جمال العروي يقول ان التعامل يتم بكثير من المحسوبية وهناك من يحصل على دورين في مسلسل ويكري سيارته للانتاج كذلك لطيفة القفصي تقول انهم لا يدعونها للادوار الكبيرة وتنتظر ان يتحقق دفع جديد خلال الايام القادمة فاطمة بن سعيدان تقول ان الانتاجات قليلة وفرص الاختيار غير متوفرة مؤكدة انها رفضت عرضين اصبح شهر رمضان بالنسبة للمشاهد التونسي منذ سنوات عديدة يعني حضور الاعمال المحلية بمختلف توجهاتها فالمبدع يجد فرص العمل في هذه الانتاجات الرمضانية التي ترصد اليها اموال طائلة فتنجح بعض الاختيارات ويشهد البعض الاخر الفشل وتواصل عجلة الانتاج دورانها دون ان نفكر في التقييم او البحث عن اسباب الخيبة ويتفق العارفون بالساحة الثقافية على ان النص هو ركيزة الاعمال ورأس مالها ولكنهم يضيفون الى ذلك الممثل البارع القادر على اداء الدور فيتقمصه بحرفية ويضيف الى المكتوب من الكلام بفضل تجربته ونفسه الطويل وتمرسه بالميدان الشيء الكثير ولكننا نجد ان بعض الاعمال رغم قوة نصها تسقط في النسيان.. وقد اثرنا في تحقيقنا هذا ان نبحث في سبب غياب بعض الاسماء الفاعلة في مسلسلات هذه السنة فأفرزت جولتنا رؤى وخواطر متباينة. زع تسوق الناس الكل فاطمة بن سعيدان هي من الوجوه الفنية التي اختزلت تجربة طويلة وتمكنت من شد انتباه المشاهدين من خلال مشاركاتها المتعددة سواء في الاعمال المسرحية، السينمائية او كذلك التلفزية لكن هذا الوجه كان غائبا عن التلفزة خلال هذه السنة فحاولنا الاقتراب منها ومحاولة بحث سبب عدم حضورها في احد المسلسلات فقالت: «انا اعشق بالاساس المسرح فهو الذي يستطيع ان يبرز موهبة الممثل ويدرجه في سياق الدور الذي يعهد اليه فيفجر فيه طاقاته اجد راحة كبيرة على الخشبة التي اخذت سنوات عديدة من حياتي الفنية وقد التصق بي التصاقا كبيرا حتى اضحى جزءا ملازما لروحي اما عن المجالات الاخرى وخاصة التلفزة فانني اشارك فيها ولكن لي شروط في هذا الباب ربما هي التي جعلتني مقلة في الظهور فانا لا اقبل اي عمل لست متلهفة للظهور لا يهمني ان ابقى غائبة ولكن ما يعنيني بدرجة اولى هو المساهمة في انتاج يقنعني ويروق لتصوراتي ويتماشى مع منهجي في العمل، فقلت لها ولكن الانتاجات قليلة جدا وفرص الاختيار غير متوفرة والمعادلة بين ما تطلبين والواقع لا تستقيم وهذا سيجعلك في عزلة فتقول فاطمة «يجب ان نتفق حول قاعدة هامة ومركزية واعدها حجر الزاوية، التلفزة تدخل كل البيوت ومن ورائها المبدع فهو لا يستأذن ولا يستشير والاعمال مفروضة على المشاهد تقتحم منزله لذلك يجب ان اقوم بعمل يحبه الناس اولا ولا يمجني من خلال مشاهدته وان يعتبرني ثقيلة الظل عليه فيقصيني من امامه بتغيير القناة ثم النقطة الثانية وهي الاهم واعني بها رضاي عما اقدم انا احترم المشاهد ولااريد ان استبلهه لقد حضرت في كوكبة من الاعمال اعجبت المشاهدين ويكفيني ذلك انا لا ابحث لا عن المال ولا عن الشهرة فالفن فقط التزام بما نؤدي». وسعينا الى مزيد البحث في هذه القضايا التي تطرحها محدثتنا فسألناها كيف تنظر الى التلفزة اذن كجهاز يؤثر على الملايين فقالت «التلفزة لها طقوسها لها هيبتها ويجب ان نهتم بكل ما يقدم حتى في مستوى مشاركتنا فاذا وافقنا على الانخراط في عمل سيء فان ذلك سيؤثر تأثيرا سلبيا وخطيرا على كل مسيرتنا، فالعمل ليس خاصا بفلان او فلان بل ان كلمة «زع تسوق الكل» واشير الى شيء هام ليس كل احد يستطيع ان يكون في التلفزة هناك وجوه تقبل واخرى لا وانا في حد ذاتي لا احبذ الظهور لمجرد الظهور ولست مجبرة على ان اشارك في كل الاعمال» وتواصل فاطمة حديثها قائلة «لقد اتتني عروض عمل في مسلسلين ولكني رفضت ذلك لان الموضوع لم يرق لي» وتؤكد فاطمة «الفنان الحقيقي يجب ان ينشط بتروي وتفكير فلماذا نرى بعضهم على ركح المسرح وفي الافلام وفي التلفزة ان هذا هو عين التذبذب» وتنهي فاطمة بابتسامة « في هذه الارض الطيبة تونس وجب ان يجد كل واحد راحته». الخدمة بالمكتوب وجه اخر كان من بين الحضور في رمضان في العديد من الاعمال ونعني بذلك امال علوان صاحبة الخبرة في الاعمال الدرامية فهي عادة ما تؤثث السهرات الرمضانية امال نوعت تجاربها واندمجت في فضاءات فنية متعددة سألناها عن سبب غيابها عن رمضان 2007 في التلفزة فقالت ضاحكة «انا في كونجي، ارتاح قليلا او لاقل لك اريد ان يشتاق الي الناس نحبهم يتوحشوني فلماذا الظهور الدائم فالناس سيملون ذلك الوجه» قلنا لامال لعل الامور تتعدى ما ذكرت اقولها لك بصراحة ان بعضهم يقول ان المشاركة في المسلسلات خاضعة للاكتاف والعلاقات ما رأيك في هذا الذي يروج فتقول امال «لا اتصور ذلك دعنا نبحث في الاشياء الهامة المتعلقة بتطوير الانتاجات انا ارى ان الفنان ليس بشرطه ان يجد دائما دورا فقد لا يرى المخرج في هذا او ذاك كما يطلب فيبحث عن وجوه جديدة وهذا من حقه» فحاولت استفزازها بقولي يا امال الحقيقة غير ما تذكرين ولكنها تدخلت بسرعة وقالت «يا اخي الخدمة بالمكتوب» فقد تتبدل المعطيات وتتضاعف الاعمال فيجد الكل نصيبه فيها ثم هناك امر آخر ايجابي سيوفر فرص عمل للجميع واعني بذلك تعدد القنوات التلفزية التونسية التي ستمثل ارضية ثرية تسمح بمساهمة كل الممثلين والممثلات». فقلت لها صحيح القنوات موجودة ولكن هل انت مقتنعة بقيمة ما يروج فقالت «القنوات تكاثرت ولكن ارى ان الاعمال ضعيفة» فسألتها عن الاسباب فذكرت «يقولون انها بالاساس مادية ولو تحدثنا بمزيد الصراحة نقول ان تونس 7 تتحرك وتنتج ولكن ماذا فعلت القنوات الاخرى في المقابل فبعض القنوات تعرض برامج لا تستجيب لابسط قواعد الحرفية» وتؤكد امال «ان قنواتنا العمومية 7 و21 تساعد الفنانين واذا اغلقت ابوابها امامنا نضيع جميعا وارى ان مشكلة الممثل الحقيقية هي الاحتراف اجل الاحتراف انه مصيبة المبدع «الاحتراف ما يوكلش الخبز» وتختم ضيفتنا كلامها بقولها «تونس 7 لها فضل كبير على كل الناس والمشكلة الحقيقية هي متعلقة اساسا بالامكانيات». عندي مشاكل صحية لم نشأ ان نواصل هذا التحقيق دون التوقف مع علامة فنية طبعت خاصة المسرح التونسي فحضورها مع فرقة الجنوب بقفصة كان مميزا وجعل علاقتها حميمية مع الجمهور تجاوزت لطيفة القفصي المسرح الى التلفزة وقد استطاعت ان تجد لنفسها فيه مجالا حيويا واسعا شاركت في عديد الاعمال لكننا هذه السنة لم نجد ان لطيفة تحصلت على ما تستحق من الادوار فحضرت في «كمنجة سلامة» مع دور صغير لا يتناسب حسب اعتقادنا مع القيمة الفنية لهذه الممثلة الكبيرة بادرناها بالقول اين انت يا لطيفة فقالت «انا موجودة الى جانب سنية المؤدب ونعيمة الجاني وغيرهما في كمنجة سلامة صحيح الدور صغير ومختصر ولكنني اديته كما يجب» كل هذا نعرفه لماذا قبلت به وتجربتك تسمح لك باكثر من ذلك فقالت «لم اكن في البداية انوي المشاركة بتاتا اذ لي بعض المشاكل الصحية فصوتي متعب ويحتاج الى تعهد ولذلك لا استطيع ان اؤدي دورا كبيرا» فقلت لها لقد عودتنا بمزيد الصراحة يا لطيفة فما الحكاية «صدقني الامور كما ذكرت لك ولكن اذا اردت مزيد التعمق فسأحدثك باكثر دقة، انهم لا ينادونني للادوار الكبيرة ثم ان المسألة اعمق من ذلك فان يقدم عملان فقط على امتداد سنة كاملة فهذا قليل جدا ولا يفي بالحاجة ولا يستجيب لطموحات المشاهد التونسي الذي اصبح مهتما ومشجعا للانتاجات المحلية» فسألتها هل ترين حيفا في توزيع الادوار فذكرت «نحمد الله انهم يتذكروننا و يعيطولنا المبدع يريد الظهور وجمهور يريده» وتضيف لطيفة «انا لا اقوم الا بالادوار التي اكون مقتنعة بها» يقولون ان الادوار تمنح للاقربين فقالت «انا لا اهتم بما يقال وشخصيا لم اعش ذلك البتة واذكر لك مثالا على ذلك في السنة الفارطة لم احضر الى العاصمة البتة ولكن هناك من فكر في ودعاني للعمل معه دون ان تربطني به اية علاقة صداقة والدور الذي قدم الي دور بطولة ولكنني اعتذرت لان لي التزامات اخرى » وعن ندرة الانتاجات تقول لطيفة «وجب ان يتوفر مستشهرون وخواص يساهمون في الاعمال الثقافية ولكن رغم ذلك فالتعلة المادية التي يتعلل بها بعضهم غير صحيحة ولعل الايام القليلة القادمة ستعطي دفعا جديدا للاعمال الدرامية». الامور تسير رعواني .. العمل بالصداقات الفنان جمال العروي ادلى بدلوه في موضوعنا وحدثنا عن غيابه قائلا «خلي عزاها سكات انهم يحتجون دوما بالضعف في الامكانيات المادية، الى متى تبقى مشاركتنا رهينة مسلسل يتيم يقولون حين يصورونه لا نستطيع ان ندعو الكل ولكن الحقيقة غير ذلك هناك تحيل كبير متعلق بالانتاجات التي تصور فهذا يسوغ سيارته للعمل والاخر يشارك في عملين او اكثر والاغرب من كل ذلك ان بعضهم يؤدي في الانتاج الواحد دورين او اكثر» يبدو جمال متشنجا ولكن الرجل يتحدث بصدق وبواقعية لانه يعرف الامور انطلاقا من واقع عايشه وعرف كل خصوصياته ويضيف جمال قائلا «انني اتحدث بغيرة كبيرة لانني اعتبر ان كل انتاج هو تعبير عن ذواتنا ويقدم صورتنا فنريد ان تكون صادقة ان الامكانيات متوفرة اعطوني ما يوفرونه لمسلسل واحد وسأنتج لكم ثلاثة مسلسلات بقيمة وبتقنيات جيدة» ويواصل جمال حديثه قائلا »الاعمال ضعيفة انها هزيلة جدا لذلك فانها لا تباع ولا تروج خارج تونس وبالتالي يكون مآلها النسيان والاتلاف وتذهب كل الاموال المرصودة هباء» ويذهب جمال العروي الى اكثر من ذلك فيذكر «الامور عائلية وهي نكتة اغلب المسلسلات الان تجد الاقارب: الاب والابن والصهر يعملون في ذات العمل». قلت له الا تؤمن بالكاستينغ فقال «دعك من هذا ما معنى كاستينغ لقد تجاوزنا مثل هذا التعامل فالممثل الذي يحترم نفسه يحدث موقعا خاصا به فيه كل المعلومات عنه وما على المخرجين الا ولوج الموقع واختيار الاجدر لا الاقرب عائليا او ان يكون من الاصدقاء وهناك امور اخرى لا فائدة من التعرض اليها في هذا المجال فالى متى تسير الامور بالرعواني ونعود بالتوالي هناك من لا علاقة له بالتمثيل وتجده حاضرا دائما ابدا اما الممثل الحقيقي والذي نحت مسيرته بالعرق والدموع فانه مهمش، اننا نتعامل بكثير من المحسوبية وهذا «امر خطير جدا» ويؤكد جمال «اعرف ان المشاهد يسأل عني والمس هذا في التقائي بالناس في الشارع فاقول لهم، لقد اخذ مني الميدان الفني كثيرا كلاني ولكنني في المقابل اواجه بالجحود ولا احمل هنا المسؤولية للصادقين من المبدعين بل ان الدخلاء والمتطفلين هم الذين لوثوا الساحة» ويواصل جمال حديثه قائلا «عندما اشاهد المسلسلات السورية اشعر بالاحباط هناك جيل كامل يعمل ويجد اما نحن فاذا احيل ثلاثة او اربعة مخرجين على التقاعد فان التلفزة تغلق ابوابها وهذا خطر كبير».