أوروبا تدعو إلى وقف العنف وساركوزي إلى فرض عقوبات العواصم وكالات نقلت مصادر إعلامية أمس عن مصدر أوروبي عليم أن الولاياتالمتحدة قد تكون هددت معمر القذافي بالحل العسكري عبر الحلف الأطلسي في حالة إعادة استعمال الطيران ضد السكان وما قد يترتب عن ذلك من تهديد حياة المقيمين الغربيين. وقال المصدر أن طائرات الحلف الأطلسي قد تطيح بالطائرات الليبية في حالة شن غارات حربية ضد الشعب الليبي سواء بالتدخل مباشرة في الأجواء الليبية أو عبر صواريخ من سفن حربية غربية ترسو في المياه الدولية قريبة من طرابلس علاوة على قصف مخازن الأسلحة لتفادي استعمالها ضد المدنيين، مشيرا إلى أن سفنا حربية غربية قد تكون لجأت الى التشويش الالكتروني لمنع عمل الطائرات الحربية الليبية في أفق التدخل إذا استدعت الضرورة. ويذكر أن تدخلا عسكريا سيجد ترحيبا من طرف الرأي العام الدولي وخاصة العربي بسبب الإجماع الدولي على إدانة أساليب القمع الهمجية للقذافي لاسيما بعد خطابه أول أمس، إذ سيتم اعتباره بمثابة إنقاذ شعب من جرائم ضد الإنسانية التي يتعرض لها. وتسمح تعديلات أخيرة أجريت على بنود القانون الأساسي للحلف الأطلسي بهذا النوع من التدخل.
ويأتي كشف هذه المعلومات فيما أكدت المعلومات الواردة من الجماهيرية الليبية أمس أن مختلف المناطق الشرقية الليبية قد باتت تحت السيطرة الكاملة للمحتجين المناهضين للعقيد معمر القذافي ومن بينها بنغازي التي شهدت احتفالات في شوارع المدينة، في وقت اندلعت فيه اشتباكات عنيفة في العاصمة طرابلس حيث تحاول القوات الموالية للقذافي تشديد قبضتها على المدينة. وبعد أسبوع من الاحتجاجات، بات المتظاهرون المدعومون من الوحدات العسكرية المنضمة إليهم يسيطرون على الأجزاء الشرقية من البلاد التي تحوي العديد من المناطق المنتجة للنفط. ولم يكن هناك وجود للشرطة أو الجيش في هذه المناطق. وقد أكد وزير خارجية إيطاليا فرانكو فراتيني أمس أن مدن درنة وبنغازي والبيضاء وبرقة قد خرجت بالفعل عن سيطرة القذافي، مضيفا أن التقديرات بسقوط ألف قتيل في ليبيا صحيحة. وقال ضباط جيش في مدينة طبرق بشرقي البلاد -والذين ما زالوا يرتدون أزياءهم العسكرية لكن أعلنوا عدم ولائهم للقذافي- إن المنطقة الشرقية لم تعد تحت سيطرته. وأفاد شهود عيان بأن الطريق من معبر السلوم وحتى بنغازي آمن. وتقوم بتأمينه عناصر من اللجان المحلية، لتسهيل مهام لجان الإغاثة الطبية والإنسانية والإعلاميين. وقد خرج المواطنون في مدينة بنغازي إلى الشوارع للاحتفال بما سموه «تحرير المدينة» من اتباع القذافي والمرتزقة. كما خرجت مظاهرات أخرى في درنة وطبرق والمرج تدعو إلى إسقاط النظام في ليبيا.
عصيان أوامر
في غضون ذلك، تتواصل حركات العصيان في صفوف القوات المسلحة الليبية حيث أفاد شهود عيان بأن طائرة حربية يقودها طياران كانت في طريقها لقصف آبار نفط في بنغازي هبطت اضطراريا بعد حصول خلاف بين الطيارين بشأن تنفيذ المهمة. وقد أكدت صحيفة «قورينا» الليبية هذه المعلومة أمس ناقلة عن مصدر عسكري قوله ان طائرة روسية الصنع من طراز «سوخوي 22» تابعة للقوات الجوية الليبية تحطمت بالقرب من مدينة بنغازي بعدما خرج منها طياراها اللذان تلقيا أوامر بقصف المدينة بالمظلات، مضيفة ان الطائرة التي أقلعت من طرابلس سقطت بالقرب من مدينة أجدابيا التي تبعد 160 كيلومترا جنوب غربي بنغازي. كما سجل اتجاه سفينتين حربيتين ليبيتين إلى جزيرة مالطا بعد أن رفض جنود البحرية الانصياع لأوامر الزعيم الليبي معمر القذافي بقصف مدينة بنغازي. على صعيد متصل، أعلن الناطق العسكري باسم القوات المسلحة بقيادة منطقة الجبل الأخضر الانضمام الكامل للجيش في منطقته إلى الشعب، فيما أعلن وزير الداخلية الليبي اللواء الركن عبد الفتاح يونس العبيدي استقالته من جميع المناصب التي يتقلدها وتأييده للثورة. وأصدر «ثوار السابع عشر من فبراير» بليبيا من جهتهم مساء أول أمس بيانا أعلنوا فيه عدم شرعية النظام الليبي الحالي، ودعوا إلى بناء دولة ليبيا المدنية الموحدة الكاملة السيادة، كما جاء في بيان قرأه ممثلهم فرج الترهوني، والذي بكل الدول والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية أداء واجبها الإنساني تجاه الشعب الليبي.
وبالتزامن مع أجواء الاحتفالات في الأجزاء الشرقية من البلاد، قال شهود عيان إن المتظاهرين سيطروا على مدينة مصراتة القريبة من طرابلس والتي تكون بذلك أول مدينة غربي البلاد تسقط بيد المتظاهرين. كما أظهرت أشرطة فيديو بثتها المعارضة على موقع «فيسبوك» سيطرة المتظاهرين على مدينة الزاوية غرب طرابلس. وأشار صحفي من مدينة الزاوية إلى إصابة ما لا يقل عن أربعين شخصا أول أمس، ثلاثة منهم في حالة خطيرة، وذلك أثناء تصديهم لعناصر مسلحة تابعة للجان الثورية الخاصة بالنظام الليبي، ولكنه أكد أن الهدوء يعم المدينة يوم أمس. أما في طرابلس فقد كان الوضع مختلفا حيث بقي السكان داخل منازلهم ويخشون الخروج منها ويقولون إن الموالين للقذافي يطلقون النار عشوائيا في شوارع المدينة. ووفقا لمعلومات مؤكدة فإن القذافي أحرق الجثث التي كانت ملقاة في شوارع طرابلس، وبدأ أنصاره حملة تنظيف لمحو آثار القصف وما ارتكبته المليشيات الأمنية والمرتزقة في حق المتظاهرين.
تحذيرات وتهديدات أوروبية
في خضم هذه التطورات، دعا الاتحاد الأوروبي معمر القذافي إلى إنهاء العنف ضد المتظاهرين. واعتبرت المفوضية الأوروبية أمس في بروكسيل تصرف الزعيم الليبي «غير مقبول مطلقا». وجاء ذلك فيما دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على المتسببين بالعنف في ليبيا، مشيراً إلى ضرورة النظر في إمكانية قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية مع الدولة الأفريقية. وقال ساركوزي في اجتماع للحكومة الفرنسية ان هذه الإجراءات يجب أن تتضمن إمكانية جلبه المتسببين بالعنف للعدالة ومنعهم من دخول أراضي الاتحاد الأوروبي ومراقبة تحركاتهم المالية.