في هذه الظروف التي يمر بها الشعب الليبي يقيم عديد المرضى الليبيين بالمصحات التونسية فكيف يعيش هؤلاء؟ " الصباح" زارتهم وعادت بالروبورتاج التالي. بداية الرحلة كانت في مصحة بالمنزه هذه المصحة التي تستقطب عادة أعدادا كبيرة من المرضى الليبيين لم نجد سوى مريضا واحدا رفض التحدث إلينا بسبب ظروفه الصحية فتحولنا إلى مصحة المنار وساعدنا الإطار الطبي وشبه الطبي على الالتقاء ببعض المرضى المقيمين بالمصحة وهناك إلتقينا بالأديب والمفكر الليبي ناجي محمود عبد الرحيم وهو أصيل مدينة بنغازي جاء الى تونس قبل اندلاع الثورة الليبية ببضعة أيام وذكر أنه يتصل بأسرته في حين أن أسرته لا تستطيع الاتصال به بسبب قطع القذافي كل وسائل الإتصال عن الشعب الليبي ولم يستطع هذا الكاتب حبس مشاعره فقد كان حزنه على أبناء بلده الذين يقتلون كل يوم باديا على وجهه... وعن الثورة قال "إن الشعب التونسي يعتبر مدرسة في تحطيم جدار الخوف وأجمل ما في الثورة التونسية أنها كانت عفوية وأنا أقول للشباب التونسي حذار من الذين يريدون الركوب على الأحداث وأضاف هذا الأديب ليقول "بنغازي كانت دائما ترفض الظلم وتتميز بالأخلاق السامية لذلك ظلت مهمشة لا طرقات ولا بنية تحتية ولا مرافق ." "القذافي مريض نفسي ومغرور" كما ذكر وقال "التاريخ يعيد نفسه فمنذ حوالي أربعين عاما كان عندنا نظاما ملكيا ثم جاء البترول وبدت تطفو على السطح مشاكل الرخاء وهي أكثر فتكا من مشاكل الفقر ودخل علينا القذافي بالخداع والشعارات الجوفاء ثم بدت شخصية الرجل تتضح وبان بالكاشف أنه مريض نفسي ومغرور فلا فكر إلا فكره ولا فلسفة إلا فلسفته وهو نرجسي ذو شخصية غريبة التكوين ونحن الشعب الليبي نعيش بلا نشيد وطني وبلا دستور وفي السبعينات أصدر كتابه الكتاب الأخضر والذي لا يمت للخضرة بشيء... وعن نفسي فقد لاقيت صعوبات في نشر كتاباتي رغم أني كنت أعتمد على الرمزية في نقد نظام القذافي وأنا لا أستغرب ما يقوم به اليوم ضد الشعب ففي السبعينات أقدم على إعدام مجموعة من الشبان في الطريق العام قاموا بمظاهرات سلمية طالبوا فيها بإسقاط النظام." كما التقينا بالسيد إبراهيم محمد البالغ من العمر 78 عاما وهو أصيل مسراطة وفي حديثه معنا قال أنه يتصل بأسرته بصفة مستمرة وأنهم بخير وقد جاء الى تونس للمداواة ولأنه يثق في الطب التونسي كثيرا وذكر أنه محايد وليست له أية آراء حول السياسة أوالقذافي ولكن الوضع في ليبيا يؤرقه كثيرا ويشعر بحزن عميق على ما يحدث لأبناء وطنه ويتمنى لو أنه هناك ليشارك في الثورة. وأما المريض الثالث فهو نعمان عبد السلام جاء للمداواة إثر تعرضه لحادث مرور بمسقط رأسه درنة وذكر أنه قدم الى تونس قبل الإنتفاضة الليبية بيوم واحد وهو على اتصال دائم بأسرته تحدث إلينا بألم كبير عما يحدث في ليبيا وعن معاناة المنتفضين واستنكر تقتيل القذافي لهم دون وجه حق وقال أن صديقه الحميم وسام عبد الونيس أصيب برصاصة في إحدى عينيه وأضاف هذا الشاب يقول "القذافي لم يكن الرجل المناسب لقيادة الدولة الليبية حيث تعمد تفقير عديد المدن مما دفع بالشعب إلى الثورة" كما أضاف أنه علم من خلال اتصالاته بأسرته أن 14 شهيدا سقطوا في مدينة درنة وأن الشعب ألقى القبض على 22 من المرتزقة الذين سخرهم القذافي لقتل المدنيين وهم أفارقة وليبيين. كما عبر نعمان وكذلك شقيقه الذي كان مرافقا له عن رغبتهما في الانضمام إلى الشعب الليبي والمشاركة في الثورة. وفي خاتمة حديثنا معهم عبروا عن تفاؤلهم الكبير بانزياح القذافي وسقوط نظامه ونجاح الثورة الليبية.