بقلم: ضو بالسعود الشعب التونسي عاش قرونا وليس عقودا متلاحقة تحت كوابيس من الخوف والفواجع نتيجة ألوان من القهر والاستبداد منذ عهد البايات والدايات إلى عهد الاستعمار فالاستقلال بمرحلتيه بالرغم من اختلاف طموح الرجلين من السياسة إلى المال. أما اليوم فقد أصبح الخوف من الثورة وعليها. الخوف من المستقبل الغامض الذي كلما تقدمنا فيه ازداد غموضا وبعدا وكبر التشاؤم والخوف من أن تصبح ثقافة الشارع والتمرد وعدم الانضباط لمجرد إثبات الذات الثقافة البديل. إن الشعب اليوم أصبح يخاف الحكومة والحكومة الموازية المسماة بلجنة حماية الثورة. والمفارقة أن الحكومتين نشأتا معا تحت جنح الظلام بعيدا عن الشعب مما يدل على تشبعهما بالديمقراطية وخاصة الكومة الموازية، اختارت كل حكومة عناصرها ونصبت نفسها على أنها الأفضل والأقدر و الآصل ثورية وتقاسمتا الساحة الاجتماعية، الحكومة تقود من داخل القصور والموازية تقود من الشارع والثورة بينهما إلى ضياع ومضى الصراع إلى أن بلغتا الأربعين فسقطت الحكومة لعجزها وسوء تدبيرها، تعد ولا تنفذ تعطي بالقول وتمنع بالفعل، سياسة الماضي يوم لا حساب ولا عقاب ومن يحاسب يعاقب، ومازالت الموازية كأنها لم تنتبه بعد إلى أنها تضر بالثورة في حين تعتقد أنها تحميها كل ذلك والشعب صامت خوفا من الثورة وعليها وقد أصبح الأمر فوضى والحكم للشارع وللحجارة والفايس بوك...لتسلم عليك أن تصمت وتزكي وتسبح مع التيار، وإن شئت ارفع شعار الثورة وافعل ما تشاء.احرق المدرسة المعمل المؤسسة، نصب من شئت، اطرد من شئت من الموظفين، الجميع يجب أن يتوظف فورا الجميع يجب أن يعمل فورا الجميع يجب أن يثبت فورا الجميع يجب أن يترسم فورا لا بطال بعد اليوم وفورا لا فقر بعد اليوم وفورا.لا حوار بعد اليوم ولكن أمر...أو نعطل كل شيء فورا، وليجمع الجميع. علي وعلى أعدائي يا حكومة والثورة مستمرة. من الذي نجح فعلا في هذه الأربعين يوما الثورة أم الثورة المضادة ؟ العبرة بالنتائج وهي كما يلي: مدارس معاهد جامعات مغلقة، سنة بيضاء أو الغش مما يزيد في تدهور المستوى.رؤوس أموال أجنبية تهرب، رؤوس أموال وطنية مجمدة خوفا من النهب والحرق، بطالة تتزايد كل يوم مصالح معطلة كل شيء ذاهب نحو الخراب،كيف ستصمد الدولة كدولة إذا توقفت الدورة الاقتصادية، ألا يعني السقوط وعندها سنصبح أمام اختيارين إما الحرب الأهلية أو البيع أو التدخل الخارجي بدعوى الحفاظ على الأمن. ألا يكفي الثورة المضادة كل هذه النجاحات إلى الآن والآتي أظلم؟ ويكفي الثوار التنظير.الحقيقة منذ عقود والشعب العربي ينظر والرجعية تعمل حتى أخذت كل المواقع وسحبت البساط من تحت أرجل الجميع وهذا ما تفعله الثورة المضادة في تونس وفي مصر. لو لم تكن حكومة الغنوشي تسخر من الشعب هل يعقل أن نصلح مفاسد ستة عقود في شهور ومع ذلك توزع الوعود وتصدر القرارات في كل اتجاه ثم تنسحب ليحل محلها من يعطي جرعة أخرى من الأماني وهكذا إلى أن يأتي ما يخالف ذلك. لو كانت صادقة لتحدثت بواقعية وصدق وأرقام وبرامج محددة, تنجز حسب الأولويات. إذ ليس من الواقعية أن تشغل خمسمائة ألف في شهور والشعب لا يدرك ذلك ولا يطلب إلا الوعد الصادق والشفافية. إن الثورة جاءت لتؤسس للديمقراطية وليس للتصلب والفوضى للبناء وليس للهدم للعمل وليس للبطالة...المؤسسات يجب أن تحمى والعمل يجب أن يستمر والدراسة يجب أن تتواصل والثورة يجب أن تنجح. كفى مزايدات بالثورة حتى تضيع الثورة.