تونس الصباح: جاء في استبيان قامت به مؤخرًا منظمة الدفاع عن المستهلك أن 60% من الحرفاء غير راضين على مستوى الخدمات البنكية، فغياب التواصل بين الطرفين والنقص الموجود في بعض الخدمات أهم ما يؤرق الحريف. علاقة يغلب عليها التوتر والمد والجزر بين حريف يطالب بحقه في فهم ما التبس عليه من نقص غير مبرر في الرصيد أو إيقاف للتعامل بالبطاقة البنكية فجأة دون سابق إعلام أو سحب للرصيد على وجه الخطإ.. وبين موظفين ببنك يكتفون بكلمات مقتضبة لا تشفي غليل الشاكي وردود جاهزة تعاد وتتردد حتى حفظناها عن ظهر قلب وسئمنا سماعها: مصلحة الحرفاء كفيلة بالرد عن جميع التساؤلات، كل شكاية عليها أن تكون مدعمة بالوثائق اللازمة ولا مفر من تتبع الإجراءات الإدارية والتقيّد بها. هذا ما صرح به منير، موظف سام بإحدى الإدارات. فتردي بعض الخدمات البنكية جعلته يحوّل وجهته من بنك إلى آخر ولا يستقر على حال.، وأبدى استغرابه من سوء الاستقبال و«ترفّع» الإطارات البنكية الذين يقومون بوظيفتهم وقد فارقت الابتسامة وجوههم». ويضيف محدثنا «كأني بهم قد تناسوا أن الحريف هو الملك وصاحب القرار في اختيار البنك المناسب له». تعطب الموزعات الآلية عماد، عبّر عن عدم رضاه عن الخدمات المقدمة من طرف البنوك، فالعديد من المناطق الداخلية تفتقر إلى الموزعات الآلية للنقود وحتى إن وجدت فهي إما معطبة أو تتطلب وقتًا طويلاً لاستخراج الأموال منها، أما في الأعياد والمناسبات يضيف عماد ببرودة دم واضحة وكأنه قضاء لا مفر منه، تتوقف العديد من الموزعات الآلية عن العمل وبعضها الآخر يشح بالأموال ولا يجود إلا بالقليل منها مما يجبر الحريف على التنقل بين الموزعات عله يجد ضالته. إيمان الوسلاني، أرهقتها كثرة الأوراق وتعدد الإجراءات الإدارية ولم تحصل على القرض إلا بعد عناء طويل وبفوائض مشطة، ولاحظت بإعجاب «هناك بنوك دولية تمنح قروضًا فورية ودون اللجوء إلى الانتظار طويلاً مثلما هو الشأن في بلادنا». شروط لا مبرر لها أما سفيان العويني، إطار سام، فقد اقترح من جهته أن تقوم الهياكل المعنية بإحداث صيغة جديدة تعدل فيها من قيمة الحساب السلبي أو ما يصطلح عليه «بالحساب في الأحمر» ليكون في قيمة نصف المرتب أو يتجاوزه بقليل إذ لا يعقل حسب رأيه أن يلتجئ حريف يتقاضى 1500 دينار في الشهر وبسبب ظروف طارئة إلى بنك يتعامل معه منذ سنوات، فلا يمنحه إلا مائة دينار، وقال «إن كثرة الشروط التي يفرضها العاملون في البنك توتر الأعصاب، وقد تعرضت شخصيًا لمثل هذه المواقف». فما معنى يضيف مخاطبنا بتشنج واضح «أن يطلب الإطار البنكي من الحريف أن لا يسحب جميع الأموال التي بحوزته أو أن لا يدفع عددًا كبيرًا من أقساط القروض؟ فالمفروض أن لا تكون مراعاة مصلحة البنك على حساب الحريف». زكية العدواني، لها رأي آخر في الموضوع، فهي وبحكم تقدمها في السن وطول تجربتها مع البنوك، خيّرت أن يتم الرجوع إلى النظام القديم والحصول على «الشهرية» من الخزينة العامة مباشرة، إذ لا مبرر في اعتقادها لإجبار الموظف الحكومي على أن يكون له حساب، وبالتالي فهو مكره على التعامل مع البنوك. طريقة للتسوية وللاطلاع أكثر على نوعية الشكاوى التي يرفعها حرفاء البنوك، اتصلت «الصباح» بأحد الموفقين المصرفيين، فأفاد أن خطة التوفيق المصرفي هي طريقة للتسوية الرضائية للنزاعات بشكل مجاني وسريع، وقد تم إحداثها بمقتضى قانون صادر في 2 ماي 2006، وذلك لتحسين نوعية الخدمات المصرفية وتسوية الخلافات التي تقوم بين الحريف والبنك. وتتعلق الشكاوى المعروضة أمام الموفق في الأخطاء التي تتسرب للعمليات البنكية والحسابات الجارية والتعريفات.. ومثالاً على ذلك النقص غير المبرر في الرصيد، وعدم اتصال الحريف بالبريد البنكي بانتظام، والسحب من الرصيد بطريقة خاطئة أو اقتطاع مبلغ القرض الشهري المتفق عليه بعد فترة انقطاع طويلة دون علم الحريف أو إيقاف التعامل بالبطاقة البنكية بصورة مفاجئة وغلق الحساب دون إعلام المعني بالأمر. أرقام... وأرقام وعن النقائص التي لاحظها الحرفاء خلال الاستبيان المعدّ من طرف منظمة الدفاع عن المستهلك، لاحظ 8،54% من المتعاملين مع البنوك أن الاكتظاظ يعدّ أحد النقائص الأساسية مقابل 7،50% بالنسبة إلى ارتفاع التعريفات و36% إلى الأعطاب المتكررة في الموزعات الآلية للنقود و9،31% إلى الاستقبال والإرشاد و24% يرجعون ذلك إلى تدني الخدمات البنكية و1،21% إلى عدم توفر التداول اللازم بين الأعوان و9،20% إلى الصعوبة في الحصول على قرض و5،17% إلى عدم الحصول على الكشف الشهري بانتظام، و3،15% إلى أعطاب في البطاقات البنكية و9،21% إلى طول آجال تسليم دفتر الصكوك و5،12% إلى صعوبات في عملية السحب الآلي جراء إشكاليات في مستوى البطاقات البنكية أو خلو الموزع الآلي من الأوراق النقدية و6،7% إلى طول آجال تسليم البطاقة البنكية وخلوّ الموزع الآلي من الأوراق النقدية و6،7% إلى طول آجال تسليم البطاقة البنكية و9،6% إلى عدم تحويل الأموال في آجالها و6% إلى صعوبة التعرف على الرصيد. وتمرّ التسوية الرضائية بعدة مراحل من بينها قيام الموفق المصرفي بدراسة ملف الشكوى واقتراح حل توفيقي في أجل أقصاه شهران كما يتولى إعلام طرفي النزاع بذلك. وعن صلاحيات الموفق المصرفي، أفاد مصدرنا أن التوفيق المصرفي خدمة غير إجبارية، حيث يحتفظ الشاكي في كل مرحلة من مراحل تسوية النزاع بحقه في التظلم لدى القضاء، إلا أنه وإذا تم إصدار حكم بشأن الخلاف مع البنك أو اللجوء إلى القضاء، فإن التوفيق المصرفي يصبح غير ذي جدوى. ليس موظفًا بالبنك أما عن علاقة الموفق المصرفي بالبنك، وهل يؤثر ذلك على تعاملاته مع الحريف، فقد أفاد محدثنا أنه، وخلافًا لما يعتقده الكثيرون فإن الموفق المصرفي مستقل عن البنك ولا تربطه به علاقة شغل بل هو مجرد متعاقد مع البنك. ويوجد حاليًا ما يفوق 19 موفقًا في المؤسسات البنكية ووفقًا لمرصد الخدمات المصرفية، فقد فاقت نسب الشكاوى التي تم التوصل فيها إلى حل يرضي الحريف 90% من إجمالي الشكاوى المقدمة. خلية للإنصات وفي استبيان أعدته منظمة الدفاع عن المستهلك لتحسين الخدمات البنكية يرى 5،60% من المستجوبين ضرورة تكريس مزيد من الشفافية على مستوى التعريفات المعمول بها لإسداء الخدمات البنكية بتلك التعريفات بينما اعتبر أكثر من 40% منهم أنه من الضروري إحداث شباك خاص بالإعلام والإرشاد حول الخدمات البنكية بمختلف أنواعها نظرًا إلى الصعوبات التي يتعرضون لها أثناء تعاملهم مع البنك فيما رأى بقية المستجوبين أن الحل يكمن في إحداث خلية أو رقم خاص بالإنصات لمشاكل المستهلك وتقبل ملاحظاته لتفادي جملة من التعطيلات التي قد تحصل له جراء غياب التعامل الشفاف مع البنك إلى جانب العمل على رسكلة الأعوان بصورة دورية للارتقاء بمستوى خبرتهم ومردوديتهم ونجاعتهم أثناء إسدائهم الخدمات للمستهلك.