يبدو أن الجامعة التونسية لكرة القدم (التي يعرف القاصي والداني كيف تم انتخاب تركيبة أعضائها) لا تزال تحت وقع صدمة الثورة ولم تفهم إلى حد الآن أن الثورة قلبت كل المعطيات وأن الحل الأسلم يتمثل في استقالة كل الشرفاء الذين اقتنعوا أنه آن الأوان لإحداث الرجة الايجابية داخل هذا الهيكل الذي يسيّر الكرة وحتى يقع حله (بفضل الاستقالات) لأنه يستمد شرعيته من النظام البائد الذي وقع القطع معه نهائيا... ولا يخفى على أحد أن تعبير رئيس الجامعة الحالي علي الحفصي عن استعداده للاستقالة ليس إلا مجرد مناورة ومخططا منه لربح الوقت حتى يستعيد بعض خيوط اللعبة... فتارة يعبر عن استعداده للانسحاب وأخرى يؤكد أن مكتبه منتخب ومرّة يدعو إلى منح الجامعة بعض الوقت للإعداد لجلسة عامة خارقة للعادة... هذا يدخل في باب المناورة في وقت بات فيه من الضروري أن تخضع الجامعة لعملية قيصرية لايجاد مكتب جديد له برامج وأفكار لتطوير الكرة وتضم أهل الميدان وليس جامعة تعمل بمنظومة «طاحونة الشيء المعتاد» قطعت جذورها بمجرد القطع مع النظام البائد.. "فيفا" علي الحفصي!! ما فتئ علي الحفصي يحاول اقناع المحيطين به أن «الفيفا» لا تعترف إلا به كرئيس للجامعة ولا علاقة لها بالسياسة والحال أنه دخل الجامعة بفضل السياسة فقد عمل في التجمع أي في الشعبة وغيرها من تلك الهياكل وهو أيضا عضو مجلس النواب ممثلا للتجمع فعن أي «فيفا» يتحدث... عن «فيفا» بلاتار التي ما فتئ علي الحفصي يتقرب منها لنيل رضاها؟ علي الحفصي قال أيضا إن أندية الرابطتين الأولى والثانية متمسكة به كرئيس للجامعة.. ثم تحدث عن الأموال والعقود الذي ادعى أنه وراء جلبها أي أنه صاحب فضل كبير على الجامعة... تخيّلوا..! لكن فات علي الحفصي أن «الفيفا» من المفروض عليها الاعتراف بالمكتب الجامعي الجديد المنتخب في عهد الديمقراطية فلكل بلد الحق في تجديد هياكله الرياضية ولا يوجد في القوانين الأساسية للجامعة إما الإبقاء على جامعة علي الحفصي أو لا اعتراف بأي مكتب جامعي جديد يتم انتخابه بطريقة ديمقراطية وشفافة.. الإنجازات والاحتكار علي الحفصي نسي أيضا أن ابرام عقود الاستشهار لجلب المداخيل ليس مزيّة من رئيس الجامعة أو عطفا منه بل الشركات والمؤسسات هي التي تقدم عروضا وتتلقى أيضا طلبات وتتوج باتفاقيات إبرام العقود، وهذا الأمر يبدو أي مكتب جامعي قادر على انجازه إن لم نقل إنه بمقدور من سيخلف الحفصي بتحقيق الأفضل إذ تصوروا مكتبا جامعيا يضم طارق ذياب وعديد الكفاءات والإطارات الرياضية ماذا يمكنه أن يحقق للكرة على مستوى الهيكلة والبرمجة والاستراتيجيات... حكاية تمسك رؤساء الأندية بالحفصي هي الأخرى مناورة من العيار الثقيل ذلك أن حمدي المدب رئيس الترجي الذي لا يحضر اجتماعات الجامعة ولا يتدخل في مثل هذه المسائل وهمّه الوحيد هو خدمة ناديه بدليل أنه دعمه بالمليارات من ماله الخاص من أجل استعادة الترجي لمجده وهو غير متمسك بالرئاسة ولولا تمسك الترجيين به لغادر حديقة حسان بلخوجة منذ مدة... كما أن حامد كمون الذي جاء لإنقاذ النجم وإعادته للعب الأدوار الأولى محليا وقاريا أما نوفل الزحاف فقد قدم ترشحه وتم الاختيار عليه لمواصلة ما بدأه منصف السلامي لكنه رغم ذلك فإن رئيس النادي الصفاقسي دعا إلى جلسة عامة قبل الأوان أي في جوان المقبل لإيمانه بأن الهيئة يجب أن تكون منتخبة... فضلا عن أن جمال العتروس الرئيس الجديد للإفريقي تم انتخابه بإجماع ساحق... كل هؤلاء لا نخالهم مهتمين بشأن علي الحفصي... وأما بقية رؤساء أندية الرابطتين الأولى والثانية فإنهم يغرقون في المشاكل المالية ويعانون من فراغ خزينة أنديتهم، كما أن البعض منهم رافض للبقاء في ظل الظروف الحالية فكيف لهم أن يهتموا بأمر رئيس الجامعة... وآخرون زكّوا الحفصي لكنهم غير مالكين للشرعية فهم منصبون ومهما يكن من أمر فإنه حتى السكوت وعدم إبداء الرأي يعتبر عند الجامعة موافقة، وحتى إن كان هؤلاء فعلا تمسكوا ببقاء علي الحفصي فإن ذلك ليس إلا مجاملة وتفص من تحمل تبعات موقف قد لا يخدمهم مستقبلا... تبرئة الذمة ورغم كل ما حدث وما قيل فإنه من الأفضل للجامعة الحالية أن تنسحب لأنها لن تسلم من الانتقادات والهجومات في ظل الحرية والديمقراطية ولن يكون بمقدور بعض الأعضاء الجام أفواه الأندية ومسيريها مثلما كانوا يفعلون في السابق... لقد فقد علي الحفصي شرعيته وعليه أن يخلص الجامعة من أزمات منتظرة بواسطة عملية قيصرية لترك الفرصة لغيره حتى يطوّر الكرة.. فرياضة ما بعد الثورة تحتاج لأبناء الثورة وليس لمكتوب موروث من النظام السابق لم يبق أمام جامعة علي الحفصي غير الانسحاب حتى تؤكد أنها غير متشبثة بكرسي الجامعة وامتيازاتها وأنها فعلا تخدم الرياضة للرياضة لا مصلحة لها وما انسحابها إلا تأكيد لذلك... ولو أن جامعة علي الحفصي عجزت حتى عن الترشح لنهائيات كأس إفريقيا للأمم منذ المقابلات الأولى للمنتخب وأصبح مصير منتخبنا رهين 90 دقيقة ضد المالاوي...