«حي الزهور 2» غربي العاصمة تحول إلى حي «المزابل». هكذا قال متساكنوه وهكذا أرادت بلدية تونس التي سطت على منطقة خضراء حسب مثال التهيئة حولتها لتجميع الفضلات من مجموعة من الأحياء، وهو ما أساء إلى عشرات العائلات التي تجاور مساكنها المصب وحولت حياتها إلى جحيم لا يطاق. أمراض جلدية روائح كريهة جدا وحشرات وزواحف تهدد الجميع وتمنع الأطفال من اللعب بعدما فرضت على الجميع إغلاق نوافذهم طيلة اليوم وعلى مدار السنة. «الشروق» تحولت على عين المكان صباح الأحد الماضي وتصادف وجودها مع حركة احتجاجية من بعض متساكني الحي المتضررين الذين منعوا شاحنات وجرارات البلدية من دخول المصب لإفراغ حمولاتها، وهو ما حتم تدخل الشرطة ورئيس الدائرة البلدية الذي وعد بإزالة المصب نهائيا بعد عيد الفطر مباشرة. المنظر كان مريعا، أكداس من القمامة ملقاة هنا وهناك وحاوية محطمة لجمع الفضلات المنزلية وروائح كريهة جدا يصل مداها إلى قرابة كلم. يقول السيد طارق الدريدي (موظف) هذا المصب كانت حديقة لكن البلدية استولت عليها وحولتها في البداية إلى مستودع لشاحناتها وسياراتها ولما صمتنا حولتها إلى مصب تجمع فيه النفايات المنزلية من كل الأحياء المجاورة في انتظار نقلها إلى مصب برج شاكير. لقد تقدمنا بتشكيات لكل السلط في العهد السابق وبعد الثوة طالبين إنقاذنا من هذا الخطر الماثل أمامنا لكن لم نتحصل على وعود بإزالة المصب وتمكيننا من تنفس هواء نقي نفس الملاحظة أكدها السيد كمال الصمعي (معلم) الذي أضاف أن المتساكنين ضاقوا ذرعا بالمصب فعلاوة على الروائح الكريهة على مدار العام الذي أجبرت الجميع على إغلاق النوافذ فإننا لم نعد قادرين على النوم ليلا جراء ضجيج محركات الشاحنات والجرارات القديمة التابعة للبلدية وخاصة اصطدامها بالحاوية عند تفريغ حمولاتها من القمامة. وإضافة إلى أزيز المحركات القديمة فإن أصوات الأعوان البلديين وكلامهم البذيء في ساعات الليل المتأخرة تجبرنا على الاستيقاظ وهو وضع أثر على أبنائنا وساهم في تدني نتائجهم المدرسية. «حي المزابل» يتحدث السيد عادل الكرماوي (تاجر) بنبرة حادة ويقول نحن نقطن حي الزهور لكنه في الحقيقة هو «حي المزابل» والمصبات تصوروا أن القمامة تظل هنا لأيام وتصل أحيانا إلى أسبوع كامل فتتعتق بمفعول الحرارة وتصبح رائحتها تزكم الأنوف. هذا المصب حول حياتنا إلى جحيم ومنه عرفنا كل أنواع الحشرات والزواحف وعديد الأمراض الجلدية المتنوعة بل أن أحد الأجوار فقد عينه تماما نتيجة لسعة ناموسة سامة. خافوا على الأشجار فقط ويقول السيد باسم السكوحي (موظف) حالة المصب فرضت علينا إغلاق الشبابيك بشكل دائم ونحن متمسكون بنقله إلى منطقة غير سكنية مثل سبخة السيجومي. ويضيف بنبرة حزن أن أحد المسؤولين البلديين أفادهم بأنه اقترح في اجتماع للمجلس البلدي نقل المصب إلى السيجومي لكن زميلا له اعترض وقال له نخشى أن تموت الأشجار بمفعول النفايات. ويستغرب محدثنا قائلا يخافون على الأشجار ويستهينون بالبشر. وتؤكد السيدة زبيدة حكيمي (أستاذة) إن شارع صبرا وشتيلا شارع الحي الرئيسي أصبح مملوءا بالفواضل المتساقطة من الشاحنات المهترئة إضافة إلى المياه المتعفنة التي تتقاطر من الشاحنات والتي تمثل خطرا كبيرا على السيارات والدراجات. أما السيدة سلوى (ربة بيت) فتقول لقد فاض صبرنا ولم نعد نتحمل ما يحدث لنا ونحن لن نكتفي بكتابة التشكيات بل سنصعد الأمر بالاعتصام وغلق الطريق لو لم تف البلدية بوعدها بنقل المصب وإراحتنا من روائحه وحشراته وأمراضه. وتختم السيدة فاطمة الرويسي بنداء «أغيثونا وأنقذونا لقد مللنا حياتنا هنا».