قرية المطروحة من معتمدية الفوار الواقعة على الحدود الجزائرية بعثت منذ ربع قرن تقريبا بعد توطين بعض العائلات حتى بلغ عددها 130 لكن تقلص العدد خلال العشرية الماضية لينحدر إلى 30 عائلة !!! هروب طوعي من العائلات وليس تهجيرا طرح الكثير من الاستغراب والتساؤلات لكن ما سيتم التعرف عليه لاحقا"يبشر" بهروب من تبقى. يقول الشاب عبد الرزاق الغيلوفي:" بالقرية مدرسة ابتدائية ومسجد دون سياج وتغطية صحية شبه غائبة فالمستوصف به سقف وقاعة وطبيب يزوره مرة في الأسبوع دون تحديد اليوم"، أما الشاب منصور فريجات فذكر:"باقي المؤسسات غائبة تماما إضافة لعدم إصلاح الطريق إلا من خلال هبة سعودية ومياه شرب تُجلب من عين ضارة وغير صالحة مما فرض على من استطاع إليه سبيلا شراء ماء اعتقد في صلوحيته". واقع اجتماعي كارثي في غياب بنية تحتية تأزم الواقع الاجتماعي الذي تختزله عينة لمن تبقى من العائلات قدّمت أُولاها الشابة وسيلة ثامر 20 سنة المصابة بمرض ارتخاء العضلات التي تنتمي لعائلة تتكون من 6 أفراد وتسكن غرفة مساحتها دون 10 أمتار مربعة قُسّمت بحائط صغير كعلامة للمطبخ مع بيت راحة في الهواء الطلق دون سقف وباب من بقايا الأبواب إضافة لغرفة ثانية في نفس الحجم دون تلفاز وقد طالبت وسيلة النظر بعين الرحمة لحالتها لكن لا جواب... غير بعيد يسكن العامل بلقاسم بلعيد 49 سنة له بنتان تعانيان أيضا من ارتخاء العضلات تبلغ الأولى 19 سنة حرمت من الدراسة لمرضها أما الثانية البالغة من العمر 10 سنوات فتنتظر مستقبلا شبيها بأختها الكبرى وقد أكدت أمّهما أن موضوع المرأة و حقوقها غير مطروح في المطروحة... وضعية العائلة الثالثة لسالمة مسعود معقدة أكثر فالزوج يعمل بالحضيرة و 8 فتيات إحداهن مطلقة طلبت شغلا حتى جمع الأوساخ ب"الكريطة" لكن تم رفضها وهو نفس ما طلبه المواطن سعيد ثامري صاحب عائلة من 12 فردا... المواطنة مبروكة عتيقة مقعدة جاوزت 80 سنة عبرت بمرارة عن إهمال حالتها الصحية خاصة أما زوجة ابنها فأكدت انه لضيق المنزل يكون الصراع بين أبنائها السبعة عند النوم "نح رجلك باش نحط رجلي" هذا وتحدث زوجها عم محمد عن شبه غياب المساعدات والإعانات بل أن المواطن يجبر على دفع 10 دنانير للسلطة المحلية العابثة عند مجيء أي مسؤول كبير كمعلوم غدائه !!! تواصل الهروب إن كارثية الوضع الاجتماعي بالمطروحة نتاج لتفشي البطالة حتى عند أصحاب الشهادات فهم كباقي الشباب يعملون بالحضيرة ولضحالة العائد السنوي للمقسم الفلاحي الذي يقارب الألفي دينار في حين حلُم من تملك به بأن يكون مدخوله لا يقل على 10 آلاف دينار وذلك بعد اكتشاف ما تناساه خبراؤنا وفنيونا من خلل في التربة حيث لا تتغذى النخلة حتى بالماء رغم السقي المتواصل، إذن إضافة للوضع الاجتماعي وانعدام للبنية التحتية كان الوضع الاقتصادي دافعا رئيسيا لهروب ربما يعصف بمن مازال حاميا للمنطقة ويؤكد أن التنمية فيها كانت خلال السنوات الفارطة في خدمة امن النظام قبل امن البلاد والعباد وتبقى صرخة عم محمد المدوية "قولونا عمّلوا على أرواحكم وراكم منسيين " لخير تعبير، فهل تجد صرخة أهالي المطروحة صداها لدى كل من آمن ويؤمن بحق الإنسان في التنمية وفي الحياة وبأهداف ثورة الكرامة والحرية؟