منع الفصل 15 من مشروع المرسوم الانتخابي للمجلس التأسيسي الترشح لعضوية المجلس "من تحمل مسؤولية صلب الحكومة او هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي خلال ال23 سنة الأخيرة، ومن ناشد الرئيس المخلوع الترشح لانتخابات 2014." ويضيف الفصل "وتحرر في المناشدين المذكورين قائمة تقررها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ". لكن الفصل لم يضع مفهوما محددا ل"المسؤولية" التي تحملها اشخاص صلب هياكل التجمع طيلة ال23 سنة الماضية، والتي سيتم بناء عليها حرمانهم من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي. وان تم حسم امر تحرير قائمة المناشدين للرئيس المخلوع إلى الهيئة المستقلة للانتخابات، فإن الفصل صمت عن الجهة المخولة لتحديد معنى المسؤولية والقيام ب"جرد" تفصيلي لكل من تحمل مسؤولية في الحزب المنحل. فهل تعني "المسؤولية" فقط من تحمل مواقع قيادية في التجمع مثل الأمناء العامون، والأمناء العامون المساعدون، واعضاء الديوان السياسي، واللجنة المركزية، والكتاب العامون للجان التنسيق، ورؤساء الشعب، والوزراء.؟ ام ستشمل ايضا رؤساء البلديات، والنواب، والمستشارين؟ وهل يمكن ان يتوسع مفهوم "المسؤولية" ليشمل ايضا كل اعضاء لجان التنسيق والجامعات، والشعب؟. جرد قائمات اسمية تبدو مسألة "جرد" الأشخاص التجمعيين وضبط قائمة في شأنهم معقدة للغاية وصعبة التنفيذ، وحسّاسة، على اعتبار أن الجهة الموكول لها اعداد القائمة ستتحمل مسؤولية تاريخية وتأريخية في الآن نفسه. إذ سيتحتم عليها الرجوع -إضافة إلى ارشيف التجمع-، ارشيفات عدة مؤسسات ووزارات مثل وزارة الداخلية، والولايات، والمعتمديات والبلديات، ومجلسي النواب والمستشارين.. نبش في الأرشيف..؟ إن النبش في ارشيفات "التجمع" مثلا لن يكون بالأمر السهل، خلافا لقائمة الوزراء التجمعيين، كما ان عملية جرد القوائم يجب ان يقوم بها شخصيات تتمتع بالاستقلالية الحزبية مع توفر جملة من الشروط مثل الكفاءة والنزاهة مع ما يعنيه ذلك من ضرورة توفر عدة عوامل موضوعية لتسهيل عملية الجرد واعداد القوائم الاسمية حتى لا تتم عملية وضعها بشكل اعتباطي او أن يغلب عليها الاجتهاد الذاتي أو لا تتضمن مؤيدات توثيقية دامغة لا تقبل الشك او الطعن مثل تحديد واضح لنوع المسؤولية وتاريخ تحملها.. ضمانات وصلاحيات كما أن اللجنة التي سيتم تشكيلها فرضا للقيام بهذه المهمة، وقد تكون الهيئة المستقلة للانتخابات او هيئة متفرعة عنها ستحتاج على الأرجح لضمانات وصلاحيات قانونية وأدبية وحتى أمنية، لا تقل عن الضمانات التي وفرها مشروع المرسوم الانتخابي للهيئة المستقلة للانتخابات، لإتمام عملية اعداد القوائم الاسمية لكل الأشخاص الذين تحملوا "مسؤولية" في هياكل التجمع، ووضعها على ذمة الهيئة المستقلة للانتخابات حتى تبت في قانونية القائملات المترشحة. والى حين ان يتم البت في تحديد مفهوم معنى "المسؤولية" صلب الحكومة او هياكل التجمع سواء من جهة مستقلة مثل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، او من جهة اخرى، يمكن حسابيا ان نحصر بصفة تقريبية عدد الذين سيشملهم تحجير الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي، وهم كل من تحمل مسؤوليات في هياكل التجمع المنحل بدءا من اعضاء الديوان السياسي، واعضاء اللجنة المركزية، واعضاء لجان التنسيق، والجامعات الترابية، والشعب، والشعب المهنية، واعضاء مجلس النواب، وأعضاء مجلس المستشارين، واعضاء المجالس البلدية، كتاب عامين لمنظمة للشباب الدستوري الديمقراطي، والكتاب العامين لطلبة التجمع والشبيبة المدرسية... 9000 شعبة.. اذا رجعنا لهيكلة التجمع نجد انه يتكون من الديوان السياسي (10 اعضاء)، ومن أمانة عامة ولجنة مركزية (250) إضافة لهياكل استشارية وقاعدية..وتشرف الأمانة العامة على 28 لجنة تنسيق موزعة على ولايات الجمهورية بمعدل لجنة تنسيق في كل ولاية باستثناء ولاية تونس التي تضم 5 لجان. تضم لجان التنسيق مجتمعة 358 جامعة تغطي المعتمديات ال326 إضافة لبعض البلدان الخارجية ويشرف على كل لجنة تنسيق كاتب عام يتم تعيينه من قبل رئيس التجمع. وتتكون الجامعات من 8100 شعبة موزعة على كامل تراب البلاد إضافة ل 40 شعبة تضم أساتذة التعليم العالي و509 شعبة في الخارج. مع العلم أن لجنة التنسيق تتركب (حسب الفصل 16 من النظام الداخلي للتجمع) من كاتب عام يعيّنه الديوان السياسي، كتاب عامين مساعدين، الكتاب العامين للجامعات، المسؤول الجهوي عن الشباب الدستوري الديمقراطي، الكاتب العام للجنة الجهويّة لطلبة التجمع، نائب عن المقاومين. 50 ألفا أو 150 ألفا.. تتكون اللجنة المركزية للتجمع المنحل منذ مؤتمر التحدي المنعقد في أوت 2008 من 350 عضو (منهم 250 عضوا منتخبا و100 معينين). اضف لهذا العدد كل اعضاء اللجنة المركزية للتجمع منذ جويلية 1988 تاريخ اول مؤتمر للتجمع إلى آخر مؤتمر (5 مؤتمرات) لن يقل العدد الجملي عن 1350 عضوا. لكن العدد قد يقل عن ذلك اذا علمنا أن عشرات الأعضاء يتم تجديد عضويتهم في كل مؤتمر. اذا تم احتساب فقط رؤساء الشعب الذين تداولوا على تلك المسؤولية منذ 1988، لن يقل عددهم عن 45 ألف رئيس شعبة، اضف اليهم حوالي الفي كاتب عام جامعة، و150 كاتب عام لجنة تنسيق، وقرابة 800 نائب تجمعي، وأكثر من ألف رئيس بلدية تجمعي، إذن عدد التجمعيين من تحملوا مسؤوليات حزبية سيصل إلى 50 ألفا. لكن إذا توسع المسؤولية لتشمل جميع اعضاء لجان التنسيق والجماعات والشعب واعضاء المجالس البلدية اضافة إلى الهياكل التجمعية الأخرى سيقفز العدد إلى أكثر من 150 ألفا. علما أن آخر احصائية تشير إلى أن عدد مؤتمري التجمع في آخر مؤتمر له يفوق 160 ألف نائب. اشكالية قائمة "المناشدين" وتنتظر الهيئة المستقلة للانتخابات اشكالية اخرى تتمثل في تحرير قائمة بمناشدي الرئيس المخلوع لانتخابات 2014، حسب الفصل 15 من مشروع المرسوم الانتخابي. ويقدر عدد المناشدين بحوالي ألف مناشد. لكن معظم من وردت اسماؤهم بالقائمة التي اعدها التجمع المنحل بنفسه تبرؤوا من ورود اسمائهم بالقائمة واكدوا أنهم لم يكونوا على علم بها ولم يوافقوا خطيا على ذكر اسمائهم بالقائمة. وهو ما سيطرح اشكالا قانونيا امام الهيئة فعلى ماذا ستستند عند تحرير قائمة المناشدين؟ هل ستعود إلى ما نشر في بعض الصحف، ام إلى ارشيف التجمع، أم ستعود إلى اعتبارات أخرى موضوعية لتحرير القائمة؟.