نجح الفنان صابر الرباعي مجددا أمس في تحقيق تطلعات وانتظارات جمهوره الذي توافد بكثافة لحجز الأماكن مبكرا في مسرح الهواء الطلق بالحمامات لمتابعة سهرة السبت 2 أوت ضمن فعاليات الدورة 59 لمهرجان الحمامات الدولي. واختار الرباعي الملقب بأمير الطرب العربي، تقديم عرض متنوع فيه مراوحة بين الطرب والأغنية الإيقاعية وبين الموروث المحلي والموسيقى الشرقية، جامعا بين أعماله الجديدة وأغانيه الراسخة في الذاكرة. وقد أطل أمير الطرب على جمهور متنوع الفئات والأذواق مستهلا لقاءه بكلمات ترحيبية اختزلت علاقته الوثيقة بعشاق أغانيه. ومنذ اللحظات الأولى، بدا الحفل محكوما بإيقاع مدروس، حيث افتُتحت السهرة بأغنية "برشا"، تبعتها "دلولة" و"مزيانة". وأتحف جمهوره بباقة مختارة من الأغاني التي تنوعت بين الطرب والأغاني الإيقاعية باللهجة التونسية، كما قدم مزيجا بين الأعمال الجديدة والقديمة. وقد غنى للحب والمرأة وأطرب الحاضرين بروائع رومانسية ظلت تأسر قلوب الجمهور العربي بكلماتها العذبة وإيقاعاتها الساحرة التي تمزج ببراعة بين الأنماط الموسيقية التونسية والشرقية والطرب العربي الأصيل. صابر الرباعي الذي خبر ركح الحمامات وتعود على سحره الخاص وجمهوره، قدم سهرة غنائية متنوعة ولم يخرج عن أسلوبه المعتاد في بناء حفلاته، فكانت الأغاني متسقة بتدرّج مدروس وتوزيع محكم. وظل الجمهور واقفا طيلة العرض مشدودا إلى حس الإيقاع وصوت مخملي صدح بمختارات غنائية مثل "تمنيت" و"ببساطة" و"عز الحبايب" قبل أن ينتقل الرباعي إلى مقاطع غنائية أخرى مثل "ما تبكيش" و"عشيري" حيث لم يهدأ الجمهور من ترديد الأغاني معه وتحول إلى كورال موسيقي وجزءا من العرض. وقدم لاحقا مزيجا من أغانيه ذات الطابع الشرقي من بينها "تفتكر" و"على نار" و"عزّة نفسي" التي احتفظت بحضورها في كل حفلاته تقريبا. وتصاعدت إيقاعات العرض مع باقة أعماله الجديدة مثل "ماذا لو" و"اختارك" و"ولا كلمة" قبل أن يمر إلى أداء "خلص ثارك" و"صيد الريم". وقد توفّق في أداء أغانيه وحافظ على تركيزه رغم التنوع اللحني واللغوي. وقبل أن يودّع جمهوره، لم يغب عن صابر الرباعي في هذا الحفل كعادته، إحياء الذاكرة الموسيقية التونسية من خلال أداء مقاطع لأعلام الأغنية الطربية مثل روائع محمد الجموسي . ثم عاد لاحقا لأداء باقة من أغانيه الخاصة مثل "أتحدى العالم" ليتوج سهرته بأغنية "سيدي منصور" التي لقيت تفاعلا كبيرا من الجمهور. وقد أبرز صابر الرباعي طيلة هذا الحفل قدراته الصوتية المتفردة وحضوره الركحي، فتمكن من شدّ انتباه الجمهور على امتداد ساعتين من الغناء المتواصل، محلقا بجمهوره في عوالم الحب والوجد والشجن. وتفاعل الحاضرون مع كل مقطع مرددين معه الكلمات لدرجة تحوّل فيها المسرح إلى كورال جماعي. ورسّخ الرباعي بهذا الحفل صورة الفنان المتكامل الذي يجمع بين الالتزام بقيم الطرب والقدرة على مواكبة تطلعات جمهور واسع متعدد المشارب، فحافظ على أصالته دون أن يتخلى عن التجديد ليواصل مسيرة فنية مشرفة امتدت لأكثر من ثلاثة عقود ولا تزال قادرة على الإبداع والعطاء. وفي تصريح خصّ به وسائل الإعلام بعد نهاية العرض، عبّر صابر الرباعي عن سعادته الكبيرة بالعودة للغناء على ركح الحمامات الذي يعتبره تحديا ومسؤولية مضاعفة بالنظر إلى قيمة هذا المهرجان ومكانته لدى الجمهور التونسي والعربي. وأوضح أن برمجة حفله بهذا الصرح العريق تخضع دوما لمعايير دقيقة نظرا لخصوصية جمهوره واهتمام وسائل الإعلام بكل تفاصيل العرض معتبرا أن النجاح على ركح الحمامات هو تحد كبير.