بعد الإطاحة بنظام بن علي انقسمت أراء النخب المثقفة وعامة الناس بين مؤيد لعودة حركة النهضة للتموقع ضمن الطيف السياسي ضمانا لتعددية المشهد السياسي و ديمقراطيته بدون إقصاء لأي طرف وبين متوجّس من المدّ السلفي الذي كان له حضور قاتم في بعض الأقطار المجاورة..حول تاريخ الحركة وبرامجها و أهدافها كان لنا لقاء مع أحد قيادييها علي العريّض الذي حدّثنا عن نشأة الحركة التي ظهرت للوجود مع نهاية الستينيات وبداية السبعينيات كحركة إصلاح ديني و أخلاقي, وتذهب آراء أن هذه الحركة التي سميت في بدايتها بحركة الاتجاه الإسلامي إلى أنها استلهمت تجربة أخوان المسلمين في مصر واتخذت من أفكار حسن البنا مرجعية لها ويقول علي العريّض «أنه بالنظر إلى قاعدتها العريضة في النخب المثقفة وخاصّة من الشباب وطلاّب الجامعات انتبهت الحركة إلى البعد الاجتماعي وأهمية التوزيع العادل للثروات و أهمية إنصاف الفئات الاجتماعية المقهورة والمدحورة «ومن هنا حسب محدّثنا حصل الانحراف في برامجها من الطابع الاجتماعي إلى العمل السياسي بهدف التغيير كما أن المشروع العلماني المتطرّف لبورقيبة والذي زرعه في المجتمع التونسي عجّلت بتحوّل مسار الحركة نحو العمل السياسي للتغيير. مجلة الأحوال الشخصية ليست ناشئة عن العلمانيين بل هي نتاج عمل لجنة وطنية بقيادة الشيخ الفاضل بن عاشور يقول القيادي في الحركة علي العريّض «يمكن القول أنه في نهاية سنة 1981 اكتملت مقومات الحركة كحركة إصلاح ديني من أجل التخلّص من رواسب الانحطاط و تجديد الفكر الإسلامي ليواكب العصر وكحركة للعدالة الاجتماعية وكحركة إصلاح سياسي من أجل حريات حقيقية وباعتبار أن أسباب التخلّف ليس الاستبداد فقط بل كذلك الأفهام المغلوطة للشريعة الإسلامية.وبخروج الحركة من طابعها السرّي إلى طابعها العلني ستبدأ مرحلة محنها المتعاقبة ومحاولة اجتثاثها بالكامل من خلال اعتقال رموزها وتعذيبهم وإصدار حتى أحكام بالإعدام في شأنهم وبعد انقلاب 7 نوفمبر باركت الحركة التحوّل الذي وقع على مستوى السلطة السياسية أملا في التغيير الحقيقي خاصّة وأن هناك وعود جادة للاعتراف بالحركة وبكل الطيف السياسي لكن أخلفت الوعود وماطلوا الحركة في الحصول على التأشيرة وقد باتت لها ثقلها الاجتماعي خاصة وأنها حصلت في انتخابات 1989 بالرغم من دخولها بمرشحين مستقلين على حوالي 20 بالمائة من الأصوات... وهو ما استشعره النظام كتهديد مباشر لسياسته الأحادية وعدم قبوله أي طرف منافس لتنفذه السياسي وبدأت منذ التسعينات سياسة اتسمت ببطشها ودمويتها تجاه الحركة أطلق عليها سياسة «تجفيف المنابع». سياسة تجفيف المنابع وسياسة تجفيف المنابع تتمثّل في شنّ النظام السابق حربا لا هوادة فيها تجاه الحركة التي باتت تسمّى منذ التسعينات بحركة النهضة و ذلك بتشريد قياداتها والزجّ بهم في السجن وإرهاب كل من يتعامل معهم وتجفيف البرامج الدينية التربوية وتشويه كل بعد سياسي أو اجتماعي للدين باعتبار أن كل ذلك يمكن أن ينتج عنه تغذية لتيار الحركة. قضية المرأة حول قضية المرأة ومجلة الأحوال الشخصية لا سيما وأن الزعيم الفكري للحركة راشد الغنوشي قد صرّح في حديث صحفى مع موفى الثمانينات «بأن الحركة تقبل مجلة الأحوال الشخصية باعتبارها اجتهادا ضمن الاجتهادات الإسلامية « أفاد محدّثنا بأن مجلة الأحوال الشخصية ليست ناشئة عن العلمانيين بل هي نتاج عمل لجنة وطنية بقيادة الشيخ الفاضل بن عاشور مفتي الديار التونسية آنذاك واعتمدت على قراءات إصلاحية متأثرة بالنص الديني ومستوعبة للحضارة الغربية..ويقول محدّثي نحن مع أحكام المجلة ولسنا مع تعدّد الزوجات ومع المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل وضدّ النظرة الدونية للمرأة ومع تقييد الحريات الشخصية . حزب العدالة والتنمية التركي حول كيف يمكن تصنيف حركة النهضة ضمن أحزاب الاتجاه الإسلامي في البلدان العربية و الإسلامية قال علي العريّض نحن لنا خصوصيتنا بناء على خصوصية المجتمع التونسي لكن إذا أردنا تصنيف أنفسنا فنحن ما بين حزب العدالة والتنمية المغربي لكننا أكثر تحرّر منه لأننا في مجتمع أكثر تحرّر ونشبه كثيرا حزب العدالة والتنمية التركي رغم كونه متقدما علينا لأنه يسبقنا في مجال الديمقراطية والحريات. القبول بالأخر حول مدى تفاعل الحركة مع الأحزاب والطيف الشيوعية والليبرالية في تونس أكّد محدثنا أن دخول الحركة في هيئة 18 أكتوبر 2005 للحقوق والحريات والتي ضمّت لفيفا من الأحزاب والجمعيات والشخصيات المستقلة باختلاف المشارب الفكرية والمرجعيات لهو تأكيد قاطع على أن الحركة مستعدة للتواصل الاجتماعي والسياسي مع كل الطيف دون إقصاء ولا تهميش فالحزب الشيوعي علاقتنا جيدة معه. برنامج وأهداف الحركة المستقبلية يقول محدثي «نحن نؤمن بالحريات والديمقراطية وتفعيل دور المرأة وإسهامها في كل المجالات لأنها قيم تكتمل بها إنسانية الإنسان كما نعمل على ترسيخ التعددية والحقوق الفردية ونريد أن نساهم في بناء دولة تقوم على المواطنة وتكافؤ الفرص ومشروع حداثي يراعي التوزيع العادل للثروات في إطار اقتصاد يحترم الكسب المشروع ويدعم عالم الأعمال في إطار من الشفافية وبالتالي يكون اقتصادا مندمجا يتجه لتلبية الحاجيات الجماعية الأساسية من صحة وشغل وظروف عيش سليمة ». ليس لنا مرشح للانتخابات الرئاسية حول الانتخابات الرئاسية أفادنا علي العريّض أن الاتفاق قدّ تمّ بين مختلف قياديي الحركة في الداخل والخارج على عدم تقديم مرشح عن الحركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة باعتبار أن الحركة تسعى في هذه الفترة التي هي انتقالية بالنسبة لها أيضا الى إعادة هيكلة البيت من الداخل واكتشاف قاعدتها الجماهيرية وعودة قياديها في المهجر من أمثال الزعيم الفكري راشد الغنوشي ..لكن هذا لا يعني أن الحركة قد تدعم مرشح حزب تراه مناسبا للحكم أو حتّى مرشحا مستقلاّ.» منية العرفاوي