إن المتأمل في حجم المواد الدراسية وتنوعها وتعددها لا يمكن إلا أن يندهش من تخمة المواد التي تؤثث جداول أوقات تلاميذ الابتدائي خاصة السنة السادسة أساسي وتضغط بشكل حاد على التوزيع اليومي لحصص الدرس حتى أن هناك من يضطر من التلاميذ إلى دخول المدرسة صباحا ولا يغادرها إلا مساء دون انقطاع لكثافة البرمجة والمواد ومن ألطاف الله أن هذا التوزيع لا يمتد على كامل أيام الاسبوع... ورغم ذلك فإنه يعد مرهقا ومثقلا لطاقة استيعاب التلميذ الذهنية وحتى البدنية بحكم الوزن الثقيل للمحفظة والتي قد يستعصي حملها حتى على أضخم الأجسام بدانة فما بالك بالنحيلة منها. ... وبالتمعن في بعض جداول الأوقات يتضح أن الحصص «التربية» مثل التربية التشكيلية والتربية الموسيقية والتربية البدنية يصادف تدريسها في ذات اليوم إلى جانب بقية المواد الأساسية مثل العربية والفرنسية ليطرح تزامنها مع المواد الاخرى في ذات اليوم الضاغط تساؤلات حول جدوى هذا التوزيع ودرجة استفادة التلميذ من تراكم هذه المواد خاصة إذا ما علمنا أن ميولات التلاميذ تختلف وأن مستوى التعلق والرغبة في متابعة هذه المواد متباين ومتباعد... وبشهادة بعض المربين من ذوي التجربة التربوية والبيداغوجية الطويلة فإن مادة مثل الموسيقي أو الرسم والرياضة لا تستهوي بنفس القدر والشغف كافة التلاميذ ناهيك وأن بعض المجموعات المتميزة في الدراسة تتعثر في هذه الحصص ولا ترغب فيها بالمرة لولا الضرورة والاقتضاء... وفي هذا المجال أثار بعض المربين في دردشات جانبية مقترحا أو توجها جديرا بالتعمق فيه يتعلق بالتخلي عن حصص المواد التشكيلية والموسيقية والبدنية في شكلها الملزم والمستقل بذاته حاليا خلافا لما كان عليه الحال سابقا قبل اعتماد نظام الكفايات الاساسية حيث كان تدريسها يدرج ضمن حصة العربية ويخصص له بتوقيت محدد لا يتجاوز في أقصى الحالات النصف ساعة أما الآن فأصبحت حصة منفردة لكن دون تعيين إطار تدريس مختص خلافا لما عليه الامر بالتعليم الإعدادي. وحتى في صورة تواجد إطار مختص في مادة التربية البدنية فإن تعيينه يتم في وقت متأخر من انطلاق السنة الدراسية أضف إلى ذلك تعد الغيابات من الجانبين وعدم توفر ملاعب الرياضة فيصبح حضورها ضمن الروزنامة كغيابها.. من هذا المنطلق تطرح فكرة التعاطي مع هذه المواد في صيغة النوادي المدرسية باعتماد نظام الفرق واستقطاب الاطفال الراغبين في دراستها دون غيرهم حتى لا تتحول حصصها إلى مناسبة للتشويش والمزاح واللهو واللعب عند التلاميذ المشاغبين الذين لا تستميلهم مثلا حصة الموسيقى ويدخلون عليها الرسم والعكس صحيح... وهكذا يترك الخيار للتلميذ ليحدد المادة التي يفضلها بعيدا عن أي ضغط أو إكراه ويخف العمل عليه كما على المعلم وتحصل الفائدة المرجوّة وتحقق العملية التعليمية أهدافها..