من المؤكد أن النادي الافريقي خسر خلال السنوات الماضية العديد من الكفاءات التي كانت مرشحة بقوة لرئاسة النادي بعد أن أسقطها غربال رجالات الفريق الذين عادة ما يسارعون الى تزكية ومباركة رجال الأعمال والمال مقابل غلق الأبواب في وجه البقية التي تفتقد في نظرهم الى عنصر المال وإن الأرقام والمعطيات أكبر دليل على كلامنا هذا، فقد احتكر رجال الأعمال رئاسة النادي طيلة العقود الماضية فلو تصفحنا تاريخ الفريق بداية من عام 1989 وصولا الى هذه اللحظة سنلاحظ أن ستة من رجال الأعمال تمكنوا من اعتلاء رئاسة الأحمر والأبيض وهم على التوالي السادة: فريد عباس ورضا العزابي والشريف باللامين وحمادي بوصبيع وحمودة بن عمار وسعيد ناجي مقابل رئيس وحيد يعمل في ميدان الصيدلة وهو السيد كمال إيدير (2005 2010). «الشروق» فتحت الملف المتعلق بشرط المال وعن مدى أهميته في نجاح الرئيس القادم للفريق فخرجنا بالمعطيات التالية: الأول كان موظفا بدفتر خانة هنالك حقيقة تاريخية سجلها النادي الافريقي بكل فخر واعتزاز ولا يجب نسيانها على مدى الأيام والأعوام وتتمثل هذه الحقيقة في أن أول رئيس لفريق «باب الجديد» كان يشتغل موظفا بمصلحة دفتر خانة وكان زاده على ما يبدو عند تقدمه لرئاسة النادي السمعة الطيبة والأخلاق الحميدة ويدعى البشير بن مصطفى. هذا ما قاله الزاهي وبن حمادي عمدنا الى رصد رأي السيدين لطفي الزاهي الذي سبق له أن شغل خطة أمين المال صلب النادي وكذلك السيد قيس بن حمادي المشرف حاليا على الاستشهار بالفريق وسبق له أيضا أن عمل في خطة أمين المال بالنادي الافريقي. البداية كانت مع السيد لطفي الزاهي الذي أكد بأن شرط توفر المال في الرئيس القادم للنادي لم يعد مقياسا أساسيا ذلك أن الثورة التي قادها الشعب التونسي غيّرت كل المفاهيم وقال الزاهي انه يكفي الاقدام على تغيير التشريعات الرياضية ومراجعة النصوص الجبائية والاجتماعية لنتجاوز شرط المال مضيفا: «أعود في هذا الصدد الى أن فريقنا على سبيل المثال كان سيظفر بمبلغ مالي قدره حوالي 800 ألف دينار سنويا عندما قرّر بعث قناة تلفزية خاصة ولكنه اصطدم بالقيود المفروضة على النصوص القانونية والتشريعات مما أدى الى إجهاض ذلك المشروع بأكمله ولكن مع ذلك نقرّ بأن رجل الأعمال عندما يبلغ رئاسة النادي بإمكانه قد يحقق نجاحات أكبر خاصة على مستوى التصرف المالي علما أن أي رئيس للفريق حتى وإن أقدم على منح الأموال للنادي فإنه يسترجعها بطريقة ما وفي أسوإ الأحوال يسترجع منها نسبة تفوق 80٪». في الجهة المقابلة يعتبر السيد قيس بن حمادي أن رجل الأعمال عادة ما يدخل بحظوظ أوفر خاصة أنه الوحيد الذي بإمكانه التصدي للأزمات المالية الخانقة التي قد يواجهها الفريق كما هو الحال في الفترة الحالية وذلك عندما تفتقد خزينة النادي للمداخيل القارة المتأتية من البث التلفزي والملاعب والاشتراكات والاستشهار ويضيف قائلا «رجل الأعمال يتعامل بطريقة سلسلة مع الشركات والمؤسسات المستشهرة والراعية للفريق وبإمكان رجل الأعمال أن يضخّ مبالغ مالية كبيرة في خزينة النادي ثم يسترجعها في وقت لاحق علما أن كلمة رجل الأعمال ينبغي تحديدها بدقة لأن الأمر يختلف بين رجل أعمال تعوّد على تسيير شركة واحدة مثلا وتضم عددا قليلا من الموظفين وبين رجل الأعمال الذي يدير سلسلة كبيرة من الشركات التي تضمّ عددا هائلا من الموظفين ولكن ينبغي كذلك الاشارة الى أن رئيس النادي وإن كان من رجال الأعمال فلا بدّ أن يكون الى جانبه 10 أو 15 عضوا بإمكانهم المساهمة في توفير الموارد المالية الضرورية ولا ننسى كذلك عامل الحظ». إيدير شكّل الاستثناء في السنوات الأخيرة كان بحوزة السيد كمال إيدير الرئيس السابق للأحمر والأبيض جميع مواصفات النجاح كالكفاءة في التسيير والتجربة كلاعب سابق وأيضا المستوى الثقافي ومع ذلك فإنه تعالت الأصوات أثناء فترة رئاسته للتخلي عنه بسبب افتقاده لشروط المال إلا أن ما يسجله التاريخ تمكنه من قيادة الفريق الى التتويج بالبطولة خلال موسم 2007 2008 أي أن التتويجات والبطولات لم تكن حكرا على رجال الأعمال.