هناك ظاهرة رغم أنها ليست حكرا على المشهد الثقافي الخاص ببلادنا فقط، إلا أنها تستحق التفكير والمعالجة خصوصا أنها تتعارض مع الطموح الثقافي الكبير الذي تتطلع إليه الأطراف الرسمية والنخب الثقافية معا. تتمثل هذه الظاهرة في أن الملتقيات الهامة والكبرى التي تعقد في العاصمة وفي شتّى الولايات التونسية، تعاني من قلة الإقبال ومن عدد الحضور الضئيل إلى درجة أنه كثيرا ما ينتابك إحساس بأن أغلب التظاهرات الثقافية تنتهي مباشرة بعد الافتتاح. وقد لا نختلف إذا ما قلنا إن هذه الظاهرة تبعث حقا على القلق وتضعنا وجها لوجه أمام أسئلة محيّرة ومحرجة، لعل أهمها: لمن نعقد الندوات وندعو الكفاءات من الداخل والخارج؟ هل نبذل الجهد الكبير ونتكبد العناء المادي والجسدي من أجل ملتقيات كثيرا ما تكون أغلب الكراسي فيها فارغة؟ نظن أن التفكير في هذه المسألة ومحاولة وضع الحلول اللازمة من الأمور التي تستحق الانتباه والتجنيد. وفي هذا السياق نعتقد أنه من المهم جدا أن نفكر في السبل الكفيلة بربط علاقة تواصل دائم ومثمر وإيجابي بين المؤسسات الجامعية وأيضا الفضاءات الثقافية وذلك من خلال خطة عمل مشتركة تجعل الطلبة على اطلاع بالملتقيات الكبرى والهامة والتي يصب بعضها في اهتماماتهم العلمية والثقافية. ولعل دور الأساتذة في هذه النقطة مهم جدا باعتبار ما يتمتعون به من قوة تأثير وإقناع ومن حرية في ربط بعض مواضيع الملتقيات بفروض شفوية أو عروض تتقاطع في محاورها مع الملتقيات الكبرى. إن صياغة علاقة موفقة بين الفضاء التربوي الجامعي والفضاء الثقافي تحتاج إلى لجنة تفكير واقتراحات علمية كي نقطع مع ظاهرة جلسات علمية يحاضر فيها المتدخلون لبعضهم البعض ويكفي أن نبذل القليل من الجهد في اتجاه معالجة هذه الظاهرة المقلقة حتى نتفادى الكثير من مظاهرها خاصة إذا ما ركّزنا على فئة الطلبة الذين يعانون من تراجع في زادهم الثقافي والمعرفي. آخر الكلام لِي طُوفَانُ شَوْقٍ لِرُؤْيَةِ حبيبي مَلِكِ الأعَالِي لكنِّي أخِافُ ضَيَاعَ حبَّاتِ الطّينِ وفِرَاقَ قَطَراتِ الماءِ أخَافُ رُؤْيَتِي على سَفَرٍ قريبِ (من مجموعة «أنثى الماء» الصادرة عن دار سيراس)