ارتفعت أصوات الطبقة السياسية والمثقفة وقدماء المناضلين في تونس مؤخرا مطالبة بحق التعويض والاعتذار عن سنوات الاستعمار. 75 سنة قضاها المستعمر الفرنسي على صدور التونسيين نهب خبراته وسلب حريته وافتك منه سيادته على وطنه. عقود وسنوات لم ينسها التونسيون، كما لم تمح من ذاكرة الليبيين الذين تحصلوا على اعتذار رسمي وتعويضات من ايطاليا بعد دهر من المطالبة بها، ولم يتجاوزها أيضا الجزائريون الذين يطالبون منذ عهد باعتذار رسمي (وتعويض) من فرنسا لعله يعيد الاعتبار لشعب فقد مليونا ونصف شهيد، راحوا ضحايا تلك الفترة السوداء. «الصباح» توجهت بسؤال إلى عدد من الشخصيات السياسية والمثقفة التونسية عن أحقية المطالبة بالتعويضات أو الاعتذار من المستعمر الفرنسي. إعداد: سفيان رجب وأيمن الزمالي علي المعاوية (مناضل) لا بد من وضع اليد في اليد بين التونسيينوالجزائريين للمطالبة بتعويضات عن الاستعمار الفرنسي «إن ظهور مطالبات بالتعويض عن الحقبات الاستعمارية في بعض الدول التي خضعت للاستعمار ومن بينها ليبيا ثم الجزائر وأخيرا بعض المطالبات في تونس،تعد أمرا مشروعا وحقا لا يمكن أن نطالب به باحتشام بل بكل جدية. لقد مرت دول شمال إفريقيا ومن بينها تونس بفترات عسيرة وصعبة في مرحلة الاستعمار التي شهدت سقوط آلاف الضحايا ونهب لخيرات البلاد وأضرار مادية ومعنوية للبلاد والعباد.لقد تحمل الشعب التونسي فترة عسيرة ناضل خلالها من أجل التحرير وفقد فيها الآلاف من أبنائه.ولا بد من وضع اليد في اليد بين التونسيينوالجزائريين خاصة للمطالبة بتعويضات عن الاستعمار الفرنسي الذي عانى منه الشعبان كثيرا واختلطت دماؤهما في ساقية سيدي يوسف وفي غيرها من المناطق.فلا يجوز أن تمتص دولة ما خيرات دولة أخرى وشعب آخر ولا يجوز أن تقتل هذه الدولة أبناء دولة أخرى من أجل تحقيق مطامعها ثم تكتف بشعارات الصداقة والأخوة في محاولة لطمس الماضي وطمس جرائم ضد الإنسانية. ان التضامن التونسيالجزائري في هذا المطلب أكيد وسيكون موقفا تاريخيا لو تمسكا بحقهما وحق شعبيهما في التعويض المادي والمعنوي». سعيد بحيرة (كاتب عام جمعية الدراسات الدولية) «الشعوب اليوم بدأت تراجع الحقبة الاستعمارية وما جرى فيها» «لا ينكر أي كان أن الاستعمار ألحق أضرارا فادحة مادية ومعنوية ببعض الدول التي خضعت للاحتلال وخضعت شعوبها للقتل والتعذيب وخضعت خيراتها للنهب.ولا يمكن للحقبة الاستعمارية أن تمحوها الأيام ولا مرور الزمن .ومن حق جميع التونسيين اليوم أن يعرفوا ما جرى في تلك الفترة الاستعمارية وما تعرض له أبناء هذا الشعب من تقتيل وتعذيب واعتقال ونفي ونهب لخيراتهم وممتلكاتهم. والأجيال الحالية والقادمة يجب أن تعرف ما حصل للأجيال السابقة وما حصل في تونس الأبية التي تعرضت للاستعمار والاحتلال الفرنسي. ورغم أن الاستعمار حاول أن يفضي على ماضيه شيئا من الايجابية عندما حاول تمرير قانون يغلف الاستعمار بالطابع الايجابي وحاول أن يقنع الأجيال الحالية بمزايا الاستعمار، فان ذلك لن يمر فالشعوب اليوم بدأت تراجع الحقبة الاستعمارية وما جرى فيها وبدأت تتأكد من أن الاستعمار عرقل نموها وتصوراتها وبرامجها ومن حقها اليوم المطالبة بالتعويض عن تلك المرحلة السوداء ومن حق التونسيين أن يتفاعلوا مع هذا التوجه الذي سارت فيه ليبيا وأخذت حقها وتسير فيه الجزائر بإلحاح». محمد العيد الأدب (محام) «ومن غير الممكن أن تمر 75 سنة من الاحتلال دون اعتراف بالمسؤولية» «مما لا شك فيه أن الشعب التونسي مثله مثل الشعب الجزائري كغيرهم من الشعوب التي تعرضت للاستعمار والاحتلال، من حقه أن يطالب بحقه في التعويض عن مآس عاشها أجداده وآباءه والبعض ممن لا يزالون يعايشون هذه الاجيال. فمن الناحية القانونية المطالبة بالتعويضات حق مشروع تضمنه القوانين الدولية.ومن غير الممكن أن تمر أكثر من 75 سنة من الاحتلال دون اعتراف بالمسؤولية عن القتل والاغتيالات والنفي والسجون ونهب الخيرات من فسفاط الجنوب وحديد الشمال... أضرار جسيمة لحقت بالتونسيين من جميع النواحي ولا بد لنا كتونسيين من المطالبة بحقنا في التعويض مثلما طالب الغرب بحقه في التعويض من ألمانيا النازية ونال هذا الحق.فالقانون ينطبق على الجميع وألمانيا حملوها مسؤولياتها وطالبوها بالاعتذار والتعويض ومن حقنا كذلك كتونسيين وجزائريين وليبيين وغيرنا من الدول والشعوب التي تعرضت للاستعمار في المطالبة بحقوقها....وهو حق لن ينازعنا فيه أي كان ويجب أن تمثل فرنسا وغيرها من الدول الاستعمارية الى القانون وهي المعروفة بدولة القانون وحقوق الانسان». أحمد الغندور (نائب في البرلمان عن حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) سنفعل مطلب الاعتذار الرسمي والتعويض مطلب الاعتذار الرسمي والتعويض عن سنوات الاستعمار كان ضمن برنامج حزبنا للانتخابات التي شهدتها البلاد مؤخرا. ونحن نفعل هذا الموضوع بنيتنا في بعث مذكرة لسفارة فرنسا نطالب فيها رسميا بالاعتذار الرسمي والتعويض عن سنوات الاستعمار. وسنشارك في الأيام القليلة القادمة في ملتقى مغاربي سيعقد في المغرب الأقصى يطرح هذه القضية. ومن ناحية أخرى نحن نرفض كل أشكال الاستقواء بالخارج والتدخل السافر في الشؤون الوطنية ونحذر كل من ينتهج هذا الطريق من الاستعمار الذي يمكن أن يكون بأشكال عدة، ويكفي أن نذكرهم بما حصل للعراق حتى ينسوا الوجه الآخر ل«الساهرين على الحرية والناشرين للديمقراطية»!! نوفل الزيادي (ناشط سياسي) الاعتذار ضروري والتعويضات حق الاعتذار ضروري والتعويضات حق للشعب التونسي كما لكل الشعوب المتضررة من الاستعمار. وفي ما يتعلق بالتدخل الاجنبي وبكل اشكال الاستعمار فنحن نقف ضدها جملة وتفصيلا، واعتقد ان اليسار ومنذ سنوات حضوره الاولي في الساحة السياسية الوطنية وقف ضد كل اشكال التدخل في الشؤون الوطنية، واعتبر الالتجاء الى السفارات او المؤسسات الحكومية الاجنبية انما يصنف في خانة الاعتداء على استقلالية البلاء وضربا لتضحيات اجيال من الوطنيين الذين سهروا على تحقيق استقلال البلاد، واذا كانت النية الديمقراطية، فان الديمقراطية هي مسؤولية وطنية لا يمكن تحقيقها دون استقلالية. وفيما يتعلق بتصريحات مسؤولين غربيين، فرنسيين تحديدا فانه كان من الاجدر بهم ان يمكنوا المهاجرين الذين يعيشون في بلادهم من حقهم في المواطنة في هذه البلاد واعطائهم الحق في المشاركة السياسية في الانتخابات الرئاسية والتشريعية... واعتقد ان عدم تمكينهم من حقوقهم يعد نوعا آخر من الاعتداء الصارخ على الشعوب التي ينتمي لها هؤلاء وهو ضرب للديمقراطية في جوهرها. محمد أنيس الأرياني (عضو في مجلس النواب عن الحزب الاجتماعي التحرري) من الطبيعي ان تطالب الشعوب جلاديها القدامى بتجريم الاستعمار نعتبر انه من حق الشعب التونسي والشعوب العربية والافريقية ان تطالب الدول الغربية باعتذار رسمي حول الحقبة الاستعمارية والجرائم المرتكبة في حق هذه الشعوب خاصة وانها وقائع مثبتة تاريخيا ومن الطبيعي ان تطالب الشعوب جلاديها القدامى بتجريم الاستعمار باعتباره تعد على حرية الشعوب وكرامتها. ونحن ننبذ اي شكل من اشكال التدخل الاجنبي والاستقواء بالخارج والاحزاب ليست بديلة عن الوطن بمعنى ان الانتماء السياسي مهما كان لا يأتي قبل المصلحة الوطنية. وعن كيفية التعامل مع الماضي يجب التعامل معه بعقلانية والاهم اليوم، بدل التعويضات البحث عن علاقات متكافئة ومطالبة الذين يريدون اعطاء دروس في الديمقراطية والحرية تطبيق ذلك في بلدانهم أولا!!