بالقدر الذي يعتزّ فيه الإنسان بالانتماء لوطنه بالقدر الذي يشعر بالغيرة عليه والرغبة في أن يظلّ له مبعث افتخار دائم عند أيّ تصنيف يرتّب بلده في مراتب مشرّفة أو أيّ إنجاز اقتصادي أو ثقافي أو علمي يحقق به سبقا دوليا أو أيّ كلمة خير تقال عنه حتى من ضيف بسيط عابر.. ولهذه الرغبات على بساطتها دور كبير في مزيد إذكاء جذوة الوطنية وشحذ العزائم ومنحها دفعا جديدا لمزيد الارتقاء بالوطن نحو مصاف النخبة في كل المجالات . إن لهذه الرغبات عندما تصطدم بواقع مرير على غرار خيبة الأمل في الترشح الى مونديال جنوب افريقيا أثرها الكبير على مشاعر التونسيين الذين كبقية شعوب الدنيا يولون أهمية خاصة للعبة كرة القدم، وهي خيبة اُسْتُقرئت مؤشّراتها منذ أشهر ولعلّ أبرز هذه المؤشرات احتفال عدد من اللاعبين في ملاهي الحمامات مباشرة بعد تعادلهم المخزي أمام المنتخب النيجيري في درّة المتوسط وأمام عشرات الآلاف من التونسيين الذين جاؤوا من كل صوب وحدب لتشجيعهم.. ففي الوقت الذي كان فيه المشجعون ومن ورائهم كل الجماهير التونسية يتجرّعون كؤوس المرارة والخيبة ليلة كاملة، كان لاعبونا يتلذّذون شُربَ الراح في العلب الليلية بما يعكس الحدود القصوى لتجذّر الحسّ الوطني لديهم ولتقديسهم لعلم بلادهم الذي انتُقوا للعب من أجل رفعه عاليا رفرافا .. لقد وفّرت لهم تونس كلّ الامكانات وظروف العمل الملائمة التي لا يمكن مقارنتها بما توفّر لمنافسيهم لتحصد الخيبة وهو ما يدفعنا للتساؤل إن كنّا سنتجرّعها وحدنا أم أنّ ساعة الحساب قد حانت ليتحمّل كل مسؤول عن خيبة الأمل هذه مسؤولياته كاملة. حافظ الغريبي للتعليق على هذا الموضوع: