آسيا العتروس تصريحات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس اوكامبو الصادرة بالامس بشان تحقيق اممي حول الجرائم المرتكبة في حق الشعب الليبي لا يمكن ان تدعو للارتياح ولا ان تؤشر الى نهاية وشيكة للانتهاكات الحاصلة في المشهد الليبي المرشح لكل الاحتمالات والسيناريوهات بما في ذلك الاكثر قتامة وهي ان يعمد القذافي الى معاقبة الشعب الليبي معتمدا في ذلك على قناعة راسخة لديه بان شعبه يحبه وانه مستعد للموت من اجله وهو اعتقاد من شانه ان يمنح القذافي الحرية المطلقة في اختيار ما يراه وحده مناسبا في التعامل مع تطورات الاحداث الجارية في بلاده كما يريد ان يراها... بل ان اصراراوكامبو على ان المحكمة عازمة على تحقيق العدالة من شانه ان يثير اكثر من نقطة استفهام في هذه المرحلة حول مفهوم وابعاد العدالة التي سيسعى الى تحقيقها خاصة وان الامر يتعلق بملاحقة القذافي وثلاثة من ابنائه وهم سيف الاسلام وخميس والمعتصم الى جانب ستة من المسؤوليين الليبين المتورطين في ارتكاب جرائم ضد الشعب الليبي. والحقيقة ان الامر يتجاوز حدود الجدل الذي يمكن ان يثيره اسم اوكامبو لدى الراي العام وهو الذي وان كان خبيرا في مجاله وسبق له ان تولى التحقيق في جرائم ضد الانسانية من الارجنتين الى الكونغو ورواندا فان الواقع ان مطالبة مجلس الامن له هذه المرة بالتحقيق بما يجري في ليبيا قد لا يكون اكثر من فصل اخر يضاف الى تلك الفصول المضحكة المبكية من المسرحية التي يواصل القذافي تقديمها كلما شعر برغبة في استعراض قدراته على التمثيل واستبلاه الاخرين... وهي المسرحية التي ساهمت حتى الان في تحقيق تحولات مهمة لا يبدو ان القذافي سيدركها. واولها انها ساعدت في تفاقم تعاطف الراي العام الدولي مع الشعب الليبي وهو يكتشف يوما بعد يوم ما خفي عنه من خصوصيات هذه الشخصية الدونكيشوتية التي تتربع على اكثر من مائة واربعين مليار دولار موزعة في المصارف السويسرية والبريطانية وغيرها من المصارف, واما الثانية وهي الاهم في الفصول المستمرة لهذه المسرحية انها باتت اشبه بشرارة ما انفكت تؤجج الشارع العربي ليس في ليبيا فقط ولكن حتى في غيرها من العواصم العربية بعد ان باتت هذه الشعوب على قناعة بانها تستحق ان يكون لها قيادة من اختيارها تحترم تطلعاتها من اجل الحرية والكرامة. وقد لا يكون من المبالغة في شيء الاقرار بان اندفاع الليبيين واصراهم على المضي قدما في التمسك بمطالبهم كان يزداد بعد كل خطاب للقذافي بل انه كلما ازدادت تهديداته كلما ازداد المتظاهرون تضامنا مؤكدين بذلك انهم بلغوا نقطة اللاعودة.ربما كان العالم يجد في السابق في خطابات القذافي وتاويلاته وقراءاته للاحداث والتاريخ مصدرا للنكت السياسية التي كانت تساعد على تخفيف مشاعر الاحتقان والاحباط قبل ان تتحول اليوم الى مصدر للاحساس بالاحتقار مقارنة ببقية شعوب العالم... لقد ظلت ولوقت طويل ثروات ليبيا النفطية كما موقعها الاستراتيجي محل اطماع الكثيرين كما ظل النفاق السياسي دوما طريق الغرب لارضاء القذافي وتقبيل يديه عندما يتعلق الامر بضمان الحصول على عقود النفط...لقد ان الاوان ان تحال نظريات القذافي وبحوثه حول جنس الموت الى رفوف المتاحف شانها في ذلك شان مختلف مؤلفاته انطلاقا من رواية «الارض الارض» و» القرية القرية» او «المراة انثى والرجل ذكر»وصولا الى خطاباته على وزن زنقة زنقة واصراره على مساءلة الموتى لمعرفة اسباب موتهم ايذانا بالقيامة...ان الاكيد ان الشعب الليبي الذي صبر طويلا لن يقبل بعد اليوم ان يعيش تحت الارض او ان يظل اسيرا لنزوات واهواء العقيد...