قال الأستاذ غازي الغرايري، الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للمحافظة على أهداف الثورة والإصلاح السياسي والإنتقال الديمقراطي، أنّ الهيئة بصدد تباحث مسألة تمويل الأحزاب والحملة الإنتخابية، حيث أكّد أن أعضاء الهيئة متجهون نحو الإقرار بالتمشي نحو التمويل العمومي للحملة الإنتخابية لكافة الأحزاب المشاركة على أن يقع مدهم بنسبة 50% من التمويل قبل الحملة ودفع النصف الآخر خلالها مع التزام الأحزاب بارجاع الأموال العمومية إذا لم تتحصل قائمتها على نسبة 3 % خلال الإنتخابات. وجاءت هذه الندوة، التي نظمها المجلس الجهوي للشمال لهيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة للتنمية يوم أمس حول "تمويل الأحزاب السياسية والحملات الإنتخابية في تونس التشريع والرقابة"، في اطار التطورات والأحداث التي شهدتها البلاد، ومحاولة للمشاركة في سن التشريعات والقوانين في هذه الفترة الإنتقالية الحساسة باعتبار أنّ جميع هيئات الرقابة مطالبة بالمشاركة لتحقيق الإنتقال الديمقراطي المنشود. وأكد نزار العلويني رئيس المجلس الجهوي للشمال "أنّ الأفكار المطروحة تتطلب تكريس الشفافية وحياد الإدارة" مستطردا "ان كان التمشي سيكون في اتجاه التمويل العمومي فذلك سيكون مقبولا ومنطقيا في هذه الفترة الإنتقالية، غير أنه سيكون غير كاف في المراحل القادمة ذلك أنه قد يثقل كاهل الدولة". ومن ناحية أخرى أكد عمرالبوبكري أستاذ بكلية العلوم الإقتصادية والسياسية بسوسة أنّه يعارض التمشي نحو اعتماد التمويل العمومي للحملة الإنتخابية ومنع التمويل الخاص مؤكدا أنه من الأفضل اعتماد النظام المزدوج حتى لا يضيّق الخناق على الأحزاب التي قد تلتجأ إلى اعتماد طرق تمويل أخرى عن طريق الجمعيات والمنظمات وغيرها من مكونات المجتمع المدني وهي طرق تمويل قانونية. كما قال البوبكري "أنّ أي تجربة ديمقراطية تقتضي وجود أحزاب سياسية قوية، فالسياسة كالإقتصاد تقوى بقوة أحزابها كما يقوى الإقتصاد بقوة مؤسساته" مبينا أنه " ليس من الصدفة أن التجارب العالمية قد نجحت نظرا لتواجد أحزاب سياسية قوية ضمن نظامها والتي تستند إلى امكانيات قوية بما في ذلك التمويل المالي". مضيفا أنه من واجب الدولة أن تدعم هذه الأحزاب من الناحية المالية كوسيلة لتدعيم الديمقراطية وتكريس الحكم الرشيد" موضّحا " أنّ اشكال آليات تمويل الأحزاب ووسائلها تبقى محور نقاش وبحث لتفادي الفساد وارساء قواعد الشفافية التي ستساعد المواطن ليكون على بينة مما يجري في الكواليس على غرار ما كان يجري في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل الذي كان يمول بطرق غير مشروعة ولا تستجيب لا للقانون ولا لشروط الشفافية" . وبين عبد القادر البدوي مستشار في الخدمات العامة دور الإدارة في تمويل الأحزاب السياسية، متطرقا إلى المسألة النظرية والتاريخية لحياد الإدارة بناء على التجربة السابقة ودورها في تمويل الحزب الحاكم السابق وتدخله في انتظام الإدارة والقضاء. كما أكد البدوي على ضرورة الحريات الفردية لتحقيق الإنتقال الديمقراطي وحرية النشاط السياسي والإنتظام والإنتماء إلى حزب دون آخر وحياد الإدارة التام والكلي عن أي نشاط حزبي أو سياسي، حيث كرست الإدارة في السابق منظومة غير متكافلة من حيث مصادر التمويل التي كفلت للحزب الحاكم السابق كل الامتيازات والتمويلات بما في ذلك العدد المهول للإنخراطات، فكان للإدارة دخل كبير في تكريس سياسة الإقصاء من خلال المساندة والتمويل وفي المقابل غيبت عن دورها الأصلي من خلال غياب مؤسساتها عن الرقابة والتسيير والعقاب،مضيفا :أن الإدارة تواجدت حيث لا يجب أن تتواجد و لم تتواجد حيث يجب أن تتواجد" وبالتالي على الإدارة في المرحلة المقبلة أن تلتزم بالحياد الكلي والشفافية المطلقة. وقد تم خلال الندوة التطرق الى التجربة الفرنسية في مجال تمويل الاحزاب من خلال التعرف على كيفية عمل اللجنة الوطنية لحسابات الحملات والتمويل السياسي في فرنسا، كما بحث المشاركون مسألة الالتزامات المحاسبية والمالية للاحزاب السياسية والاطار العام لمراقبة الحسابات السنوية وحسابات الحملات الانتخابية الى جانب مراقبة دائرة المحاسبة لتمويل الاحزاب السياسية ودورالخبير المحاسب في عرض حسابات الحملات الانتخابية والمصادقة على حسابات الاحزاب السياسية من قبل.