تردد رئيس النادي الإفريقي كمال إيدير كثيرا في الحديث عن أمهات المشاكل في النادي قبل الجلسة العامة، كما أنه تهرب من عديد الأسئلة حفاظا على سلامة الأجواء ونقائها حتى نهاية الموسم إيمانا منه بأنه مطالب بحماية الأطراف التي عملت إلى جانبه وضحت واجتهدت فأصابت أحيانا ولم تصب أكثر الأحيان... ورغم هذا التحفظ تمكنت «الأسبوعي» من الحديث معه في حوار تأجل في عديد المناسبات لتجنب إيدير تفجير بعض الحقائق في فترات حاسمة وحساسة. كمال إيدير تحدث عن أمهات قضايا ناديه بطلاقته المعهودة وبسلاسة ولباقة وكشف أكثر من سر مثير كما تحدث عن حقيقة الوضع المالي وعلاقته بالرؤساء السابقين وأعطى رأيه في خليفته أو الرئيس المرتقب... إيدير أزاح الستار عن عديد الملفات وفتح قلبه ل«الأسبوعي» حيث كان صريحا وفصيحا في كلامه رغم أنه لم يجب عن جل الأسئلة المطروحة وفضل الخوض في هذه الملفات... ٭ لماذا صممت على الرحيل والحال أن كبار الإفريقي متمسكون بك ويدركون أن ما حدث لا تتحمل مسؤوليته؟ - إن نجحت في رئاسة الإفريقي لمدة 5 سنوات فلأني عرفت كيف أتعامل مع مختلف التيارات الموجودة داخل «الحديقة أ» بالإضافة إلى ذلك لم أكن غريبا عن التسيير فقد كنت نائب رئيس فضلا عن مساهمتي في تشييد مركز الشبان بالحديقة لأني كنت آنذاك نائب رئيس بلدية تونس وعضوا بالهيئة المديرة مهتما بالمنشآت زيادة عن أني لاعب سابق وحصلت على بطولة إفريقيا في كرة اليد... لكل هذه الأسباب أغادر الإفريقي وأنا مرتاح الضمير وأعتقد أن تمسك كبار المسؤولين هو شرف كبير لي رغم أن حصيلة الموسم كانت مؤسفة، ومع ذلك أقسم لكم أني لن أبقى في الرئاسة... ٭ لماذا بلغ الفريق هذا الوضع وخرج من موسمه فارغ اليدين؟ - على الورق نحن أفضل فريق إلا أنه في فترة وجيزة خسرنا كل شيء وهذا يعود بالأساس للاصابات فالمويهبي وزهير الذوادي وأسامة السلامي وبلال العيفة افتقدناهم في أحلك الفترات وفي زمن الحاجة إليهم فضلا عن أن عدم التحكم في النفس على الميدان كان له تأثيره السلبي ولا نتحمل الضغط الكبير المسلط علينا فخرجنا من كل شيء، وأعتقد أنه لو تمكنا من تسجيل الفرص التي أتيحت لتراوري والعكروت في بداية لقاء نصف النهائي وترشحنا لنهائي كأس تونس لما حدث ما حدث... كل ما أريد قوله هو أنه اليوم لدينا أفضل فريق لا بد من المحافظة عليه وتدعيمه بمهاجم إن لزم الأمر أما أنا فقد قضيت فترة طويلة في خدمة الإفريقي والرياضة التونسية (تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة اليد بتونس) ومن حقي أن أرتاح وأتفرغ لعائلتي.. ٭ تتحدث عن الرحيل في ظل غياب البديل، فماذا لو فرض عليك البقاء؟ - راسلت أعلى السلط وقدمت لها كل شكري على وقوفها إلى جانبي طيلة 5 أعوام، فأنا موظف ولا أملك القدرة على تسيير ناد في عراقة الإفريقي لولا التفاف السلط وكبار النادي حولي وبكل تواضع أشكر كل من ساندني لكنني صراحة لم أعد قادرا على المواصلة لأن تسيير النادي الإفريقي يحتاج إلى تركيز كبير وعمل في العمق وحسن التصرف في دواليب النادي وتحمل الضغط الكبير وحسن التصرف أيضا في القاعدة الجماهيرية العريضة التي ساندتنا ومكنتنا من كسب عديد اللقاءات في الدقائق الأخيرة، بالفعل التعامل مع جمهور الإفريقي يحتاج إلى جهد كبير لأنه مميز وقلّ وندر أن نجد مثله والدليل الرسالة التي بعث بها إلينا رئيس نادي «ليون» بعد مباراة راقية وسهرة رائقة في ملعب رادس (اطلعنا على الرسالة وكانت كلها تنويه بنجاح التنظيم وحسن الاستقبال) وقد وصف جمهورنا بالمتميز. ٭ ... مباراة «ليون» مثلت مكسبا كبيرا على جميع المستويات وكانت في الوقت نفسه بمثابة «اللعنة» على خزينة النادي حيث تسببت لكم في إشكال مع السيد حمادي بوصبيع ولكم؟.. ما مدى صحة ذلك؟ - لئن نجحت في جمع كبار الإفريقي والحصول على دعم متواصل منهم فإني أعترف بأن جماعتي أو بعض عناصر الهيئة المديرة قد اقترفوا خطأ فادحا في حق سي حمادي بوصبيع، لأن بعض المسؤولين كانوا يرون أن حمل العلامة التجارية لمؤسسة بوصبيع يقتصر على مباريات البطولة والكأس وهذا خطأ كبير لأن سي حمادي يجب أن يكون ممثلا في كل المقابلات والمناسبات وعلامته التجارية بارزة للعيان دوما لأن هذا الرجل يقدم لنا أموالا كبيرة في إطار الاستشهار وثلاثة أضعاف هذه الأموال خارج الإشهار والمسائل التجارية... لقد هضمت جماعتي حق الرجل الممول الأول للنادي وشخصيا لم أسكت لأني مقتنع بوجهة نظر سي حمادي وأعتقد أن جماعتي (للأسف الشديد) لم تحسن التصرف إلا أنه بقي وما زال الأب الروحي للنادي ومثلما قلت سابقا لقد نجحت في جمع شمل عائلة الإفريقية وتحديدا مسؤوليها الكبار فالعلامات التجارية لسي حمودة بن عمار وبلحسن الطرابلسي وفريد عباس حاضرة في مقابلاتنا، زيادة عن دعمهم الثانوي خارج إطار المعاملات التجارية وهنا أضيف لكل هذه الأسماء السيد شريف بالامين حتى لا أهضم حق الرجل... ٭ هذا الكلام يؤكد حقيقة الخلاف بينك وبين لطفي الزاهي رغم أنك حميته في عديد المناسبات وفضلته على مسؤولين كبار؟ - نحن كهيئة مديرة نعمل في إطار الوفاق والتشاور المستمر وها أنكم ترون كيف أن سوء التقدير في احدى المباريات كاد يكلفنا غاليا ويفسد ما بنيناه طيلة خمسة أعوام... لكن خلافي مع لطفي الزاهي هو بالأساس ردة فعل غاضبة مني ضده لأنه دخل في مواجهة مع أحد أعضاء لجنة الأحباء، وهذا ما لا أقبله إذ رغم أني فضلته على أعز أصدقائي الطاهر خنتاش عندما تخاصم معه وهو نائب رئيس... ثم تخاصم لطفي الزاهي مع سفيان بن صالح أيام كان رئيس فرع ووقفت إلى جانب أمين المال الذي تخاصم فيما بعد مع منير البلطي نائب الرئيس آنذاك وكنت دوما أحاول قدر الإمكان الدفاع عنه، لكن عندما يدخل لطفي الزاهي في مواجهة مع الجماهير فليتأكد أني لن أقف إلى جانبه بل سأكون ضده لأني أرفض كل الرفص المس من جماهيرنا عماد النادي وسر تواصله ووجوده ومصدر صولاته وجولاته ونحن كمسؤولين وجدنا لسنمع الشتم والسب وهذا يدخل في حبنا لنادينا، شخصيا لقد أرادوا في السابق حملي على الأعناق لكنني رفضت لأنني مقتنع بأن ما قدمته ليس مزية مني بل هو واجب مقدس تجاه النادي الذي نشأنا وترعرعنا فيه وقرأت حسابا لليوم الذي سيقع فيه شتمي وقد حدث ذلك ولم أرد الفعل بل قبلت الأمر بصدر رحب... ما عدا ذلك ليست لدينا مشاكل في الهيئة المديرة ولا بد من الثناء على الدور الذي قاموا به وخاصة الكاتب العام والناطق الرسمي زين العابدين الوسلاتي فبفضل تحركاته كسبنا عديد القضايا كما أعترف أني وضعته في الواجهة وعرضته للانتقادات والصعوبات والمشاكل ومع ذلك أدى واجبه على الوجه الأكمل. ٭ لم تجبنا عن حكاية غياب البديل، خاصة أن بعض كبار النادي قالوا إنك ستخلف وضعية صعبة لمن سيخلفك؟ - سأبدأ بالشطر الثاني من السؤال لأؤكد أن الوضع الصعب الذي تتحدثون عنه سببه القرارات الجوفاء للجامعة التونسية لكرة القدم التي -وللأسف الشديد- قد عملت على إثراء خزينة الرابطة التي غنمت أموال كثيرة من الأندية إذ بذل أن تنبذ العنف وتقاومه وتحمي الأندية جاءت بقوانين لتزيد في أوجاعها المالية ففي المباريات الأخيرة خسرنا أكثر من نصف مليار إضافة إلى كل ذلك الوضع الصعب الذي تتحدثون عنه هو أيضا هو نتاج لقاح سياسة نادينا فأنا طيلة 5 سنوات لم أفرط في لاعب واحد بل دعمت الرصيد البشري بعديد العناصر حتى يكون لدينا فريق ألقاب على عكس جل الأندية الأخرى بما فيها الكبيرة التي باعت عديد العناصر وأنعشت الخزينة... من جهة أخرى أعتقد أن من سيخلفني بإمكانه بيع لاعب واحد لانعاش الخزينة مع العلم أني جهزت كل ما يلزم لإقامة مباراتين دوليتين واحدة يوم 26 ماي الجاري أو 2 جوان مع فريق برشلونة وأخرى يوم 3 أوت مع «بوكا جونيور» الأرجنتيني (وقد اطلعنا بمكتبه على نسختين من العقدين مع الفريقين المذكورين) لكن تريث في امضاء العقدين لأن الشد العصبي كبير وأخشى أن تفشل مقابلة حدث ضد «البارسا» خاصة أني كنت أريدها عرسا كرويا وبالنسبة إلى خليفتي، أعتقد أن الكفاءات عديدة ولدينا في الإفريقي عديد الإطارات الشابة والموظفين الكبار وبمقدور أي منهم النجاح إذا ما وفق في الحفاظ على كبار النادي ليدعموه مثلما دعموني، وأخص بالذكر السادة حمادي بوصبيع وبلحسن الطرابلسي وحمودة بن عمار وفريد عباس... ٭ قلت بإمكان خليفتك بيع لاعب واحد لانعاش الخزينة، لكن نصف الأساسيين لم يجددوا عقودهم فمن سيبيع إذن؟ - أعي جيدا ما أقوله، فصفقة المويهبي أو الذوادي يمكن أن تدر أموالا طائلة لتغير أشياء كثيرة في النادي أما بخصوص من لم يجددوا عقودهم ليس لديهم أي مهرب من عز النادي الإفريقي وسيحدث لهم ما حدث للباشطبجي في الموسم الماضي فقد غادرنا ووصلته عروض من فرق كبيرة محلية وعروض أجنبية وسافر إلى فرنسا وفي النهاية عاد من تلقاء نفسه إلى «الحديقة أ» لأنه لم يجد أفضل من النادي الإفريقي... كذلك الأمر بالنسبة إلى وسام يحيى فرغم العرض الأجنبي الكبير ماديا خاصة فقد رفض مغادرة القلعة الحمراء والبيضاء في الموسم الماضي... صدقوني من تربى في عز الإفريقي ليس بمقدوره أن يتخلى عنه والأمثلة كثيرة فالسلامي مثلا رفض عرضا مغريا وفضل البقاء معنا، بالإضافة إلى عادل النفزي الذي انتهى عقده وكاد يغادر ثم عدل طلباته وواصل في «الحديقة أ»... ٭ أنت إذن تؤكد الرأي القائل بأن أكبر الأجور يحصل عليها لاعبو الإفريقي مقارنة بنظرائهم في أندية أخرى؟ - تمديدنا لعقد زهير الذوادي مكلف -ماديا- وأيضا تجديد عقد المويهبي له وقعه على الميزانية، ومن يتحدث عن الوضع المادي الصعب عليه أن يدرك بأن تجديد العقود يتكلف مئات الملايين ولهذا أؤكد أني سأترك رصيدا بشريا يمكن أن يعود بالنفع على النادي فنيا وكرويا وأيضا ماليا... لا أتحدث عن الأجور لكن ما أؤكد عليه أيضا أنه رغم الصعوبات مكنا كل اللاعبين والمدربين طيلة خمس سنوات من حقوقهم وحتى إن تأخرنا في صرف بعضها فإننا في النهاية نقوم بتسوية الوضعية لهذا كل أملي أن تقع المواصلة على هذا المنوال ويقوم من يأتي بعدنا بتسديد ما تبقى تماما مثلما تحملنا نحن ديون سابقينا فقد واجهنا ظروف صعبة وتهاطلت علينا عقل ديون تراكمت منذ 15 عاما وسددنا الكثير منها... هذا أملي الوحيد ما عدا ذلك فكلي ثقة أن من سيأتي بعدنا سيجد فريقا جاهزا يضم ألمع العناصر على الساحة ويجب المحافظة عليهم حتى تستمر المسيرة الناجحة. ٭ في الجلسة العامة الأخيرة قلت إن البطولة لُعبت في «الكناس» وهذا الموسم أين لعبت؟ وهل فقدتم فعلا السيطرة على نجومكم؟ - بالفعل بطولة الموسم قبل الماضي لعبت في أروقة لجنة التحكيم الرياضي والجميع يعرف ماذا حدث والصراعات التي نشبت بين الفرق على أن ذلك لم يؤثر على علاقنا الطيبة بالترجي كجار منافس وناد عريق مثل الإفريقي يجمع بينهما التنافس في إطار الروح الرياضية... إلا أن بطولة هذا الموسم وللأسف الشديد قد لعبت في مدارج العنف وتحكم فيها بعض الخارجين عن القانون فبشمروخ واحد نعاقب الفرق ونحرمها من مداخيل كبيرة ومن دعم جماهيرها... كما حدث ما حدث في الملاعب وطغت لغة العنف في بعض المقابلات وهذا يجعلني أعود للحديث عن الجامعة التي عجزت عن مواجهة واقعها وفشلت في مقاومة هذه التصرفات... من جهة ثانية -ولمن لا يعرفنا جيدا- أقول إننا نفرض الانضباط وعقدنا كم من مجلس تأديب وسلطنا عقوبات مالية كبيرة على لاعبينا لكننا لم نشأ التشهير بهم حتى لا ننشر غسيلنا خارج «الحديقة أ» احتراما لأبنائنا فنحن مربون قبل كل شيء... ٭ لماذا ورطتم كبار الإفريقي في صفقة أوتوروغو الذي فشل منذ يومه الأول؟ - من تابع أوتوروغو مثلنا في منافسات رابطة الأبطال ولعب ضده لا يمكنه غير أن يقر بالامكانيات العريضة لهذا اللاعب لكن للأسف الشديد لم يندمج معنا ولم يتمكن من تحمل الضغط المسلط عليه... لقد انتدبناه بعد استشارة عديد العناصر التي لعبت ضده مثل وسام يحيى وخالد السويسي ولسعد الورتاني... زيادة عن كل ذلك أنا لم أورط أحدا في صفقته وليكن في علمكم أني انتدبته بعد الحصول على تسهيلات بنكية... صحيح أن سي حمادي وبعض المسؤولون الآخرين ساعدوني للحصول على هذه التسهيلات لكن من جازف بانتدابه خاصة أن قيمة الصفقة مرتفعة... ٭ ما دمت تصر على الحديث بشكل مقتضب عن النادي الإفريقي، بم تختم حديثنا؟ - أتمنى كل النجاح لمن سيخلفني ولا يظن البعض أن رحيلي هو تخل عن المسؤولية بل سأبقى على ذمة الهيئة الجديدة وكل المسؤولين لمد يد المساعدة لأن رئاسة الإفريقي ليست هينة ولا أيضا سهلة... من جهة ثانية أقول حسبي شرفا أني حققت نتائج في النادي الإفريقي وأني -تقريبا- الرئيس الوحيد الذي ترأس النادي طيلة خمس سنوات متتالية لأنه حتى أصحاب المليارات لم يقدروا على الاستمرار أكثر من موسمين أما أنا الموظف البسيط الذي استكثر عليه البعض تسيير ناد كبير ورأت قلة قليلة أنه ليس بمقدوري النجاح والحال أنه بشهادة كبار الإفريقي أديت واجبي وقدمت جليل الخدمات... وحسبي شرفا أني دخلت الإفريقي وأغادره وأنا موظف يخدم بلده وناسه... أجرى الحديث: عبد الوهاب الحاج علي