*سقط الأول فحاول صديقه إنقاذه فمات معه في الأوحال «النتنة» *استياء من انعدام الحراسة بالموقع وعائلتا الضحيتين تصران على تتبع المسؤول تونس- الاسبوعي - القسم القضائي: قدم الطفلان حازم بدر وأنور الحباسي خلال الاسبوع الفارط درسا في الصداقة التي باتت على قاب قوسين أو أدنى من الاندثار. عندما ماتا معا أثناء محاولة أحدهما انقاذ الآخر من الغرق في الاوحال التي لا يقل عمقها عن الثمانية أمتار هذه الفاجعة حصلت داخل حوض لماء الفضلات (Lixiviats) بمصب الفضلات ببرج شاكير في الوقت الذي يمنع فيه الدخول الى المكان لغير الموظفين والعاملين به ولكن المأسوف عليهما نجحا في الوصول الى الحوضين الممتدين على مساحة نحو أربعة هكتارات للتزحلق على ضفاف أحد الحوضين المغطاة بغطاء بلاستيكي أسود اللون رفقة عدد من زملائهم بالسنة السابعة أساسي بالمدرسة الاعدادية 7 نوفمبر 1987 بسيدي حسين. «الاسبوعي» سجلت حضورها بمسرح الواقعة وبمنزلي المأسوف عليهما لنقل ملابسات هذه المأساة من كل جوانبها. «محمية» نتنة وجهتنا الأولى كانت مصب القمامة والنفايات ببرج شاكير الواقع بطريق الفحص وتحديدا على بعد بضعة كيلومترات عن منطقة سيدي حسين.. روائح كريهة كانت في استقبالنا ومعها عبارة «ممنوع الدخول» التي جاءت على لسان أحد حراس بوابة المصب ولكن لا الرائحة عجلت بمغادرتنا المكان ولا عبارة «ممنوع الدخول» التي صرنا نستأنس بها في مثل هذه المهمات دفعتنا الى العودة من حيث أتينا.. بل عرجنا على مسلك آخر وترجلنا مئات الامتار وسط تضاريس وعرة أحيانا حتى وصلنا الى الحوضين.. المشهد وأنت تنظر اليهما يبدو رائعا وقد حولته مئات الطيور الى ما يشبه «المحمية».. على بعد عشرات الامتار تتراءى لك غرفة حراسة ثانية يجلس أمامها حارس يبدو أنه لم يتفطن لوجودنا على ضفاف الحوضين رغم الاشارة الصادرة عن الطيور التي انتفضت من مكانها وظلت تحلق فوقه مغردة تارة ومذرفة الدموع تارة أخرى على رحيل طفلين أو هكذا خيل لنا.. اتفاق المكان رغم جماليته الظاهرة للعيان فإن أعماقه تبدو موحشة.. كيف لا وهي التي اختطفت صديقين في لمح البصر.. وتصدر روائح نتنة لا تطاق «ففي صباح يوم الواقعة وبعد أن أنهى حازم (12 سنة) وأنور (12 سنة) الامتحان استقلا رفقة خمسة من رفاقهم الحافلة رقم 34 للذهاب الى احدى المناطق المجاورة دون علمنا » يقول لسعد (والد أنور) اثناء لقائنا به ثم يتابع : «ولكن على مستوى المصب نزلوا وترجّلوا نحو الحوض التابع له ربما للهو والتزحلق حسب ما أفادنا به أحد شهود العيان. سقوط مفاجئ محدثنا الذي بدا تائها محتارا.. ومستاء من الواقعة أفادنا أن ثلاثة فقط من التلاميذ ظلوا يلهون على ضفاف أحد الحوضين حيث تعود بعض الأطفال التزحلق على ضفاف الحوضين المغطاة بغطاء بلاستيكي قبل أن يفاجأ البقية بفقدان ابني لتوازنه بسبب انقلاب احدى العجلات الموجودة بالمكان والمشدودة إلى حبل يستغلّ في الصعود أو النزول إلى الحوض ثم سقوطه في الحوض المملوء بالاوحال والمياه الآسنة». درس في الصداقة أما الطاهر (والد حازم) والذي مثّل بيته وجهتنا الثالثة واستقبلنا بعيون دامعة فقد أكد أن فلذة كبده الذي لم يتعود على التوجه الى مثل هذه الاماكن أصرّ على انقاذ صديقه عندما سقط في الحوض اذ أمسك بحبل موجود بالمكان ونزل لانتشال صديقه الذي كان يصرخ طالبا النجدة ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان اذ عجز ابني عن انقاذ زميله وغرق معه في الاوحال وماتا معا». مسؤولية من؟ عائلتا المأسوف عليهما حملا المسؤولة للمكلفين بحراسة المصب وتساءل والداهما عن سبب السماح للاطفال بالوصول الى الحوض رغم ان القانون يحجر دخول اي غريب عن المكان. العائلتان تتهمان المسؤولين عن حراسة المصب بالاهمال وهما مصرتان على تتبع من تثبت مسؤوليته عن هذه الفاجعة التي تولى أعوان شرطة سيدي حسين البحث في ملابساتها. صابر المكشر