نور الدين عاشور يوم من الإشاعات محورها عمليات اختطاف وأعمال عنف في مناطق عديدة بالبلاد وهو ما جعل بعض المدارس والمعاهد تنصح تلاميذها بالعودة إلى منازلهم .. سلسلة من عمليات النهب والسرقة في ليلة واحدة ببنزرت.. إضراب رجال الأمن مطالبين بتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية.. هذه بعض المظاهر التي تؤشر لوضع أمني غير مستقر وهو ما يعني أن الشعور بانعدام الأمن والاستقرار يمثل الحلقة المفقودة في تونس الثورة التي أرادها الشعب حرة وديمقراطية وآمنة متطلعا إلى القطع كليا مع رواسب النظام البائد. أمام هذا الوضع لا بد من التأكيد على أن المواطن التونسي أينما كان يهمه العيش في أمن وأمان ويريد أن يكون مطمئنا على سلامته وسلامة أملاكه وأملاك الشعب لكن بعد أكثر من أسبوعين مازالت بعض الأعمال والشائعات تدفع إلى توجيه أصابع الاتهام إلى "قوى خفية" تحاول إثارة الرعب والخوف في النفوس في فترة بدأت فيها الأوضاع الداخلية تشهد تطبيعا تدريجيا حتى وإن كان بنسق بطيء ومع ذلك فإنه يدفع إلى الأمل والتفاؤل. كما أن تعيين وزير جديد للداخلية بعث الارتياح بين التونسيين الذين بحكم ما عاينوه وعاشوه في الأيام الأولى للثورة من انفلات أمني تفاءلوا خيرا واعتقدوا أن ذلك الانفلات سيصبح مجرد ذكرى ولا بد من التأكيد أن الكثير مازال يتعين القيام به سواء في إعادة هيكلة الوزارة والتركيز على تمكين رجال الأمن من حقوقهم المادية والاجتماعية المهضومة منذ عقود ولا بد أن يستعيد سلك الأمن كرامته حتى يتمكن من القيام بدوره في حدود مهامه واحترام المواطن. ومن منطلق الرغبة في انطلاق متجدد للأنشطة الاقتصادية واستعادة بقية المجالات سيرها الطبيعي يفترض تضافر الجهود من أجل" تنقية " الأجواء وفق ما تتطلبه مصلحة الشعب الذي لم يقم بثورة ويدفع بحياة العشرات من أبنائه شهداء إلا من أجل الحرية والكرامة أما من يعمل في السر من أجل انخرام الأوضاع والإيحاء بأن تونس لا يمكنها تحقيق الاستقرار إلا بالحديد والنار والتخويف والترهيب فلا مكان له في تونس الثورة ولا بد من كشفه وفضح خططه. ومن الطبيعي جدا أن يتفرغ التونسيون لتجسيم أهداف الثورة بدل إلهائهم بمسائل حساسة مثل الأمن والاستقرار وإظهار البلاد وكأنها بلد فوضى وتوترات وصراعات ... لذلك لا بد من الحذر ومن الانسياق في طريق نخشى أن تكون العودة منها مستحيلة لا قدر الله.