في وقت يشهد فيه لبنان توترات سياسية كبيرة تضاف لها المواجهة الجارية بين الجيش اللبناني وجماعة تطلق على نفسها «فتح الإسلام» فضلا عن عمليات تفجير طالت عديد المناطق في المدّة الأخيرة واختراقات إسرائيلية على الحدود الجنوبية، أقر مجلس الأمن رسميا إنشاء محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة المتهمين باغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري. ورحبت الدول الراعية للقرار رقم 1757 وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية باعتماده رسميا وبشكل إلزامي حيث قال السفير الأمريكي في المنتظم الأممي أن مجلس الأمن «أظهر تمسكه بمبدا عدم الإفلات من العقاب في الاغتيالات السياسية لا في لبنان ولا في أي مكان آخر»، فيما أشار السفير البريطاني إلى أن الهدف من القرار هو «أن الأممالمتحدة تقف وراء الأشخاص الذين يريدون احقاق الحق» واعتبر أن هذا القرار «حيوي للبنان وللمنطقة والعدالة».. فيما أكد وزير الخارجية اللبناني بالوكالة أن اعتماد القرار «يعزز صدقية مجلس الأمن». ومقابل ذلك ذكر السفير الروسي أن القرار «مشكوك فيه بموجب القانون الدولي لأنه يلتف على شروط واردة في الدستور اللبناني» فيما مضى السفير القطري بالمنتظم الأممي إلى القول بأن هذا القرار لا يدعم الاستقرار في لبنان. ومن ناحيتها أكدت سوريا «أن إنشاء المحكمة تحت الفصل السابع يعدّ انتقاصا من سيادة لبنان الأمر الذي قد يلحق مزيدا من التردّي في الأوضاع على الساحة اللبنانية». وهذا التباين الدولي الحاد في المواقف بين القبول والرفض للقرار الأممي انعكس بدوره في الداخل اللبناني حيث تقبل أنصار الأكثرية النيابية القرار باحتفالات في شوارع بيروت ورحب بالقرار سعد الحريري واصفا إياه بأنه «خطوة تاريخية في مسيرة حماية لبنان»، مؤكدا أن هذه المحكمة ليست لنصرة جهة على جهة أخرى فيما أكد رئيس الوزراء اللبناني أن قرار المحكمة «ليس موجها بالتأكيد ضد الشقيقة سوريا ولا ضد أي بلد ولا ضد أي طرف في لبنان». وعلى خلاف ذلك قال رئيس البرلمان اللبناني «أن مجلس الأمن تجاهل دستور البلاد...». وذكر سياسيون لبنانيون ومن بينهم ممثلون عن «حزب اللّه» أن المحكمة ستستخدم كأداة سياسية من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويبدو من الخلافات السياسية القائمة بين الفرقاء في لبنان ومن تباين المواقف الدولية تجاه ما يجري هناك أن هذا القرار قد يوسع في نظر البعض الشرخ بين اللبنانيين وقد يلحق مزيدا من الضرر السياسي في هذا البلد اعتبارا إلى أن الإصرار على أن يكون القرار إلزاميا بموجب الفصل السابع الذي يجيز استعمال القوّة قد يتجاوز الهدف في إنشاء هذه المحكمة، بينما يرى البعض الآخر أن الوضع في لبنان بعد تراكمات كثيرة قد يستدعي طرح الخلافات جانبا وشيئا من الحراك السياسي وقدرا من الحماية تجنّبا لفتنة قد تطال الجميع. وفي هذه الأثناء.. وبعد ساعات من صدور قرار مجلس الأمن الدولي الداعي إلى تشكيل هذه المحكمة الدولية شرع وزير الخارجية الإيراني في زيارة إلى سوريا فيما تتواصل الاشتباكات بين الجيش اللبناني ومسلحين في مخيم نهر البارد شمال لبنان لليوم الحادي عشر على التوالي رغم الوساطات.