لئن احتفلت أغلب الشعوب والأمم بإطلالة السنة الإدارية الجديدة وهي تنعم بالحريّة والأمن والسّلام.. فإنّ شعوبا أخرى ظلّت معاناتها متواصلة منذ سنين.. أو عقود وهي ترزح تحت أشكال متعدّدة من الوصاية أو الاحتلال الذي صادر حقها في الحياة وألغى شرعية وجودها.. إمعانا في تزوير التاريخ. وهذا الواقع المرير تختزله بعض الأرقام في بلد مثل العراق حيث اتّضح أنّ نحو عشرة ملايين يعانون حاليا الفقر من مجموع إثنين وثلاثين مليون نسمة... والخطر المحدق هو أنّ هذا الثلث المهمّش هو من الشباب الذي أصبح يعاني البطالة وكلّ أشكال الإحباط... بعد أن انسدت أمامه كلّ الآفاق بسبب سياسة التسليح والحروب المتتالية بدل التنمية.. وتداول ثقافة الطائفيّة والقتل على الهوية والسلوكيات المنحرفة. لقد أصبح هذا البلد الغني بشواهده الحضارية الموغلة في التاريخ.. وثروته النفطية الهائلة وتقّدم شعبه في مجالات عدّة ضمن »كوكبة« البلدان الأكثر فقرا وتخلّفا نتيجة أوهام القوّة وسياسة المغامرة... أو الارتهان إلى الأجنبي والاستقواء به. وهذه الحقائق التي كبّلت الشعب العراقي وشلّت قدراته على النهوض والتقدّم مرشّحة للتفاقم بعد أن اتّضح أن الحكومات المتعاقبة إثر سقوط النّظام السابق عاجزة عن كبح مظاهر العنف والفساد المالي المستشري والطّائفيّة... وبعد أن اتّضح كذلك أنّ قوّات التحالف حلّت بهذه البلاد لتدمّر وتنهب بدل المساعدة على البناء والتعمير.