خلافا لما تعودناه من مهرجان «كان» السينمائي الدولي فإن تونس ستكون حاضرة هذا العام في الدورة الجديدة لأكبر التظاهرات السينمائية في العالم وربّما من الباب الكبير. فقد جاء في بلاغ من وزارة الثقافة يوم أمس ما يفيد بأن مهرجان "كان" الدولي قرر برمجة شريط تونسي طويل ضمن القائمة الرسمية للمهرجان ( حصص خاصة) كما لم يفوت نص البلاغ الفرصة دون أن يشير إلى ما أسماه بحدث متميز. وإذ يضع هذا البلاغ الذي أكدته شركة الإنتاج التي أنتجت الفيلم المحظوظ لما راج عن غياب تونس عن الدورة القادمة للمهرجان التي تنتظم فيما بين 11 و22 ماي القادم فإنه يعلن على الأرجح عن بداية عهد جديد في التعامل بين المهرجان والسينما التونسية وهو عهد لا نستغرب أنه كان للثورة التونسية دور فيه. مع العلم وأن مهرجان كان السينمائي الدولي قلما يسجل مشاركة فيلم عربي أو حتى افريقي في مسابقاته الرسمية خاصة منها مسابقة الأفلام الطويلة وهو بطبيعة الحال قلما يتوج واحدا من أفلام هذه البلدان بجائزته التي يتوق إليها الجميع أي السعفة الذهبية يتعلق الأمر إذن بالفيلم الوثائقي الطويل "لا خوف بعد اليوم" وهو بإمضاء مراد بن الشيخ المخرج الذي يعيش بين تونس وإيطاليا والذي له تجربة طويلة في إخراج الأفلام الوثائقية وله مشاركات في عدد هام من المهرجانات الدولية وسبق له كذلك أن قدم أفلاما قصيرة وله تجربة في الأعمال الإشهارية. الفيلم من إنتاج شركة "سيني تيلي فيلم" لصاحبها المنتج حبيب عطية وقد وقع تصويره أيام الثورة التونسية. لا هي ثورة الخبز ولا هي ثورة الياسمين ينطلق الفيلم من استنتاج مفاده أن الثّورة التونسية ليست ثمرة للبؤس ولا هي ثورة الخبز ولا الياسمين وإنّما ثورة حقيقية لجيل كامل من أصحاب الشهادات العليا. إنها كذلك ثورة شعب بشبابه وبمن هم أقل شبابا اجتمعوا كلهم في لحظة قرروا أن لا يكون فيها للخوف طريقا إلى قلوبهم متسلحين في ذلك بحبهم للبلاد وبإيمانهم بانه جاء الوقت الذي لم نعد نخاف فيه على تونس. تلك هي تقريبا الفكرة الأساسية التي نخرج بها بعد الإطلاع على ملخّص أحداث الفيلم الذي وقع الإختيار عليه ليمثل تونس في الدورة الجديدة لمهرجان كان السينمائي. وقد منح الفيلم الكلمة لعدد كبير من الشخصيات الوطنية والحقوقيين والإعلاميين والمناضلين السياسيين والمشاركين من المواطنين في مختلف المظاهرات والحركات الإحتجاجية المطالبة بالحرية والكرامة. وتجدر الإشارة إلى أنه وإن كانت قلما تتاح لتونس الفرصة للمشاركة في هذا المهرجان فإن ذلك لم يحل دون العلاقة القوية التي تجمع المهرجان بعدد من السينمائيين التونسيين فقد سبق مثلا لمفيدة التلاتلي أن انضمت إلى لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في احدى دوراته كما أن فريد بوغدير والنوري بوزيد وغيرهم غالبا ما لا يغيبون عن هذه التظاهرة. مع العلم وأن مهرجان "كان" السينمائي الدولي يخصص هذا العام لحظة لشيخ السينمائيين التونسيين الراحل الطاهر شريعة من خلال إقامة تظاهرة إحياء لذكراه دعيت عدة أسماء من السينمائيين التونسيين والعرب والأفارقة لحضورها وتقديم شهاداتها. مع العلم وأن فيلمين عربيين آخرين يشاركان كذلك في هذه الدورة, واحد مغربي والثاني لبناني وهما بإمضاء كل من المخرجتين ليلى كيلاني ونادين لبكي. أما بخصوص فيلم "منبع النساء" المشارك بالمسابقة الرسمية الذي وإن صور بالمغرب وبمشاركة ممثلات من أصل مغاربي (خاصة تونسي وجزائري ) فإنّه لا يحسب من بين الأفلام العربية نظرا لأن الفيلم من إخراج أجنبي.