انصهرت كل الاختلافات اللغوية والتاريخية وحتى الدينية والثقافية في وعاء جغرافي واحد يضمّ حاليا أكثر من عشرين دولة أنشأت الاتحاد الأوروبي. هذا الهيكل الإقليمي الذي تشكلت مؤسساته السياسية والاقتصادية والقضائية والنقدية الموحّدة بعد استفتاءات شملت تباعا كل البلدان المنضوية تحت لوائه تُوّجتْ هيكلته التنظيمية بانتخاب أول رئيس له... أول رئيس لأوروبا الموحّدة في شخص رئيس الحكومة البلجيكية. لقد تجاوزت القارّة العجوز كل تناقضاتها الاجتماعية وحروبها وخلافاتها التاريخية وتعدّد اللّغات والخصوصيات الحضارية لتنشئ أحد أهم الهياكل الإقليمية في العالم مما ساعدها على فرض هيمنة «اليورو» في المعاملات المالية والتجارية مع المجموعات الاقتصادية الأخرى وبلورة مواقف سياسية موحّدة تجاه بؤر التوتر والأزمات الدولية وقضايا الهجرة والتغيرات المناخية والإرتقاء اجتماعيا بشعوب الدول الأوروبية الموحّدة قبل إعارة الاهتمام لما يجري خارج حدود هذا التجمّع الإقليمي. في جوار الاتحاد الأوروبي تمثل الشعوب العربية محيطا جغرافيا موحّدا من قواسم وحدته اللّغة والتاريخ والإنتماء والمصير الواحد. ورغم هذه العوامل المشتركة ظلت هذه الشعوب على هامش الفعل وغير قادرة على افتكاك موطئ قدم للمساهمة في صنع التاريخ.