تونس الصباح في إطار مواكبة التطور الاقتصادي والتشجيع على المبادرة الخاصة برزت عقلية تثمين رأس المال البشري بالادارات العمومية، خصوصا أن العديد من الأعوان العموميين يكتسبون خلال مسيرتهم المهنية الخبرات والمعارف اللازمة لبعث مشروع خاص مما دفع الدولة الى ادراج باب في النظام الأساسي العام لأعوان الوظيفة العمومية يتعلق بالعطلة لبعث مؤسسة، فما مدى اقبال الموظفين على هذا النظام؟ أو ما مدى استعدادهم للاقدام على هذه الخطوة الجريئة والمصيرية في حياتهم المهنية؟ سامي موظف تحمس لهذا الاجراء واعتبره مبادرة طيبة لخلق روح جديدة في الموظف الذي يتبلد ذهنه بكم العمل الروتيني، كما أنه حافز على الخلق والابداع والابتكار، خصوصا لدى الموظف الذي يسكنه هاجس التحدي والمغامرة وله رغبة في تحويل حلمه الى واقع ملموس، إلا أن الاشكال من وجهة نظره يتمثل في محدودية الفترة المخصصة لبعث مشروع، كما أن الموظف يظل يتردد بين الادارات والمصالح المعنية لاستيفاء جميع الشروط المطلوبة، اضافة الى أن الاعداد والتخطيط لبعث مشروع يتطلب وقتا طويلا المتابعة والتكوين ضرورة لانجاح المشروع - وقد شاطره الرأي عزالدين الغرياني الذي اعتبر أن كثرة وتعقد الاجراءات المصاحبة لنظام العطلة من أجل بعث مؤسسة تحول دون توسع رقعة الموظفين الراغبين في الانتصاب لحسابهم الخاص. فالحصول على عطلة يستوجب ايضا موافقة المدير المباشر في العمل ومن ثمة الرئيس المدير العام، وطالب بضرورة التقليل من الشروط الواجب توفرها لبعث مؤسسة مقابل العمل على اعداد فترات تكوينية يتم خلالها تأطير الباعث التابع لسلك الوظيفة العمومية قبل انجاز المشروع وتكثيف المتابعة من طرف الهياكل المختصة خلال المراحل الاولى للمشروع والعمل على تيسير حصول الموظفين على القروض البنكية. فقدان الأجر والامتيازات من أهم العوائق «أحمد الغريبي»، موظف، اعتبر أن مثل هذا الاجراء هو في صالح الموظف والمصلحة العامة، لأنه يمكن الموظف من تفجير طاقات كامنة فيه، أما عن سلبياته فهي تأثير العطلة المقتطعة من العمل على مردودية الموظف وحدها لتدرجه الوظيفي. وأضاف «في اعتقادي أن نظام العطلة لبعث مؤسسة لا يناسب جميع الموظفين، فالمحاسب أو المتصرف له القدرة أكثر من غيره على بعث المشاريع على خلاف الاداري أو رجل القانون". في نفس الاتجاه اعتبرت إطار سام باحدى الوزارات أن هذا الاجراء محفوف بالمخاطر، فالموظف اذا فشل في ادارة مشروعه يفقد امتيازات الوظيفة العمومية ويصبح رهينا للبنوك ومكبلا بالقروض فتكون الخسارة بذلك مضاعفة والطامة الكبرى. توفير 1715 موطن شغل وعن نظام العطلة لبعث مؤسسة أفادت مصادر ل«الصباح» أن العطلة تعني انقطاع العون عن ممارسة نشاطه لفترة معينة وبطلب منه ومدتها سنة كحد أقصى، غير أنها قابلة للتجديد بطلب من العون لنفس الفترة مرة واحدة ويمكن أن يقبل التجديد لمرتين اذا كان المشروع داخل مناطق التنمية الجهوية. ويواصل الموظف الانتفاع بالتغطية الاجتماعية طيلة فترة العطلة لبعث مؤسسة ويتولى دفع مساهمته في التقاعد والحيطة الاجتماعية، إلا أنه يفقد التمتع بالمرتب والتدرج والترقية، وفي صورة بعث مؤسسته بمناطق التنمية الجهوية فإنه يواصل التمتع بنفس المرتب، ويقوم طالب العطلة بإعداد دراسة حول المشروع تتضمن خاصة حجم الاستثمار ومصادر التمويل حتى يكون قادرا على تقييم فرص نجاح مؤسسته وكذلك ربحا للوقت حال حصوله نهائيا نهائيا على العطلة. كما أفادت نفس المصادر أنه في إطار برنامج اسناد عطلة لبعث مؤسسة تم الى حدود سنة 2009 احداث 158 مشروعا مكنت من توفير 1715 موطن شغل. والحصول على عطلة لبعث مؤسسة يخضع لمعايير دقيقة بخصوص نوعية نشاط المؤسسة المزمع بعثها، فالأمر ليس متاحا لبعث أي نوع من المؤسسات، بل يجب أن يستجيب المشروع لعدد من المقاييس تتصل بنجاعته ومردوديته وارتباطه بالقطاعات المجددة وذات القيمة المضافة العالية.