رغم حملات النظافة الاستثنائية والجهود البلدية اليومية انتشرت المصبات العشوائية في مختلف احياء العاصمة بولاياتها الاربع واصبحت تمثل نقاطا سوداء اذ لا تكاد تمر عبرحي شعبي دون ان تصادف اكداسا من الفضلات واكوا من القش وبقايا اغصان الاشجار المتراكمة صارت مرتعا للحيوانات ووكرا للحشرات دون الحديث عن مخاطرها الصحية وتاثيرها على سلامة البيئة والمحيط . ولئن يحمل المواطن بعض المسؤولية في تفاقم هذه الظاهرة فإنّ البلديات مقصّرة في عملها البلدي وتخليها عن دورها الرقابي والاجراءات الرادعة التي يمكن ان تحد من التجاوزات فقد كشف عديد المسؤولين عن عديد المعطيات التي تثبت صعوبة عمل البلديات اليوم في ظل وجود مصب مراقب وحيد بمنطقة تونس الكبرى التي تشمل ثلث سكان البلاد. نقاط سوداء بين حي وآخرمن الاحياء الشعبية للعاصمة لا يمكن الا ان تصادفك ظاهرة المصبات العشوائية والفضلات المتناثرة في مشاهد خلنا انها نتيجة طبيعية للانفلاتات التي عاشتها بلادنا بعد الثورة لكن مرت الاشهر ولم نودّع تلك الصور القاتمة بل ان الظاهرة تفاقمت اكثر وتحوّلت بعض المصبّات الى وجهة «للبرباشة» الذين زادوا الطين بلة حيث تنبعث الروائح الكريهة الى حد ان بعض المناطق اصبحت لا تطاق وهي تعاني من الاختناق . وقد عبر كل المواطنين الذين تحدثنا معهم عن تذمرهم من هذه الوضعية التي جعلتهم يعيشون في كابوس يومي باعتبار انه «شوية من الحنة وشوية من رطابة اليدين « على حد وصف أحدهم لان المسؤولية مشتركة بين البلدية والمواطن .وفي ظل هذا الواقع المرير وجه البعض اصابع الاتهام لعمال البلديات الذين اصبحوا يقصّرون في عملهم وغير مبالين بواجباتهم خاصة بعد تسوية الوضعيات المهنية لاغلبهم والزيادة في اجورهم مع ترسيمهم. وما أن واجهنا عمال البلديات بهذه الاتهامات حتى عبّروا عن استغرابهم واكدوا ان هذه الاتهامات مردودة على اصحابها لان المشكل اليوم يكمن في الامكانيات المحدودة للبلديات التي تهرّم اسطولها واصبحت غير قادرة على مواجهة الاكوام التي يفرزها المواطنون يوميا في ظل عدم توفر مصب مراقب مما يحد من نجاعة العمل البلدي وهو مشكل عميق لا يعلمه الكثيرون ويتطلب حلولا جذرية تشترك فيها كل الاطراف. أحياء تختنق عديد الاحياء الشعبية تختنق يوميا بالدخان الذي يعلو من بعض المصبات العشوائية حيث يعمد بعض المواطنين الى حرقها للتخلص مما تبعثه من روائح كريهة لكن لا احد قدّر تأثيرات تلك الغازات على الجوانب الصحية والبيئية .والغريب ان حرق اكوام الفضلات المنزلية والقش واغصان الاشجار اصبح مشهدا مألوفا في عديد المناطق رغم مخلفاته الصحية . وحول مصير اطنان الفضلات المنزلية التي يفرزها التونسيون وتأثيراتها الصحية والبيئية والصعوبات التي تعترض البلديات في معالجتها والتخلص منها في مصبات مراقبة اعتبر كريم الهلالي رئيس بلدية اريانة ان المعضلة الرئيسية تكمن في توفر مصب واحد بتونس الكبرى وهو مصب برج شاكير الذي يستوعب نفايات ثلث الشعب التونسي مما خلق عديد المشاكل بالنسبة للبلديات البعيدة اذ لايعقل ان تقطع الجرارات او الشاحنات مسافة طويلة تمتد لاربع ساعات مما يحد من نجاعة العمل البلدي ويؤثر سلبيا على الفضلات من الاحياء ومختلف المناطق .واضاف «لابد من التفكير في حلول لتركيز مصب على المستوى الجهوي لان بقاء الوضع على ماهو عليه قد يضاعف المشاكل أكثر ونسعى لايجاد شركاء لاقامة مشروع كبير بالتنسيق بين بلديات اريانةوسكرة ورواد لانجاز وحدة معالجة وتثمين النفايات الذي سيكون اما برواد او سكرة لاننا لابد ان نعمل على ايجاد حلول عميقة لمشكلة النظافة باعتبار ان الحلول الظرفية لا يمكن باي حال من الاحوال ان تطمئن على مستوى مشكل حساس ودقيق وخطير يستدعي تضافر جهود مختلف الاطراف . فواضل البناء على الطرقات وفي سياق متصل كشف كريم الهلالي ان ما يدعو الى الحيرة اكثر هو انتشار فواضل البناء واغصان الاشجار على الطرقات وقرب بعض الاودية حيث يعمد بعض الخواص الى تفريغ حمولاتهم من الفواضل على جوانب بعض الطرقات لتمثل نقاطا سوداء ومشاهد مؤسفة ازدادت انتشارا رغم محاولات محاصرتها ومحاربتها مما جعل هذه الفضلات تتجاوز امكانيات البلدية التي لا تملك الاسطول الكافي لرفعها وهي وضعية تحتم على الخارقين للقانون تحمّل مسؤوليتهم لان المسالة تتعلق بوعي المواطن قبل كل شيء. حلول اضطرارية لم يخف كمال الوحيشي الكاتب العام لبلدية بن عروس انزعاجه من المصبات العشوائية التي رغم محاولات محاصرتها فانها مازالت تثير القلق لما تسببه من مشاكل بيئية وانبعاث للروائح الكريهة .واضاف ان المشكلة تشعبت أكثر لما منع الأهالي دخول الشاحنات لمركز تحويل النفايات بنعسان الذي كان يعمل طيلة 24 ساعة لكن بعد مفاوضات طويلة تم التوصل الى اتفاق يقضي الى عمل المركز نهارا فقط الى حدود السادسة مساء مما افضى الى تجاوز جزئي للمشكلة في انتظار ايجاد صيغة تعيد للمركز نسق عمله ليلا و نهارا . وحول الحلول التي وفرتها البلدية لتجاوز هذا الاشكال اشار الى انه تم تحويل قطعة ارض بالمنطقة الصناعية الى نقطة تحويل وقتية وهي حل اضطراري امام بعد المسافة التي تفصل منطقة بن عروس عن مصب برج شاكير وهو حل اضطراري في انتظار معالجة جذرية لهذا المشكل الذي مازال يؤرّق كل الاطراف . ولئن عبر الوحيشي عن استيائه من ظاهرة انتشار فواضل البناء والاتربة المتراكمة في بعض النقاط التي تفرغ حمولتها جرارات وشاحنات الخواص بعيدا عن أعين الرقابة دون تفكير في ما تسببه من تشويه لصورة المدينة ومشاكل فانه اكد ان بلدية بن عروس هيأت مكانا - وهو مقطع قديم- ليكون وجهة لبلديات بن عروس ورادس والمروج ومقرين مما مكن من تجاوز اشكال كبير كان يؤرّق الجميع. وشدد الوحيشي على انه لا يمكن تجاوز الاشكالات المطروحة ومعالجة المشاكل دون تضافر جهود مختلف الاطراف من بلديات وولايات ووزارة الداخلية ووزارة البيئة الى جانب الدور الهام للجمعيات التي ينبغي ان تقوم بدورها التوعوي والتحسيسي.