الكرة مدورة فعلا وأحكامها عجيبة وغريبة فهي لا تخضع لقوانين مضبوطة ومناهج محددة وتتحدى الأحكام والتكهنات المسبقة والتاريخ يشهد على حصول العديد من المفاجآت التي عبثت بالحسابات المسبقة وفسحت المجال للصغار بالتمرّد على الكبار وتلك هي خاصية الكرة التي ترفض القطبية والنرجسية.. ونحن في قلب المونديال الافريقي تصفحنا ألبوم نهائيات كأس العالم فوجدنا العديد من الصور التي تشهد على أكبر المفاجآت التي أذهلت عشاق الجلد المدوّر وفسحت المجال للصغار للتطاول على الكبار. في الخارطة الكروية العالمية لم تكن للولايات المتحدة قيمة تذكر أمام الامبراطوريات الكروية العظمى ومع ذلك حقق منتخب الولاياتالمتحدة في مونديال 1950 مفاجأة من الوزن الثقيل عندما فاز على المنتخب الانقليزي (1/0) غياب الأمان بين الألمان احتضنت ألمانياالغربية مونديال 1974 وكل الظروف كانت ترشحها للتربع على العرش العالمي للجلد المدور بحكم ترسانة النجوم في هذا المنتخب العتيد مثل القيصر بينكنباور وبراتينير والحارس الشهير ماير وبونهوف والهداف الأسطورة غارد مولر ومع ذلك حصلت صدفة لهذا المنتخب أمام ألمانياالشرقية في الدور الأول وفاز منتخب الشطر الشرقي (1/0) ورافق منتخب ألمانياالغربية للدور الثاني وفي النهاية تحصل منتخب ألمانياالغربية على اللقب أمام المنتخب الهولندي. مفاجآت عربية المنتخب المكسيكي يملك بدوره تقاليد عريقة في الكرة حيث سبق له تنظيم المونديال ولعب الأدوار الأولى في عدّة مناسبات ومع ذلك عرف هزيمة ثقيلة أمام المنتخب التونسي في أول مقابلة له في المونديال في جوان 1978 ومن هنا تفككت عقدة العرب والأفارقة وبدأ عهد التألق أمام الكبار وهذه الحقيقة تجلت في أرقى مظاهرها مع المنتخب الجزائري في مونديال 1982 عندما فاز على المنتخب الألماني الرهيب 2/1 وهو أول فريق من افريقيا يفوز على منتخب متحصل على التاج العالمي ثم نسج على منواله المنتخب المغربي في كأس العالم 1986 وقام بخطوة جريئة تمثلت في الترشح للدور الثاني بعد فوزه الباهر على البرتغال 3/1. كما نجح المنتخب السعودي في الترشح للدور الثاني في مونديال 1994 حيث أزاح المنتخب البلجيكي وبنتيجة 1/0 في مشاركته الأولى في المونديال. مفاجآت افريقية بعد تألق تونس والمغرب والجزائر تحسنت صورة القارة السمراء فوق الخارطة العالمية للجلد المدور وقام المنتخب الكامروني بثورة نوعية من خلال ترشحه سنة 1990 لربع النهائي بعد مسيرة بطولية بدأت بالفوز التاريخي الباهر على الأرجنتين صاحب التاج العالمي لسنة 1986 والفوز التاريخي على المنتخب الروماني 2/1 مع إزاحة كولمبيا من الدور الثاني. كما ساهم المنتخب النيجيري في تلميع صورة القارة السمراء في مونديال 94. وظهر بشكل أنيق بفوزه على بلغاريا 3/0 وهي مفاجأة كبرى مع الترشح للدور الثاني وتقديم عرض تاريخي أمام ايطاليا. وواصلت نيجيريا مسيرتها بثبات في مونديال 98 بفرنسا خاصة في الدور الأول حيث فازت على اسبانيا 3/2 وبلغاريا 1/0 وصعدت للدور الثاني. كرواتيا مفاجأة مونديال 98 بشهادة أغلب العارفين بأصول الجلد المدوّر خرج المنتخب الكرواتي من مونديال فرنسا 98 بمحصول متميز في أول مشاركة له في المونديال حيث تحصل على المقعد الثالث وانسحب بصعوبة من نصف النهائي أمام بطل العالم ومنظم الدورة المنتخب الفرنسي بنتيجة 2/1 مع حصول هدافه سوكار على تاج الهدافين. السينغال عال العال في مونديال 2002 باليابان وكوريا حصلت المفاجآت منذ البداية حيث فاز المنتخب السينغالي على بطل العالم المنتخب الفرنسي 1/0 في أول مباراة له في المونديال. وتأهل بامتياز للدور الثاني وأزاح السويد 2/1 وانسحب في ربع النهائي أمام تركيا 1/0. وعرفت هذه الدورة أيضا تأهل منتخب كوريا الجنوبية الى المربع الذهبي، اذ فاز في الدور الأول على حساب بولونيا 2/0 والبرتغال 1/0 وتعادل مع الولاياتالمتحدة 1/1 وفي ثمن النهائي أزاح المنتخب الايطالي بضربات الجزاء وبنفس الكيفية ترشح في ربع النهائي أمام اسبانيا ولم ينسحب إلاّ في نصف النهائي أمام ألمانيا 1/0. ويمكن اعتبار حصول تركيا على المرتبة الثالثة من المفاجآت. المنتخب الغاني يدخل من الباب الألماني في المونديال الأخير بألمانيا 2006 تألق المنتخب الغاني في مشاركته الأولى وظهر بشكل أنيق ورشيق بتأهله للدور الثاني بعد فوزه على تشيكيا 2/0 والولاياتالمتحدة (2/1) ولم ينسحب إلاّ أمام المنتخب البرازيلي العتيد. فهل تقدر المنتخبات الافريقية المشاركة في أول مونديال بالقارة السمراء على صنع المفاجآت مجدّدا؟