عندما حقق منتخب الكاميرون بقيادة نجمه روجي ميلا إنجاز بلوغ الدور ربع النهائي لكأس العالم 1990 بإيطاليا، توقع خبراء كرة القدم في العالم وتمنت الجماهير الإفريقية بالخصوص، أن يفوز منتخب إفريقي بكأس العالم خلال العشرين عاما التالية. تمر اليوم عشرين عاما على هذه التنبؤات وإذا كان الحلم لم يتحقق خلال الستة عشر عاما الماضية، فالآمال معقودة على منتخبات إفريقية ستة لبلوغ أبعد المراحل الممكنة على الأقل قبل انطلاق أول عرس عالمي على أرض القارة السمراء. ويأمل الأفارقة الذين سئموا الصورة النمطية الشائعة عن القارة بأنها موطن الجوع والجريمة والحروب والأمراض والفساد في أن يغير المونديال رقم 19 هذه الصورة في وسائل الإعلام العالمية التي نادرا جدا ما تلتفت للجوانب المشرقة والوجه الحديث للقارة الإفريقية. إنجاح المونديال الإفريقي امتحان لا لإفريقيا وحدها بل لكل من راهن عليها وعلى قدراتها في التنظيم وفي استقطاب عمالقة الجلد المدور وملايين من أنصارهم ومن السياح الذين سيتوافدون على بلد نلسن مانديلا. وهو أيضا امتحان لمن راهن على عدم قدرة جنوب إفريقيا على ضمان أمن الفرق والمشجعين ولمن اتخذ من مظاهر الفقر والعنف والجريمة أعذارا للمطالبة بسلب إفريقيا حقها في استضافة أبرز حدث كروي على الإطلاق وفي معدنها الأصيل وكرم ضيافتها وإبراز مخزونها الكروي الذي لا ينضب بل والذي تتغذى به أكبر الفرق العالمية وأغناها. الأفارقة «متشائلون» عوامل كثيرة مدعاة للتفاؤل بإبداعات إفريقية متجددة فلأول مرة نلمس هذه الرغبة الكبيرة لدى اللاعبين الأفارقة في صنع التاريخ على الأرض الإفريقية ورغم مشاكل اللاعبين والإطارات الفنية والإصابات تكررت مثلما جرت العادة قبل كل تظاهرة دولية، إلاّ أن المنتخبات الإفريقية الستة ونجومها الكبار عبّروا عن إصرارهم على عدم الاكتفاء بتسجيل الحضور هذه المرة. وينتظر الأفارقة أن يتابعوا منتخبا إفريقيا على الأقل في أدوار متقدمة وسيكون بلوغ أحدها الدور نصف النهائي بمثابة التتويج. فهل تفرض المنتخبات الإفريقية الستة كلمتها وتلجم أفواه المشكّكين في قدراتها وفي أحقيتها بتنظيم المونديال؟ أم يرسّخ ممثلونا في المونديال الصورة التي يفعل أعداء إفريقيا قصارى جهدهم لترويجها والركوب عليها للتمادي في سياساتهم (الرياضية والإقتصادية) المتأصّلة منذ الحقبة الاستعمارية؟