تونس:الصباح - على منبر الذاكرة الوطنية بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات جلس السفير السابق الحبيب نويرة أمس أمام عدد من المؤرخين والجامعيين والمثقفين وأدلى بشهادة تاريخية تحدث فيها عن الحركة الوطنية قبل الاستقلال وإنشاء صوت الطالب ونشاط الطلبة التونسيين في المشرق العربي بين 1950 و1955 وينتظر أن يشارك في مناسبة أخرى ليتحدث عن المؤتمرات التي تمت خلال شهر نوفمبر 1955 وهي مؤتمر المدرسين الزيتونيين ومؤتمر صوت الطالب ومؤتمر الحزب بصفاقس وعن مسيرته الدبلوماسية كسفير في بلدان عربية خلال ثلاثين سنة وتحديدا من 1956 إلى سنة 1986.. وللتذكير فإن الحبيب نويرة هو من مواليد 1925 بالمنستير وهو شقيق المرحوم الهادي نويرة ومحرز على الابتدائية ثم الزيتونية بدءا بالأهلية ثم التحصيل فالعالمية في الأدب سنة 1950 وأصبح مدرسا وبعدها التحق بالقاهرة في بعثة رسمية وتحصل على الإجازة في التاريخ سنة 1955 وفي سنة 1956 التحق بوزارة الخارجية وعين ملحقا بطرابلس ثم سكريتيرا بالرباط وقائما بالأعمال في بغداد فوزيرا مفوضا في القاهرة ومنذ سنة 1964 عمل سفيرا في العديد من الدول العربية حتى أحيل على التقاعد سنة 1986. وبين الحبيب نويرة في مفتتح شهادته التاريخية أنه لما كان طفلا يقطن في جهة المنستير تكونت في هذه البلدة أول شعبة دستورية وتزامن ذلك مع حوادث التجنيس.. كما أنه كان واكب الاحتفال بعودة الزعيم الحبيب بورقيبة عام 1936 من المنفى واستمع إلى الشيخ بوزويتة وهو من قصر هلال وهو ينشد : "يا بورقيبة... إن شاء الله في المنفى ما إتطول غيبة".. كما كان إخوته دائما يرددون وهم في المنزل نشيد " إلى الأمام إلى الأمام".. وكل هذه الأحداث ذكت في نفسه الروح الوطنية.. وأضاف أنه يذكر حادثة جدت في سنة 1938 حيث اقتحم المستعمر منزلهم ومنازل الكثير من التونسيين وفتشوها وجز بالكثير من الشباب في السجون وحدث أن سجن هو وجميع إخوته وكانوا 5 في وقت واحد.. وتحدث السفير السابق عن التواريخ التي كان فيها على موعد مع السجون فقد اعتقل سنة 1941 وسجن بالمنستير وسوسة وبالسجن المدني بتونس وفي مارس 1942 سجن في المنستير لعدم تسديد الغرامة وأعيد سجنه سنة 1943 بسوسة.. وبين أنه خلال الأربعينات رفعت الأعلام التونسية عدة مرات في المنستير وكان هو ممن يرفعون العلم وينشدون النشيد وكان رئيس البلدية وهو فرنسي يدعى كانافيلي يتحاشى المرور قرب العلم.. وفي سنة 1941 تم اتهامه برمي المناشير ولم يكن هو فعلا من رماها بل كان أحد الوطنيين ولكنه سجن مع زملائه وتعرض للتعذيب وقال متحدثا عن ظروب التعذيب إنه على سبيل المثال كان يتعرض للضرب المبرح والتعليق من ساقيه وكان ينام على الأرض في شهر جانفي وفي فصل الشتاء.. وذكر أنه خلال سنة 1943 انتقل مع شقيقه إلى العاصمة ليواصل دراسته وساهم في تكوين "جامعة الجمعيات" وذلك بهدف جمع شمل الجمعيات وأصبح رئيسالهذه الجمعية.. وبعد تأسيسها ولما حل موعد عيد الشباب العالمي عام 1949 وهو عيد يحتفل به اليساريون ذهب الحبيب نويرة لحضوره لكنه وجد معارضة من محمد حرمل الذي منعه من المشاركة لأنه من الدساترة ولكن بعد القيام بمساع تمكن من الحضور نظرالأنه يمثل آلاف الشبان.. وهو عيد شباب. صوت الطالب وتحدّث الحبيب نويرة عن تكوين صوت الطالب وقال إنه في إحدى الاجتماعات مع زملائه عزموا على تكوين لجنة صوت الطالب التي أعدت 16 مطلبالإصلاح التعليم الزيتوني.. وتتكون هذه اللجنة من العديد من العناصر على غرار عمر شاشية وعبد الرحمان الهيلة وعبد العزيز العكرمي وأحمد قاسم ومنصف السخيري وعبد الكريم قمحة والحبيب نويرة وغيرهم ولكن سرعان ما استولى عليها عبد الكريم قمحة. كما تحدث عن العلاقة المتوترة بين صوت الطالب والحزب الدستوري الأمر الذي دفع الحزب إلى تأسيس الكتلة الزيتونية.. وعن علاقته بالكتلة بين أنه لا توجد له أية علاقة بالكتلة الزيتونية وقال إنه لا يعرف من أسسها.. وقال إن شهر ماي 1951 شهد تنظيم مظاهرة كبيرة حيث تخاصم الطلبة الزيتونيين مع الطلبة الدستوريين.. وكان الحبيب نويرة قد دعا وقتها إلى معالجة الخلاف وحل المشكل لأنه يرى أن هذا المشكل آخذ في التطور واعتبره آن ذاك مشكلا خطيرا .. وبين متحدثا عن نادي الطلبة التونسيين أن النادي استضاف الرئيس بورقيبة وبين أن صالح بن يوسف لم يكن يأتي إلى النادي ولكن زاره مرة قبل مشاركته في مؤتمر باندونغ.. وعن سؤال آخر أجاب أن بعض أعضاء صوت الطالب مالوا إلى الحزب القديم ومنهم خاصة عبدالكريم قمحة. الطلبة في المشرق تناول الحبيب نويرة في قسم آخر من مداخلته نشاط الطلبة في المشرق.. وبين أن هناك الكثير من الشخصيات الذين درسوا بالمشرق.. على غرار خميس المكني والطاهر وحادة وأحمد الكسراوي وعلي المقدميني الذين اجتازوا الحدود إلى ليبيا سنة 1946 وانتسبوا إلى الأزهر ورعاهم الشيخ الخضر بن حسين.. كما أن هناك طلبة انتقلوا إلى جامعات المشرق وكلياته العسكرية وكانت تحدوهم روح وطنية فياضة سهلت لهم الصعاب وذللت لهم مشاق الطريق الذي سلكوه راجلين أحيانالاجتياز الحدود التي كان فيها حرس المستعمر يحول بين اتصال الأشقاء ببعضهم في وقت كان فيه الشباب التونسي يرى الخلاص قادم من المشرق وقوت هذه النزعة فيه روح الوطنية التي كان رجال الحزب الدستوري التونسي يزرعونها فيه إضافة إلى انتصاب رجل مصلح سنة 1945 من جديد على رأس إدارة الجامعة الزيتونية هو الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور فبعد سنة من توليه هذا المنصب عمل على تكوين جمعية الحي الزيتوني التي تولى رئاستها سنة 1946 شيخ الإسلام محمد العزيز جعيط ومهمتها جمع الأموال لبناء الحي الزيتوني لسكنى الطلبة وإقامة جامعة عصرية يتمكن فيها الزيتونيون من تلقى العلوم التي كان معهدهم العتيق بعيدا عنها ومازال يسير في برامجه على ما كان متعارفا عليه خلال العصور الخوالي وقد نجحت الفكرة نجاحا كبيرا وأقيم المشروعان اللذان تأسست الجمعية من أجلهما وهما الحي الزيتوني مدرسة ابن شرف حاليا والكلية الزيتونية وعلى هذا المنوال أقامت جمعية قدماء تلامذة المدرسة الصادقية بتأييد من رجال الحزب يوم العلم لجمع التبرعات لفائدة الطلبة في فرنسا في أول مارس 1947 وأقيمت لذلك مهرجانات خطب فيها الشيخان محمد الفاضل ابن عاشور والمختار بن محمود.. ومن أول الطلاب الذين التحقوا بسوريا نجد محمد بن صالح وعز الدين عزوز والحبيب بوزقندة والتيجاني التكاري.. وكان أول من ذهب إلى العراق أبو القاسم كرو ويوسف العبيدي والهادي بن عمر كما ذهب كل من عبد الحميد الهداوي وأحمد باكير والشاذلي بن الشاذلي..