من الذي قتل القس مقتصد مدرسة الرهبان في منوبة ؟ وما العلاقة بين جريمة قتله وفاجعة حرق مكتبة الاباء البيض في معقل الزعيم ( مكتبة ايبلا ) واغتيال أحد رموزها وعلمائها ؟ ومن الذي " افتعل مسيرة " في شارع الحرية بلافييت رفعت شعارات معادية للمواطنين التونسيين اليهود ؟ ومن الذي ألبس مجموعة من الفتيات والنساء ( وبعض الرجال) "خياما سوداء" تذكر بملابس النساء الوهابيات في شرق الجزيرة العربية بدعوى المطالبة ب"الحق في ارتداء النقاب "؟ ومن الذي حاول أن يحرق المواخير في المدينة العتيقة ؟ ومن الذي وقف في مدخل إحدى الكليات ليمنع " غير المحجبات " من دخول الكلية ؟ ومن الذي كان وراء مداهمة عشرات المدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد الثانوية والمحلات التجارية والأمنية (وبينها المقر المركزي للوزارة ) لترويع المواطنين ورجال الامن وقوات الجيش ؟ تساؤلات بالجملة تفرض نفسها .. ونقاط استفهام تتراكم .. وممارسات غريبة تتعاقب .. ولابد أن يسمع الشعب توضيحات مقنعة حولها ..ولن ينفع الصمت ..ولا تناسي ما وقع بالأمس القريب .. كما لن تتقدم الحياة السياسية إذا لم يتحمل كل طرف مسؤوليته في هذه المرحلة الحساسة بدءا من المؤسسات الممثلة : القضاء والاعلام والسلطة التنفيذية .. ومن الخطير" غض النظر" عن بعض البلاغات والتصريحات الخطيرة جدا التي صدرت حول " ذبح القس في منوبة " عن جهات رسمية مثل الناطق الإعلامي الجديد باسم وزارة الداخلية التي يبدو أنها تسرعت في اتهام مجموعة سياسية ثم تراجعت ونسبت الجريمة إلى " نجار"؟ إن إنجاح المسار الإصلاحي الطموح الذي بدأ مع ثورة 14 جانفي يستوجب نضجا سياسيا واعلاميا ..وتطويرا نوعيا لقطاع الإعلام ولدور مكاتب الاتصال في كل الوزارات والمؤسسات ..بعيدا عن الارتجال و" الفلتان " والابتذال الذي نلاحظه منذ أسابيع.. تونس في حاجة إلى حوارات جريئة وهادئة ومسؤولة حول مستقبل الإعلام ..