تتالى الايام ما بعد هروب الرئيس المخلوع محملة بإثباتات طالما عرفها الشعب التونسي ولكن في إطار سياسة الافواه المكممة التي انتهجها النظام البائد لم يجاهر بها لا المسؤول ولا المواطن العادي خوفا من بطش السلطة وطغيانها. أتت هذه الأيام القليلة بإثباتات قد لا تقبل الدحض رغم أن التحقيق مازال مفتوحا والتتبع مازال جاريا إلا أن كل المؤشرات تؤكد إدانة لا غبار عليها.. وبعد ثورة الكرامة مازال الغضب الهادر يعتمل في النفوس ولن يخمد إلى أن ينال كل من أجرم في حق البلاد والعباد جزاءه العادل وحول سبل الجزاء والعقاب مازالت الرؤية لم تتضح بعد الرؤية في شأنه ومرجعيتها في إطار مطالبة الشعب بالقصاص والاقتصاص ممن سلب ثرواته خاصة فإننا أردنا أن نستكشف مرجعيتها هل ستكون قضائية بحتة أو سياسية أو قضائية سياسية وحول كل ما تقدم كان لنا لقاء مع الأستاذ ابراهيم بودربالة الرئيس السابق للفرع الجهوي للمحامين بتونس. وكان أهم ما طرحناه من اشكال قانوني هو امكانية سحب الجنسية عن عائلة بن علي والطرابلسي لتآمرهم على أمن الدولة أو ما هي الاجراءات المتبعة لمعاقبة الفارين خاصة من أقارب العائلة الحاكمة؟ نادى الكثيرون بضرورة سحب الجنسية التونسية من كل المتآمرين والخونة الذين بات يعرفهم القاصي والداني وفي هذا الاطار أفادنا الاستاذ ابراهيم بودربالة الرئيس السابق للفرع الجهوي للمحاماة بتونس «أنا شخصيا مع عدم سحب الجنسية من رئيس الدولة السابق وكل العائلات المتواطئة معه حتى يحاكموا في تونس وبمقتضى القانون التونسي فسحب الجنسية يمكنهم من التفصي من العقاب.
كيف تسحب الجنسية؟
حسب الاستاذ بودربالة فإنه بمقتضى الفصل 33 من مجلة الجنسية التونسية يتم سحب أو اسقاط الجنسية عمن ثبت في شأنه جنحة أو جناية تمس بأمن الدولة العام كالتآمر عبر أمن الدولة وربط علاقات مع مصالح وجهات أجنبية تمس بمصلحة الوطن، وكل هذه الافعال تحرم قانونا وتدخل في خانة الخيانة العظمى لمصلحة الوطن، مما يستدعي مثول من ثبت في شأنه هذه التهم أمام المحكمة العليا لتنظر في توصيف الافعال الذي أدين بها وقد تصل عقوبته الى الاعدام.. وقانونا نلاحظ أن الرئيس وعائلته وأصهاره يمكن أن تثبت في شأنهم هذه التهم. وباعتبارهم تونسيين يمكن للقضاء التونسي وبالتنسق مع الهيئات القضائية والقانونية الدولية اصدار بطاقة جلب دولية في شأنهم بالتنسيق مع الانتربول خاصة ليمثلوا أمام القضاء التونسي ويحاكموا ونذكر في هذا الصدد أن لدينا اتفاقية قضائية مع السعودية فإننا يمكن للانتربول جلب المشتبه به الرئيس المخلوع بن علي من السعودية ومحاكمته في تونس إذا احترمت السعودية هذه الاتفاقية.
حصانة قضائية مؤبدة بمقتضى الدستور
اعتبر الاستاذ بودربالة أن الرئيس المخلوع ما فتئ يسن القوانين الجائرة واللاشرعية لحمايته من ذلك الفترة التي أضافها للفصل 41 من الدستور بمقتضى تعديل دستوري وتضمنت : يتمتع رئيس الجمهورية أثناء ممارسته مهامه بحصانة قضائية، كما ينتفع بهذه الحصانة القضائية بعد انتهاء مباشرته لمهامه بالنسبة للافعال التي قام بها بمناسبة أدائه مهامه». ونلاحظ كيف سعى الرئيس السابق الى حشد القوانين لحماية نفسه لحصول قناعة ذاتية لديه بالنظر الى سواد سجله في مجال حقوق الانسان وخاصة في التسعينات بما يجعله عرضة للمتابعة والمقاضاة من طرف ضحاياه بعد خروج من الرئاسة (ولو أنه كان لديه قناعة بأنه سيبقى رئيسا مدى الحياة) هذه القناعة لها ما يبررها في الواقع اذ أكدت السنوات الأخيرة أن ذلك ممكن وأن فتح ملفات ضد وزرائه ومساعديه في المحاكم الأوروبية كعبد الله القلال أدين من محاكم سويسرية لخرقه الفاضح لحقوق الانسان وهو ما آثار خشية الرئيس السابق من متابعته شخصيا. وحسب الأستاذ بودربالة هناك اتجاه قانوني في تونس يقضي بأن ما يبنى على باطل فهو باطل وباعتبار أن حكم بن علي هو حكم باطل دستوريا فإن كل القوانين الصادر في عهده من المفترض أن تكون باطلة ولا تمثل أي حصانة للرئيس المخلوع وعائلته وأصهاره حتى تحميه من إنزال العقاب به بالنظر لما اقترفه من أفعال في حق البلاد والعباد. ويضيف الاستاذ بودربالة : أن من القوانين الجائرة تلك التي سنها الرئيس تحميه هو وعائلته في بداية التسعينات وهي قوانين تحميه جزائيا وآن الأوان لتسقط هذه القوانين... وتتم محاكمة المتورطين في نهب واستغلال وسرقة الوطن».