علمت «الصّباح» أن عددا من الجامعيين والنخب أعدوا عريضة تنتقد النظام الانتخابي الذي نص عليه مرسوم الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، والقاضي باعتماد نظام القائمات.. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا، فإن هذه العريضة يجري تداولها حاليا في عدة جهات داخل البلاد، بينها القصرين وسيدي بوزيد وجندوبة.. وجاءت العريضة تحت عنوان «من أجل نظام انتخابي عادل يقطع مع الإقصاء والتهميش وينهي الوصاية والاستبداد»... وفيما يلي نص العريضة.. يقتضي التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي القطع لا فقط مع آليات الاستبداد، ولكن أيضا مع ثقافته وطبائعه. ومن بين الآليات التي أدّت إلى احتكار السلطة من قبل حزب واحد على مدى أكثر من نصف قرن وما أدّى إليه من إذلال وتهميش وإقصاء طريقة الاقتراع على القائمات منذ انتخابات أعضاء المجلس القومي التأسيسي سنة 1956 وصولا إلى آخر انتخابات لأعضاء مجلس النواب سنة 2009، فهذه الطريقة لم تفرزسوى هيمنة حزب واحد احتكر كل مؤسسات الدولة، وصارت القائمات رمزا للانفراد بالسلطة والطريقة التقليدية المألوفة للإقصاء. ومن طبائع الاستبداد تواصل نفس فكرة الوصاية على الشعب حتى بعد الثورة العظيمة التي فتح بها الشعب التونسي صفحة جديدة في التاريخ داخل وطننا العزيز ولكل الشعوب المضطهدة في العالم. إننا نطالب اليوم بمراجعة مشروع المرسوم المتعلق بانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي على النحو التالي: 1- إقرار الاقتراع على الأفراد فهذه الطريقة في الاقتراع هي وحدها الكفيلة بالقطع نهائيا مع اختيارات لم تؤد لأكثر من خمسة عقود سوى للاستبداد والإقصاء. وهي طريقة لا تعني إطلاقا إبعادا للأحزاب السياسية عن الانتخابات كما يروج لذلك عن سوء نية من لم تعد تخفى نواياهم على أحد. ثم إن هذه الطريقة تتيح إطارا أفضل لتقديم الترشحات وإمكانيات أوسع في الاختيار، فلا تستأثر بالمشهد السياسي أحزاب لم ينشأ أغلبها إلا بفضل ثورة الشعب، فالشعب التونسي هو الذي له الفضل عليها كلها وليس لها كلّها أيّ فضل عليه. وتمكّن طريقة الاقتراع على الأفراد كذلك من معرفة كلّ المترشحين بأسمائهم وانتماءاتهم الحقيقية ومن الاطلاع على تصوراتهم للدستور المقبل لتونس، كما تمكّن من مراقبتهم أثناء الحملة الانتخابية ومن متابعة النواب أثناء مدّة نيابتهم. 2- إقراردوائرانتخابية ضيقة في مستوى كل معتمدية بقطع النظرعن الكثافة السكانية فاعتماد قاعدة سكانية معينة لتحديد العدد الجملي لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي سيؤدي مجددا إلى تفاوت في تمثيل الجهات والى تغليب تمثيل الشريط الساحلي على حساب الجهات الداخلية التي عانت أكثر من غيرها غياب العدالة في التنمية وأدت على امتداد العقود الماضية الى هجرة سكانها عنها نتيجة للإقصاء والتجويع والتهميش. 3- استبعاد وضع حصة لتمثيل المرأة فالمرأة مواطنة تتساوى مع الرجل في الحقوق والواجبات، ومعاملتها بنظام الحصة أو بنظام القائمة المتناصفة كما ورد ذلك في مشروع المرسوم المذكورهو مسّ بكرامتها وحطّ من مكانتها وتحقير لشأنها، هذا فضلا عن الثقافة السائدة في العديد من الجهات بالجمهورية التونسية التي لا تسمح بمثل هذا النظام، فإن كان هذا النظام ممكنا في عدد من الجهات فإنه سيؤدي حتما إلى مزيد من التفاوت في التمثيل وإلى مزيد من غياب العدالة والمساواة. 4- منع أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي من الترشح لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي تفاديا لكلّ حسابات سياسية لم تعد تخفى على أحد، وحتى لا تكون هذه الهيئة إطارا يستعد فيها أعضاؤها للانتخابات القادمة، وحتّى لا تكون مشاريع النصوص التي يتم إعدادها في السّر قبل أن تعلن على الملإ في ثوب يقدّم على أنه تحقيق لأهداف الثورة، فإن القطع مع ثقافة الوصاية والاستبداد يقتضي منع جميع أعضاء الهيئة المذكورة من التّرشّح لانتخابات أعضاء المجلس الوطني التأسيسي.