اوراق مؤتمر الخريف بدات تسقط قبل حتى حلول موعد اللقاء المرتقب واذا ما استمر سقوط الاوراق الذابلة بنفس الوتيرة فقد لا تبقى ورقة واحدة قد تساعد على حجب سوأة اسرائيل التي لم تعد حملاتها الدعائية قادرة على تسويق سياساتها الميؤوس منها... ففي نفس الوقت الذي ترتفع فيه اصوات الدييبلوماسيين في الادارة الامريكية للترويج لمؤتمر انيابلوليس وللامال المعقودة على هذا اللقاء في كسر الجمود واحياء خيط الامل الافل حول السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وفي نفس الوقت الذي يتسابق فيه الخبراء والقادة الاسرائيليون للتبشير بالنوايا الاسرائيلية من اجل السلام تعود الالة العسكرية الاسرائيلية بقوة الى استئناف نشاطاتها العلنية في اغتيال النشطاء الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية المحتلة ومواصلة حملة الاختطافات والاعتقالات وممارسة سياسة العقوبات الجماعية تحت انظار العالم الذي قطع عهدا مع الصمت والتجاهل ازاء الخروقات الاسرائيلية الكارثية على الفلسطينيين كما على الاسرائيليين بما يفرض مجددا نقاط الاستفهام حول استحقاقات المرحلة القادمة ومدى جدية الادارة الامريكية الراعي الاول للسلام في اعادة تحريك الامور لا سيما وان استمرار المواعيد واللقاءات بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت لم تكن لتحول دون شهية القوات لاسرائيلية المفتوحة في مضاعفة قوافل الشهداء في موسم كان من المفترض ان يكون فيه المجتمع الدولي اكثر حرصا على حقن الدماء وتهدئة النفوس تمهيدا للحدث المرتقب الشهر القادم اذا لم يحدث ما يدعو لتاجيله او حتى الغائه... اسباب كثيرة من شانها اليوم ان تؤشر الى رغبة امريكية في تحقيق تقدم ما في مسار السلام الا ان اسبابا اكثر من شانها وفي نفس الوقت ان تدفع الى الاعتقاد بعكس الراي الاول .ذلك ان الزيارات المكوكية لوزيرة الخارجية الامريكية غونداليزا رايس الى منطقة الشرق الاوسط واللقاءات السرية والعلنية بين الفلسطينيين والاسرائيليين من شانها ان توحي بان الرئيس بوش لا يريد ان يذكره العالم على انه الرئيس الذي كذب وعده عندما اختار ان يكون اول رئيس امريكي يتعهد باقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع اسرائيل وهو بالتاكيد حتى اذا لم يتوصل الى ذلك قبل نهاية ولايته الاخيرة فانه لا يريد ان يذكر على انه لم يقدم جهدا يذكر لتحقيق هذا الهدف الا انه وفي المقابل فان حملة التصعيد الاسرائيلية ضد الفلسطينيين من شانها ان تنسف كل الوعود وتؤكد القناعات الراسخة بان كل ما تريده اسرائيل ليس اكثر من ربح الوقت وتدويخ الفلسطينيين في مفاوضات لا طائل من ورائها سعيا منها الى فرض سياسة الامر الواقع وافتكاك المزيد من الاراضي الفلسطينية تمهيدا لمرحلة قادمة من لعب دور الضحية الابدية واستغلال تاريخ المحارق وتانيب ضمير الغرب وابتزازه حاضرا ومستقبلا... . و لعل الملاحظ خلف الاحداث الخطيرة التي تعصف بالاراضي الفلسطينية المحتلة تلك الرغبة المعلنة لدى وزيرة الخارجية الامريكية في العودة للاستفادة من مختلف دروس الاسلاف وعبر التاريخ المسجلة في سجل الادارات الامريكية السابقة في مسار السلام في الشرق الاوسط وهي بادرة وان تاخرت كثيرا فانها قد لا تحمل معها ثمارا تذكر طالما اختارت الادارة الراهنة ان تكون كسابقاتها غير قادرة على تحميل اسرائيل وتحميل الاحتلال جزءا من المسؤولية فالعودة للتنور باحداث الماضي خطوة حميدة اذا ما ارتبطت بارادة سياسية حقيقية ورغبة جدية في التغيير ولم تقتصر على التظاهرات السياسية والخطب الكلامية التي تهدف لاخفاء الحقائق والتهرب من مسؤولية فشل جديد ومؤكد... ولاشك ان في عودة رايس المتاخرة للقاء الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر الذي كان وراء الاتفاق المصري الاسرائيلي سنة 1979 والذي ما انفك صوته يرتفع في السنوات القليلة الماضية منتقدا سياسة الاحتلال العنصرية ثم عودتها للاتصال بالرئيس السابق بيل كلينتون ووزيرة خارجيته اولبرايت للوقوف على تجربة اتفاق السلام مع الاردن في 1994 واتصالاتها مع اسلافها من هنري كيسنجر الى جيمس بيكر ومساعده دنيس روس او غيرهم ما يمكن ان يوحي بان رايس بدات بالبحث عن خيط يمكن ان يصحح امامها الطريق باتجاه ايجاد الارضية المطلوبة للعودة الى طريق المفاوضات السلمية وعدم المساواة بين الضحية والجلاد... و عسى ان يكون الجانب الفلسطيني قد ادرك مع كل هذه الاحداث وغيرها ايضا من المستجدات المرتقبة قبل مؤتمر الخريف ان أية خطوة ايجابية قد تساعد على دفع المشهد الفلسطيني المختنق الى خارج عنق الزجاجة لا يمكن ولن تتحقق بدون التوافق الادنى بين الفلسطيننين انفسهم وبدون تجاوز الانشقاقات الحاصلة فلطالما كانت ولا تزال اسرائيل تخشى وحدة الصف الفلسطيني وتوافقه ولعل المصلحة الوطنية العليا تحتم على كل فلسطيني مهما كان موقعه اليوم واكثر من أي وقت مضى بدوره الى التوقف عند مسيرة النضال الفلسطيني التاريخي والملحمة التي كان ولايزال وقودها الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية والاجتماعية دون استثناء والاستفادة من دروس الماضي وطرح الاسئلة الصحيحة حول مصير القضية الفلسطينية بالتزامن مع ذكرى وعد بلفور ولكن ايضا بالتزامن مع دخول الانتفاضة الثانية سنتها الثامنة وحول ما تحقق منها حتى الان لابناء الشعب الفلسطيني...