ينطلق اليوم بالعاصمة المؤتمر الثالث والثلاثين لمنتدى الفكر المعاصر ويطرح الباحثون بالمناسبة إشكاليات تتعلق بالحكم الرشيد والتحديات المطروحة أمام منطقة المغرب العربي. ويتواصل المؤتمر الذي تنظمه كل من مؤسسة التميمي للبحث العلمي وسفارة هولاندا بتونس ثلاثة أيام أي إلى غاية 18 مارس الجاري. ولم يخف الأستاذ عبد الجليل التميمي في ورقة المؤتمر العلمية المصاحبة للبرنامج أن أصدقاء له من بين المثقّفين ووزراء سابقين حذّروه بدافع الصداقة لما قرّر الخوض في الموضوع منذ ثمانية أشهر من خطورة الموضوع في ظل حكم الرئيس السابق بن علي وأنّه قد يكون عرضة لضغوطات من النّظام السابق وحتى أكثر من ذلك. فقد كان موضوع الحكم الرشيد من قبيل الممنوعات في بلادنا ومع ذلك فإن صاحب مؤسّسة التميمي للبحث العلمي لم يتراجع عن الفكرة مشيرا إلى أنه أعد البرنامج بالتنسيق مع سفيرة هولاندا بتونس محتكما إلى الموضوعية وإلى الشروط العلمية موجها الدعوة إلى عدد من الباحثين المغاربة والأوروبيين للمشاركة في المؤتمر... ولحسن الحظ فإن الظروف في تونس قد أعانت المنظمين كثيرا حتى أن الأستاذ عبد الجليل التميمي أعرب عن ارتياحه الكبير لقيام الثورة في بلادنا التي وضعت حسب تعبيره حدا لديكتاتورية بن علي القذرة في نفس الوقت الذي أكدت فيه أن النظام السابق كان أبعد ما يكون عن احترام دولة القانون ومقومات الحكم الرشيد. ولاحظ الباحث أن الثورات الشعبية في تونس وفي مصر وفي ليبيا كانت الدليل على غياب الحكم الرشيد وأن أكثر الناس ولاء للديكتاتورية كانوا في طليعة العوامل الحاسمة في هدم الإقتصاد الوطني وكيف أنهم أعاقوا بشكل لافت الإدارة السليمة لشؤون البلاد باستعمال وسائل لا قانونية للإستحواذ على ثروات البلاد ضاربين عرض الحائط بكل الأخلاق التي تجعل من الإدارة في خدمة المواطنين. ويعتبر الأستاذ عبد الجليل التميمي أن المؤتمر الذي ينتظم بمقر مؤسسته بعد ثروة الشباب يوفر فرصة للتأكيد على القيمة البالغة للحكم الرشيد مشددا على أن هذا المصطلح الأكثر استعمالا في العالم في العقدين الأخيرين ليس غريبا على إرثنا الثقافي العربي الإسلامي. تدور أشغال المؤتمر في إطار عشر جلسات ( 10) علمية ويشارك فيها عدد كبير من رجالات الجامعة ومن رجالات السياسية من تونس ومصر والمغرب والجزائر إلى جانب عدد من البحثين من البلدان الأوروبية . ومن بين الإشكاليات العديدة المطروحة للدرس نذكر بالخصوص علاقة المجتمع المدني بالسياسة ومشاركة المواطنين في التصرف في شؤون البلاد لاسيما من خلال الهياكل السياسية الجهوية والمحلية والدور الإجتماعي للدولة مع العلم وأنه وقعت برمجة حصص نقاش مفتوحة للمشاركين بالمناسبة حول أفضل السبل للتصرف الإداري والإقتصادي والعلمي بالمغرب العربي. وتجدر الإشارة إلى أن الأستاذ عبد الجليل التميمي لا يمكنه أن يتمنّى أفضل من الظروف الحالية بعد انتصار الثورة الشعبيّة وفي وقت تتهيّأ فيه بلادنا لإقامة أسس الحكم الديمقراطي كي ينظّم الدورة الثالثة والثلاثين لمؤتمر منتدى الفكر المعاصر حول الحكم الرشيد بالمنطقة المغاربية فالمناخ السياسي في تونس أصبح ملائما بعد انتصار الثورة الشعبية كي تخرج مؤتمراتنا ولقاءاتنا الفكرية عن إطار الإيغال في التنظير وطرح أفكار تبدو وكأنها لا صلة لها بواقعنا غير أنه لا بد من إنصاف مؤسسة التميمي العلمية بالقول أنه سبق وكان لنا بها أكثر من موعد مع لقاءات جدّ حرة ومفتوحة على مختلف القضايا والآراء قبل أن تقوم الثورة الشعبية بكثير.