استبقت وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس زيارتها الى منطقة الشرق الاوسط بداية هذا الاسبوع بالتقليل من سقف التوقعات المرتقبة من مؤتمر انابوليس المرتقب حول السلام في المنطقة لتضيف بذلك المزيد من الشكوك والتساؤلات المشروعة حول جدوى هذا اللقاء الذي لا يزال يبحث له عن ارضية قابلة لاستثمار الاهداف التي يراد جنيها من ورائه وهي اهداف تبدو حتى الآن ابعد ما تكون عن ارضاء الساحة السياسية الفلسطينية التي تشكو بدورها من وضع لا تحسد عليه في خضم استمرار حالة الضعف والانقسامات التي تجعل قيادته ابعد ما تكون عن فرض مواقفها او تحديد خياراتها او ضمان اسماع صوتها ناهيك عن تلبية طموحات الشارع الفلسطيني الذي ضاق ذرعا بقيود الاحتلال وسياسة العقاب الجماعي التي يمارسها نظام الاحتلال العنصري الاسرائيلي على مختلف فئاته الاجتماعية... لقد كشفت الجولات المكوكية لوزيرة الخارجية الامريكية وغيرها من المسؤولين الامميين والغربيين المتوافدين على المنطقة عدم توفر أية ارادة سياسية واضحة من شأنها ان تؤشر الى استعداد دولي او امريكي او اوروبي لخرق الاوضاع السائدة في المنطقة والخروج بها من حدود الدائرة المغلقة التي تتخبط فيها منذ فترة او بما يمكن ان يحمل بادرة امل او تفاؤل لدى اجيال متعاقبة من الفلسطينيين لم تعرف غير حياة الضياع والتشرد والاحتلال والبؤس... ولعل في دعوة جون دوغارد مبعوث الاممالمتحدة الى الشرق الاوسط الصريحة للمنظمة للانسحاب من اللجنة الرباعية بسبب فشلها المستمر في الاضطلاع بمسؤوليتها ازاء الشعب الفلسطيني ما يعكس استياء واضحا واعترافا نادرا بتقصير المجتمع الدولي والاطراف المعنية بالعملية السلمية. ولا شك ان النتائج الهزيلة التي انتهت اليها زيارة توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق ومبعوث الرباعية الى الشرق الاوسط الذي لم يستفق من الصدمة بعد جراء ما عاينه من اوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال من شأنها ان تعكس الكثير عن النتائج المرتقبة للمؤتمر قبل حتى انعقاده، ذلك ان اللغة المشتركة لاغلب المتوافدين على المنطقة حتى الآن جعلت من مصالح اسرائيل الامنية وشروطها التعجيزية هدفا لا حياد عنه في تحقيق أي تقدم في العملية السلمية الامر الذي من شانه ان يجعل التوافق بين الاسرائيليين والفلسطينيين اشبه بالمستحيل في ظل الوضع الراهن ذلك ان العمل على دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تقديم أي نوع من التنازلات الجديدة سيكون اشبه بالانتحار السياسي امام شعبه الذي قدم الكثير دون مقابل يذكر... اسباب كثيرة من شانها اليوم ان تدعو للتوقف عند اهداف مؤتمر الخريف قبل ان ينقضي كغيره من المؤتمرات التي لم تمنح الفلسطينيين اكثر من حزمة من الوعود التي ما انفكت تتراجع مع انقضاء الزمن ذلك ان المتتبع للممارسات الاسرائيلية الميدانية وللحملات العسكرية الاسرائيلية التي تستبيح دماء وارواح واموال الفلسطينيين وتصادر ما بقي من ممتلكاتهم واراضيهم انما تعكس اصرارا واضحا على استباق الاحداث وفرض الامر الواقع من اجل افشال المؤتمر وجعله خاليا من أية نتائج تذكر... وفي كل الاحوال فانه امام استمرار غياب الدور العربي الذي لم يعد بالامر الغريب وامام غموض الدور الاوروبي وبدون التزام امريكي واضح بتحديد موعد لاعلان الدولة الفلسطينية ومنه الدخول في الملفات الاساسية المتعلقة بالقدس واللاجئين والاسرى وبقية القضايا المصيرية فان مؤتمر الخريف يوشك ان يكون مناسبة لتوديع الرئيس بوش وطاقمه قبل انتهاء ولايته...