المنتجة بالذكاء الاصطناعي في الصين    مجلس الشيوخ الأمريكي يصوت لصالح إنهاء الإغلاق الحكومي    الشرع أول رئيس سوري يزور البيت الأبيض    بنزرت ...مؤثرون وناشطون وروّاد أعمال .. وفد سياحي متعدّد الجنسيات... في بنزرت    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    حجز أكثر من 14 طنا من المواد الفاسدة بعدد من ولايات الجمهورية    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لقيصر لقيصر...
جديد ''المجلّة العربّية'' مذكّرات أبي القاسم الشابي:
نشر في الصباح يوم 08 - 10 - 2009

صدر العدد 393 من ''المجلّة العربيّة'' أكتوبر 2009 وهي مجلّة مختصّة في ''الثقافة العربيّة'' أو هكذا تعلن في غلافها الاوّل. وبقطع النّظر عن قيمة هذا الاصدار ذي الشكل الانيق والاخراج الفنّي المتطوّر.
فإنّ الحدث فيه هو أنّه صدر مرفوقا بكتاب ''مذكّرات أبي القاسم الشابي'' وهو ما دعاني إلى اقتناء المجلّة التي لم أجد فيها ما يقرأ فأغلب المواد المنشورة فيها ذات مستوى ضعيف سواء الدراسات منها أو النصوص الابداعيّة.
كتاب ''مذكّرات الشابي'' المصاحب للمجلّة، راجعه الدكتور نور الدّين صمّود. كما ورد بالصّفحة الاولى منه. وهو بمثابة هديّة من المجلّة لقرّائها بمناسبة مائوية الشابي، وهذا تقليد لا يمكن إلاّ أن نشيد به ونبارك. ولكنّ هذا الكتاب الهديّة يدعونا الى طرح عشرات الاسئلة على الدّكتور نور الدّين صمّود وإلى إبداء آلاف الملاحظات حول محتواه، غير أنّا في هذا الحيّز الفضائي القصير سنكتفي ببعض من هذا وذاك، في انتظار أن نعود إليه بأكثر توسّع وتدقيق.
كتب الدكتور نور الدين صمّود مقدّمة لهذا الكتاب تحت عنوان ''ملاحظات حول مذكّرات الشابيّ'' وهذه الملاحظات في الحقيقة لا تمتّ إلى هذه الطبعة الجديدة من مذكّرات شاعرنا الكبير لا من قريب ولا من بعيد، فالدّكتور صمّود كتبها حول المذكّرات الاولى التي أصدرتها الدار التونسيّة للنّشر كما يقول بصريح العبارة '' أصدرت الدّار التونسيّة للنشر كتابا ذا تسعة وثمانين صفحة من الحجم الصّغير يحتوي على (مذكّرات) أبي القاسم الشابي وقد عنّت لي، أثناء مطالعته، مجموعة من الملاحظات....'' هذا يدعونا إلى القول بأنّ هذه المقدّمة التي بين أيدينا كتبت منذ عشرات السنين حول طبعة مخصوصة من ''مذكّرات الشابي''، فلماذا يعاد نشرها اليوم على علاّتها؟ ألم يجد الدّكتور صمّود الوقت الكافي لكتابة مقدّمة جديدة تليق بأبي القاسم أو حتّى تليق بمائويته (أخذا بخاطر الاموات والاحياء).
دون نفض الغبار
قسّم صمّود مقدّمته إلى قسمين اثنين، يتناول القسم الاوّل سؤالا حول عدد المذكّرات التي كتبها الشابي ويعرّج فيه على السيّد ابراهيم بورقعة الذي كان يملك النسخة الاولى من هذه المذكّرات وعلى كتاب محمّد الحليوي ''مع الشابي'' وكتاب أبي القاسم محمّد كرّو ''آثار الشابي وصداه في الشرق'' ليقارن عدد المذكّرات في كتاب الدار التونسيّة للنشر بعددها المذكور هنا وهناك. وليلوم الدار التونسيّة للنّشر (هذه الدار التي امّحت من الوجود منذ سنوات عديدة) على عدم إشارتها إلى مصدر المذكّرات هل أخذتها من السيّد بورقعة أم من الورثة أم من أشخاص آخرين. وهذا يؤكّد ما ذهبنا إليه من أنّ هذه المقدّمة كتبت منذ عشرات السنين وأنّ الدكتور صمّود نفض عنها الغبار اليوم ليعيد نشرها دون تفكير في محتواها وتناسبه مع المقام.
أمّا القسم الثاني فيخصّصه الدكتور صمّود لتناول بعض المذكّرات أو بعض فقرات منها كما يقول بشيء من البحث والتّحليل والمقارنة. ولكنّنا لم نجد بحثا ولا تحليلا ولا مقارنة بل ألفينا الدكتور صمّود المراجع يحاول التشكيك في كلام الشابي ومدى صدقه بخصوص إلقاء محاضرته '' الادب العربيّ في المغرب الاقصى'' ويقول: فهل ألقى الشابي هذه المحاضرة أم لا؟ وإذا كان ألقاها فمتى تمّ ذلك؟ وكيف أغضبت طائفة من النّاس؟ ولماذا لم يشر في مذكّرة أخرى إلى أنّه ألقى هذه المحاضرة إن كان قد ألقاها؟ الخ...
ثمّ يذهب إلى مذكّرة الثلاثاء 21 جانفي 1930 تلك التي يعلّق فيها الشابي على رسالة محمّد الحليوي التي أرفقها بمقال في انتقاد بعض آراء الشابي في كتابه '' الخيال الشعري عند العرب''. يعيب الدكتور صمّود على أبي القاسم الشابي عدم نسخه لفقرة من فقرات الرسالة في هذه المذكّرة نسخا أمينا بل يقول إنّه بدّل وغيّر وحوّر فيها أيضا (هكذا بهذا التأكيد) وينطلق في عملية المقارنة التي لن تعطينا في النّهاية إلاّ تساؤلا محيّرا لماذا كتب الدكتور صمّود هذا النصّ؟ هل ليثبت أنّ أبا القاسم الشابي كاذب ومزيّف وأنّه يبدّل ويحوّر ويغيّر. وهو ما نفهمه فعلا من كلامه لاسيما أنّه يضع في هامش يقول فيه: أكّد لي (لي هذه تعود على الدكتور صمود) الحليوي قبل وفاته أنّه لم يعدّل في الرّسائل حرفا واحدا، وإذن فقد تصرّف الشابي في نقل تلك الفقرات.
زيادة الطين بلة
ويواصل الدكتور صمّود سلسلة تشكيكاته في صدق شاعرنا أبي القاسم فيقول: كتب الشابي قصيدة من أشهر قصائده هي ''النبيّ المجهول'' فهي في الديوان ص 153 مكتوبة في نفس التّاريخ الذي كتب فيه تلك المذكّرة، والغريب أنّه لا يوجد في حوادث ذلك اليوم ما يوحي بأنّ الشابي يمكن أن يكتب تلك القصيدة الثائرة. ثمّ إنّه لم يشر في تلك المذكّرة إلى أنّه كتب تلك القصيدة فهل لم يعطها أهميّة؟ (هكذا) أم هل نشكّ في صحّة تأريخ القصيدة؟
وأخيرا وليس آخرا يلوم نور الدين صمّود الدّار التونسيّة للنشر لانّها اختارت الرسّام المبدع حاتم المكّي ليضع رسوم الكتاب دون غيره من الرسّامين دون أن يبرّر لومه.
هذه هي ملاحظات الدكتور صمّود التي يجدر به أن يرسلها إلى التّاريخ، إلى من كان يدير الدار التونسية للنشر، لا إلى '' المجلة العربّية '' بالسعوديّة لتضعها في مقدّمة هديّتها لقرائها الان.
أمّا إذا ما دخلنا المذكّرات فإنّنا سنجد في حواشيها هوامش كتبها الدّكتور نور الدين صمّود لتفسير بعض الكلمات أو العبارات الواردة في المذكّرات أو لمساعدة القارئ على فهمها وأتعجّب كيف سمح لنفسه بكتابتها ذلك أنّها زادت في الطّين بلّة كما يقال. ومنها:
يقول في تعريف مدينة زغوان الواردة في المذكّرة الاولى '' مدينة تونسيّة مشهورة بمائها العذب الذي كان يزوّد العاصمة بالماء العذب'' (هكذا نكرّر العذب فيصير من العذاب لا من العذوبة).
ويقول في هامش الصفحة الرابعة والاربعين معلّقا على كلام الشابي ''ما أجدره بصناعة حلاق ما يلي'' الحلاّق مشهور بالثرثرة'' ويقول شارحا لكلام الشابي في مذكّرة الخميس 9 جانفي 1930 ''وأمامنا سرب من عذارى الافرنج يلعبن لعبة التنس'' ما يلي: ''كانت تونس مليئة بالحسناوات الفرنسيات آنذاك'' ويشرح صمّود العبارات التالية ثياب عربية بلباس مدني تونسي ويشرح القطاطس بالقطط والصّحيفة بالاجندة و''تاييس'' بكتاب مترجم وسيقارة بسيكارة وسيجارة ويقول في الاب سلاّم المذكور في مذكّرة الاثنين 20 جانفي 1930 إنّه من الادباء البيض الذين يجيدون العربية وغير هذا كثير... أهكذا نراجع مذكّرات الشابي).
كذلك في باب التعليقات حول ملاحظات الدكتور نور الدين صمّود نشير إلى أنّ في هذا الكتاب أخطاء كثيرة إن على مستوى مطابقة المذكّرات للاصول وإن على مستوى المراجعة التي لا أدري ماذا أضافت. أكاد أقول ماذا أنقصت. لانّها أنقصت من قيمة شاعرنا لدى القارئ العربيّ اليوم بما تفضّل به صمّود من تشكيك واتهامات لا تمتّ إلى الادب بشيء. وإنّي أدعو المختصّين إلى إعادة قراءتها في هذه الطبعة المخجلة لمزيد التثبّت فيها حتّى نعيد إلى قيصر ما لقيصر وإلى صمّود ما لصمّود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.